ســابــك ونــيـران بـقـيـق

21/04/2011 14
عبدالله الجعيثن

لم نكن نعرف في طفولتنا غير الرياض التي ولدنا فيها ونحبها ولانزال كل الحب، ولم يكن فيها بحر، كنا لا نرى بحراً إلا في مقرر الجغرافيا الباهت، حتى التلفزيون لم يكن موجوداً، هكذا كانت طفولتي أنا وأكثر أقاربي، لهذا خرجت عيوننا إعجابا ودهشة حين رأينا البحر أول مرة في رحلة مع الأهل إلى المنطقة الشرقية من المملكة الغالية، رحلة لن أنساها، عدنا بليل فرأيت نيراناً هائلة من بعيد ، فسألت الوالد - رحمه الله- ماهذه النيران المخيفة ؟ فقال : نيران بقيق يُضرب بها المثل في دوام الاضطرام لأنها تحرق الغاز الخارج من البترول ..

هذا الغاز الثمين حولته الدولة إلى مصدر هائل للدخل والتنمية المستدامة بإنشاء مدينة الجبيل الصناعية، ثم إنشاء (سابك) التي تقتات منتجاتها الضخمة على نيران بقيق التي كانت تذهب هباء وتلوث الأجواء .. سابك؟ رحم الله من أنشأها ومن سمَّاها بهذا الاسم الفصيح ، سابك تاج الصناعة السعودية بل تاج الصناعة في الشرق كله، مبيعاتها تفوق 130 مليار سنويا، وأرباحها تقترب من 30 مليار والأهم أنها نقلت التقنية وأخرجت أجيالاً من العلماء و المهندسين و الباحثين ولا زالت تمد العالم كله بصناعتها المتقدمة التي تسهم في رقي الحضارة البشرية، (سابك) هذا الأسم الفصيح المختصر يضم عدداً كبيراً من الشركات و المنتجات التي تمخر البحار وتعبر قارات العالم بصناعتها التي نافست أعرق الشركات في العالم المتقدم .. إننا مهما قلنا في (سابك) وأخواتها في ثناء فلن نفيها حقها في فهي عمدة الصناعة و أساس التنمية المستديمة في وطننا الكريم، وكم نأمل أن تقوم لدينا شركتان مساهمتان بحجم (سابك) الأولى للمقاولات تضم كبريات شركات هذا القطاع وتطرح للاكتتاب حتى تنفذ مشاريعنا الضخمة وتدرب أبناءنا على العمل وتقوم بإنشاء المساكن أيضاً .. والثانية في قطاع الصيانة لخدمة إنجازات المملكة التاريخية حقاً.

إن الدهشة التي أخرجت عبوننا من محاجرها حين رأينا البحر أول مرة ونحن أطفال لاتزال تصيبنا ونحن كهول كلما رأينا إنجازات (سابك) وكيف تحولت نيران بقيق إلى أعمال وأموال هائلة .. هائلة جداً.