ساكسو بنك يعلن عن توقعاته للربع الثاني من عام 2011 .. سياسة التخفيف أم دون ذلك: هل هذا السؤال الوحيد الذي يتعين طرحه؟

16/04/2011 0
ساكسو بنك

شهدت السلع ارتفاعًا تمكنت من المحافظة عليه خلال الربع الأول من هذا العام، سواء كان ذلك نتيجة لاقتصاد قوي أو بسبب الآثار الجانبية للسياسات النقدية المتساهلة للبنوك المركزية - ولا سيما تلك التي تمثلت بالجولة الثانية من برنامج التخفيف الكمي QE2 التي لجأ إليها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وآثارها على الدولار الأمريكي، وخصوصًا مع فك القيد الصريح عن قبضة التضخم في الوقت الراهن، حيث انشغل واضعو السياسات في رفع مستوى التوقعات حول تطبيع أسعار الفائدة، وهو أمر تحاور لصالحه العديد من أعضاء الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة. لذا، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في الربع الثاني؛ إلى أي درجة تلقت الأسواق الدعم من برنامج التخفيف الكمي QE2 الذي تبناه الاحتياطي الفيدرالي وكيف ستتعامل الأسواق مع احتمال انتهائه في نهاية هذا الربع.

وقد كان النمو الاقتصادي قويًا في جميع المجالات تقريبًا، وهو باقٍ كذلك لغاية الآن في هذا العام، ولكن لا تبدو الصورة واضحة بشكل تام لتحفز شراء كميات ضخمة من الأصول التي تنطوي على مخاطر. وبدلاً من ذلك، فإننا سنتطلع في الربع الثاني إلى مزيد من التقلبات، وخصوصًا في ظل الثورات التي تشهدها دول الشرق الأوسط ومعاناة الاقتصاد الياباني وتوقع نهاية التخفيف الكمي مما سيجلب أحداثًا "ثنائية الاتجاه" أكثر بكثير مما شهدناه في الماضي القريب. لذلك، فنحن فتوقعاتنا متواضعة فيما يتعلق بالاتجاه الصعودي في الأسهم في حين ستشهد حالة عدم الاستقرار هدف الذهب البالغ 1500 دولار أمريكي. قد يدخل الدولار أخيرًا في محاولة لاتخاذ موقف إذا أصبح من الواضح أن سياسة التخفيف الكمي (2) QE2 سوف تنتهي دون وجود أي احتمال فوري لتبني جولة ثالثة للتخفيف QE3.

يتضمن التقرير الاستشرافي للاقتصاد العالمي في الربع الثاني تحليلاً قصيرًا للتوقعات حول أداء الاقتصاد العالمي خلال الربع الثاني من هذا العام.

تعليق السوق: هل ستتمكن المخاطر من الوقوف على قدميها في ظل غياب سياسة التخفيف المالي؟

أجبر الركود الاقتصادي العالمي البنوك المركزية في العامين 2008/2009 أن تصبح خلاقة. ومع ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي وإصابة أسواق الأسهم بالذعر، عملت البنوك المركزية جاهدة لابتكار مجموعة متنوعة وكاملة من الحلول، حيث التخفيف الكمي أحد هذه الحلول. وفيما يتعلق بالولايات المتحدة فقد تم تمديد فترة تفعيل هذه السياسة حتى في أواخر عام 2010، مما أثار موجة من الانتعاش والصعود في مؤشرات الأسهم والسلع الأساسية على وجه الخصوص.

من ناحية أخرى، ومع توجه الانتعاش الذي يشهده الاقتصاد العالمي نحو تحقيق توسع متكامل على ما يبدو، يتقدم التضخم باعتباره زائرًا غير مرغوب فيه يطرق أبواب الاقتصاد. وأبدت الأسواق رد فعل سريع ويتم حاليًا وضع معدلات أسعار يشوبها ارتفاع في معظم الاقتصاديات الرئيسة. وبهذا، فإن السؤال الذي يبرز هنا: هل بإمكان المخاطر الوقوف على رجليها، خاصة بعد إزالة وعاء الدعم؟

لقد حظيت الأسهم في أواخر عام 2010 بزيادة استندت جزئيا على تحسين الأساسيات، ولكن لا يمكننا إلا أن ننظر إلى الزيادة باعتبارها رد فعل على الوعود التي أدلى بها الاحتياطي الفيدرالي بإبقاء أسعار الفائدة منخفضة وتوفير ما يكفي من السيولة لطالما كان ذلك مطلوبًا لدفع "أثر الثراء" قدمًا في ظل الزيادة في معدل الاستهلاك، في الوقت الذي يرى فيه الأمريكيون قيمة الارتفاع في محافظهم الاستثمارية. هل ستتمكن التقييمات الحالية للأسهم من المحافظة على مستوياتها ضمن بيئة تفتقر إلى "السيولة المجانية المتوفرة للجميع"؟

وتمامًا كما فعل الآخرون، فقد تأثرنا بالتصريحات المتشددة التي صدرت عن البنك المركزي الأوروبي، والتي بدت سياسية أكثر من أي شيء آخر، خصوصًا بالنظر إلى معدل التضخم الأساسي المنخفض حاليًا في منطقة اليورو، لكن بالنسبة لأكبر اقتصاد في العالم، فنحن نرى أن الارتفاعات لن تمثل خيارًا مطروحًا هذا العام، بل عوضًا عن ذلك، فإننا نتساءل ما إن كان الاحتياطي الفيدرالي بقيادة بيرنانكي سوف يشارك في الجولة الثالثة من برنامج التخفيف الكمي. لم يُقدِم الكونجرس الجديد على فعل أي شيء لوقف تجارب بيرنانكي، ويبدو كما لو كان بنك الاحتياطي الفيدرالي في انتظار تجدد الضعف الاقتصادي ليحصل على حجج كافية تدعم توفير المزيد من التخفيف النقدي. لا بد من التأكيد هنا على أن آرائنا الدورية المتفائلة والمتجهة صعودًا فيما يتعلق بالدولار الأمريكي لا تعتمد فقط على توقعاتنا حول تفوق أداء اقتصاد الولايات المتحدة هذا العام، ولكن أيضًا على فشل بنك الاحتياطي الفيدرالي في حفز الجولة الثالثة من برنامج التخفيف الكمي.

وقد تم توجيه الكثير من الاهتمام المبرر للخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات الناجمة عن الزلزال والتسونامي الذي ترتب عليه في اليابان، ولكن بالرجوع إلى اعتبارات الاقتصاد وحدها، فإننا لا نتوقع أن تؤدي الأحداث إلى عرقلة النمو العالمي الذي نتوقع أن تصل نسبته إلى 4.2 بالمائة في 2011. بدلاً من ذلك، فإن الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي التي تشكل مثارًا أكبر بكثير للقلق، وخصوصًا إذا رافقتها انخفاضات في النفط المورد من غيرها من الدول، مما يتسبب في تأثر أسعار النفط بمزيد من الارتفاع؛ وحينها قد تكون توقعاتنا حول الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد العالمي مفرطة في التفاؤل. وفي ظل غياب التوسع في الانتفاضة الليبية، فإن توقعاتنا بشأن النفط الخام حاليًا هو أنه ينبغي أن يتراوح بين 90-110 دولار أمريكي للبرميل (وهو معدل يزيد عن تقريرنا الاستشرافي السنوي).

وفي نفس الوقت، لا يمكن اعتبار الناتج المحلي الإجمالي الجانب الوحيد الذي تأثر بتلك النتيجة. فقد كانت تحذيراتنا حول الارتفاعات الدورية المتحققة في هوامش الشركات حتى الآن سابقة لأوانها، إلا أن الضغط على أسعار المدخلات تتزايد في جميع أنحاء العالم، وإذا لم تتمكن للشركات من إحالة تلك الأسعار للعملاء- الأمر الذي من شأنه رفع مؤشر أسعار المستهلك وتشجيع البنوك المركزية على رفع الفائدة- فإنه من المتوقع أن يطرأ تباطؤ على نمو الأرباح مع تقدمنا أكثر خلال العام. ولذلك فإن تفاؤلنا فيما يتعلق بالأسهم يتسم بالتواضع.

ولقد توقع تقريرنا الاستشرافي السنوي أن تنطوي الصين ومنطقة اليورو على حد سواء على مخاطر محتملة، ولم يتم لغاية الآن حل تلك المشاكل بعد، فبدلاً من ذلك، تتمتع البرتغال بالأمان نوعًا ما، إلا أن الحفاظ على ذلك المستوى من الأمان مرتبط باستمرارية خطة الإنقاذ، مع إعطاء السندات المحمية أشهر عديدة للتحضير لهجوم على أسبانيا. وبالنسبة للصين، فقد تم الحفاظ على النسبة التي قلّت عما كنا قد أجمعنا عليه فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي حيث بلغ 8 بالمائة.

ويقوم بنك الشعب الصيني برفع معدلات الفائدة وأسعار السلع الاستهلاكية بالنسبة الأقصى المحددة يوميًا في حين أن سوق العقارات يتباطأ جنبًا إلى جنب مع القروض الجديدة – وهذا في رأينا لا يمثل المزيج الأمثل لتحقيق نسبة نمو 10 بالمائة. نطلب منكم ربط أحزمة الأمان؛ فسمة التقلب تنوي البقاء هنا!

نظرة مستقبلية على الاقتصاد الكلي: رغم الزلازل: التوسع العالمي في مساره الصحيح

من الواضح للعيان أن التوسع في الاقتصاد العالمي يتسم بالمرونة، حيث حل "التوسع" محل "التعافي" عندما يقوم النقاد والخبراء على حد سواء بوصف صورة الاقتصاد الكلي. ونحن نتفق مع ذلك إلى حد كبير؛ مع بعض التحفظات من جانبنا حول هذه الصورة الوردية كما هو مبين أدناه حول توقعاتنا التي تقل في معظم الأحيان عن الآراء المجمع عليها فيما يتعلق بالاقتصادات الرئيسة. وبعبارة أخرى، من المتوقع أن يستمر النمو القوي في الاقتصاد العالمي خلال الربع الثاني، وأن تصل نسبته الأعلى إلى 4.2 بالمائة هذا العام.

الولايات المتحدة: هل بإمكان المستهلك المحافظة على الزخم؟

نتوقع أن يتفوق اقتصاد الولايات المتحدة في أدائه على الاقتصادات الرئيسة الأخرى في عام 2011 ونكرر موقفنا الذي أبديناه في التقرير الاستشرافي السنوي حول قدرة المستهلك على المساهمة بقوة في الاقتصاد عن طريق زيادة الإنفاق.

ونتوقع أن الولايات المتحدة سوف تنمو نموًا سليمًا خلال الربع الثاني، ويُعزى ذلك إلى اعتقادنا بأن المستهلك سوف يكون قادرًا على إعادة رفع ميزانيته من حيث القيم الاسمية، وبالتالي زيادة الاستهلاك. ولا يزال ذلك يُمثل جزءًا من عملية تقليص المديونية الثقيلة طالما كان الدخل - أو صافي الأصول- ينمو بوتيرة أسرع من الخصوم.

وقد كان قطاع الصناعات التحويلية واحدًا من المساهمين الرئيسن في عملية النمو في العام الماضي، حيث أعاد تجهيز المخزون بالتزامن مع الانتعاش الذي شهده الاقتصاد. وسيكون تأثير هذا الجزء من الاقتصاد على النشاط الاقتصادي أكثر تحفظًا في عام 2011، إلا أننا نعتقد بأنه ينبغي على المستهلك تحمل أعباء العمل الإضافية، حسب رأينا.

وقد أصيب موقفنا الهبوطي حول معدل البطالة الذي بيّناه في التقرير الاستشرافي السنوي لعام 2011 في مقتله عندما انخفض المعدل من 9.8 بالمائة في نوفمبر إلى 8.9 بالمائة في فبراير. ومع ذلك، فإننا نعتقد بأن الوضع لا يزال على حاله حيث يتعين أن يشهد مستودع الأيدي العاملة ارتفاعًا في ظل الزيادة في فرص العمل المرتقبة، والتي ستشكل بدورها دعمًا يعمل على خفض معدل البطالة. من المتوقع أن التغييرات في قوائم رواتب الوظائف غير الزراعية ستظل عالقة في نطاق 150,000 خلال الربع الثاني، بالرغم من وجود بعض المخاطر النظامية الإيجابية.

كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في الاقتصادات الكبرى والتي أصدرت أيضًا صيحات تحذير من ارتفاع معدلات التضخم. ولكن مع اتسام عملية تخفيض الديون المرهقة بالاستمرارية، وفي ظل وجود كمّ هائل من القدرات الفائضة ونمو سلس في الأجور، فنحن نمتنع عن الانضمام إلى تلك الصيحات ونتوقع زيادات معتدلة فقط في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية.

منطقة اليورو : هل بإمكان ألمانيا الاضطلاع بهذه المهمة؟

حيث أن العديد من دولPIGS (البرتغال وأيرلندا واليونان وأسبانيا) لا تزال غارقة في الركود، وذلك بعد أن أضحت الرياح المعاكسة الناتجة عن تدابير التقشف أكثر وضوحًا، فإن الرسالة التي تضمنها تقريرنا الاستشرافي السنوي أصابت تمامًا: يستطيع المزارعون (راجع: ألمانيا) إبقاء منطقة اليورو قادرة على القيام بالتزاماتها بنفس القدر الذي سيتم فيه تحقيق النمو في الربع الثاني. ولكن لا نزال غير قادرين على تحديد الكيفية التي يُمكن للمستهلكين بها تولي زمام الأمور على نحو متزايد ومن ثم الاضطلاع بمسئولية اقتصاد منطقة اليورو في ظل وجود المزيج غير المحبذ من ارتفاع مستويات الديون الخاصة وارتفاع معدلات البطالة وانخفاض النمو في الأجور والنمو المتباطئ في التجارة الخارجية، وهي جميعها لا تزال تشكل جانبًا من جوانب الحياة اليومية.

لقد قمنا بتعديل توقعاتنا حول الناتج المحلي الإجمالي الواردة في تقرينا السنوي، وذلك برفعه ليصل إلى 1.5 بدلاً من 1.4 بالمائة، ولكن مع الاحتفاظ برأينا في أن هذا النمو سوف يشهد تباطؤًا خلال العام، وبأن ذلك سوف يشهد تضخمًا فقط في حال استمر البنك المركزي الأوروبي في رفع سعر الفائدة حسبما أشار في جلسته الأخيرة، ويشكل ما سبق الآن جزءًا من توقعاتنا حول معدلات السياسة النقدية. أزمة الديون السيادية لا تزال بدون حل، مع كون الاتحاد الأوروبي لا يزال يحاول حل مسألة العجز التي يرافقها مزيد من الديون، مما يضيف على توقعاتنا هاجس المخاطر السلبية.

المملكة المتحدة. : الضبط المالي يترك أثرًا

يمر الاقتصاد البريطاني حاليًا في مرحلة انتقالية تم فيها وضع العجز العام الذي لاح في الأفق تحت السيطرة. وسيشكل ذلك عائقًا في وجه النمو خلال الربع الثاني ولغاية النصف الثاني من السنة، على الرغم من توقعاتنا بأن التأثير على الاقتصاد سوف يتلاشى بعد أن يتكيف مع تلك التغييرات. ونحن نتفق مع التدابير المتخذة من قبل الحكومة التي يقودها كاميرون، ولكن نشدد على توقعات العجز العام ستستمر لسنوات قادمة. وبعبارة أخرى، لن تشهد المملكة المتحدة انتقالاً مفاجئًا بين ليلة وضحاهاـ بل سوف تحاول فعل لك تدريجيًا.

سوف تعرقل الزيادة في الضرائب والتخفيضات على الميزانية مسيرة النمو، إلا القطاع الخاص مستمر في إظهار المرونة لغاية اللحظة، وهو ما يشكل جانبًا رئيسا حتى يتمكن اقتصاد المملكة المتحدة من العودة إلى مساره مرة أخرى مباشرة بعد أن تختفي الآثار السلبية لتدابير التقشف. انخفضت توقعاتنا حول الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام إلى 1.6 بالمائة، ولكن لا يزال من المتوقع أن ينهي المعدل هذه السنة على نحو معقول. وسوف تؤثر التوقعات غير المتفائلة تمامًا في سوق العمل حيث ثبت معدل البطالة على ما يقرب 8 بالمائة، في حين يتوقع أن يبقى مؤشر أشعار المستهلك متجهًا نحو الشمال بنسبة 4 بالمائة في الربع الثاني. ومع ذلك، ينبغي أن يتخلى التوجه نحو الأسعار التي ستسود النصف الثاني عن بعض المكاسب الأخيرة باعتبار ذلك آثارًا مؤقتة من تلاشي تدابير التقشف.

اليابان: الزلزال وموجات التسونامي والانصهار الانهياري في المفاعل النووي جميعها تدق ناقوس الخطر

أدى تزامن العديد من الكوارث في آن معًا إلى تشكيل ما أشار إليه رئيس مجلس الوزراء كان باعتباره "أسوأ أزمة منذ الحرب العالمية الثانية"، إلا أنه، وبذات الدقة التي تعود بها عقارب الساعة إلى العمل، لم يستغرق النقاد وقتًا طويلاً قبل أن يبدو سعادتهم ويقرروا بأن الضربة الثلاثية- والتي لا تزال بالطبع تشكل كارثة- قد تكون في الواقع أمرًا جيدًا لأرض الشمس الساطعة التي يسيطر عليها الانكماش الاقتصادي. من الواضح غياب المنطق في ذلك الرأي، مع أننا نعترف بأن الناتج المحلي الإجمالي قد يشهد معدلات نمو أعلى مع تقدمنا في هذا العام، إلا أن هذا الواقع من شأنه زيادة أوجه القصور في الناتج. وبدلاً من ذلك، فإن الكارثة سوف تعني أنه يتوجب على اليابان الآن قضاء سنوات عديدة في إعادة البناء، مما يعني استخلاص الموارد من مساعي إنتاجية أخرى، مع الإبقاء على دقات ساعة الديون.

ويبقى السؤال الرئيس الذي ينبغي توجيهه للاقتصاد الياباني في الربع الثاني هو مدى تأثر الناتج المحلي الإجمالي بالدمار، بما في ذلك النقص في موارد الطاقة، والذي يجعل من زلزال 11 مارس منفصلاً بآثاره عن ذلك الذي شهدته اليابان في عام 1995. تعتمد توقعاتنا على الافتراض القائل بأن تأثير النقص في الطاقة سوف يظهر بشكل جوهري في النصف الأول من العام- إلا أن المخاطر السلبية الناتجة من توقعاتنا ستظهر بوضوح في حال طالت فترة الشح في موارد الطاقة وامتدت لغاية الربع الثالث من العام وما بعد ذلك. ومقارنة مع توقعاتنا بشأن الناتج المحلي الإجمالي التي بلغت 1.3 بالمائة في تقريرنا الاستشرافي السنوي لعام 2011، فإننا نتطلع الآن إلى ما نسبته 0.7 بالمائة فقط.

أسعار الفائدة لعام 2011 المحددة من قبل السياسة النقدية

السياسة النقدية في الولايات المتحدة

أعلنت لجنة السياسة النقدية التابعة لبنك الاحتياطي الفيدرالي واللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة عن نتائج اجتماعها الأخير الذي عقد في 15 مارس، إلا أن البيان الذي رافق الإعلان لم يكن له أي تأثير لتغيير توقعاتنا حول بقاء سعر فائدة التمويل الفدرالي ثابتة دون تغيير طوال عام 2011. ولن يشكل ذلك أمرًا مفاجئًا، بالنظر إلى المشكلات الكارثية الثلاثة المحتملة والتي قد تعرقل مسيرة تعافي الاقتصاد في الولايات المتحدة وفي العالم أيضًا، وتحديدًا الانتفاضات الشعبية التي تشهدها منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودويّ أزمة الديون في منطقة اليورو، والأحداث المروعة التي شهدتها اليابان.

وقد توصلت اللجنة إلى اتفاق جماعي مفاده أن ظروف الاقتصاد "سوف تضمن مستويات منخفضة بشكل استثنائي لأسعار الفائدة على التمويل الفيدرالي ولفترة طويلة"، مبقية على سياسيتها في إعادة الاستثمار في العوائد المستحقة الناتجة عن الاستثمارات القائمة. كما لم يتم إثارة أية أسئلة حول تقليص الجولة الثانية من برنامج التخفيف الكمي قبل صرف كامل مبلغ الـ 600 مليار دولار.

ولقد ورد العديد من التحديثات الطفيفة حول وصف اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة للنشاط الاقتصادي، إلا أن أيًا منها لا يمكن اعتباره بأنه يتضمن رسائل خفية تنذر بتغيير وشيك على السياسة. ووفقًا للبيان، فإن اللجنة شعرت بأن الانتعاش الاقتصاد الآن "أكثر رسوخًا"، على عكس التصريح السابق الذي وصف الانتعاش باعتباره "مستمرًا"، وبدلاً من القول بأنه "غير كاف لإحداث انخفاض ملموس في ظروف سوق العمل"، وصف البيان سوق العمل بأنه "يتحسن تدريجيًا". وقد أشير إلى التدابير الخاصة بالتضخم الضمني بوصفها "مضبوطة" بدل "تتجه نحو انخفاض"، وقد يكون التعليق الأكثر تشددًا في البيان هو الالتزام "بإيلاء اهتمام وثيق بنمو حجم التضخم والتوقعات المتعلقة به".

لنأخذ بالاعتبار الآن التهديدات التي تستهدف الانتعاش الاقتصادي؛ واحدًا تلو الآخر، فقد شكل إسقاط الطغاة في تونس ومصر، وحتى الاضطرابات في ليبيا، أحداثًا ثانوية للأسواق المالية، وذلك بالنظر إلى التأثير المحدود عالميًا، بما فيه التوقف الكامل لصادرات النفط الليبية؛ حيث تنشأ المخاوف الحقيقية من احتمال انتشار المشاكل لتصل إلى المملكة العربية السعودية وإيران والجزائر، مما أدى إلى تحفيز الارتفاع في أسعار النفط الخام. وفي نظر اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، فإن المعضلة المحتملة حول إن كان يتوجب عليها أن تقلق أكثر من تأثير أسعار النفط على الإنفاق الاستهلاكي وربحية الشركات أو التركيز بدلاً من ذلك على الآثار التضخمية، سوف تحل بسهولة. ويشير تكليف اللجنة المزدوج والمتمثل في السعي نحو تحقيق أعلى مستوى ممكن من تناسب العمالة مع الأسعار المستقرة بأنها سوف "تنظر" بشكل ثابت في أي زيادة في التضخم قصيرة الأجل يحركها النفط، معتبرةً تلك الزيادة عابرة مع تخوف محدود بشأن الآثار المقلقة من حدوث"جولة ثانية"، حيث يغذي التضخم الرئيس الطلبات المفرطة على الدفع مما قد يخلق دوامة في الأجور/الأسعار.

وتستمر أزمة الديون في إقلاق منطقة اليورو، مع انخفاض التركيز عليها وانتقالها إلى الصفحات الوسطى بعدما تصدرت العناوين الرئيسة، ويعزى ذلك أولاً إلى الاضطرابات السياسية في أفريقيا/الشرق الأوسط ومن زلزال اليابان، إلا أنه من المقدر لها حتمًا أن تتصدر مسرح الأحداث مرة أخرى خلال الأشهر القادمة. ويظهر للعيان بصيص من الضوء في أعقاب مداولات رؤساء دول منطقة اليورو في اجتماعهم الخاص الذي انعقد بتاريخ 11 مارس، والذي تم فيه الاتفاق على العديد من الأمور، من ضمنها زيادة القدرة الإقراضية العملية للصندوق اﻷوروﺒﻲ للحفاظ على الاستقرار اﻟﻤﺎﻟﻲ من 250 مليون يورو إلى المبلغ المحدد أصلاً بـ 500 مليون يورو.

ومع ذلك، فإننا نرى أن هذا الضوء في جميع الاحتمالات المثبتة في مقدمة سلسلة برامج الإنقاذ القادمة في نهاية المطاف للبرتغال واحتمالات التعثر في كل من اليونان وأيرلندا، مما سيؤدي إلى الضغط المتزايد على أسبانيا التي تعبر فيل منطقة اليورو الضخم الذي يصعب احتوائه. والوضع المحتمل حاليًا هو أن تبذل الدول الأكثر غنى في منطقة اليورو ما في وسعها لمحاولة تجنب أية تعثرات على الصعيد السيادي إلى حين ظهور آلية الاستقرار الأوروبي في 2013 والتي تمخضت عن الصندوق اﻷوروﺒﻲ للحفاظ على الاستقرار اﻟﻤﺎﻟﻲ، وتمامًا كما هو الحال قبل ذلك، سوف يتم تصنيف الدول الضامنة للصندوق بالتساوي مع جميع حاملي السندات الأخرى، في حين إنها ستتخذ مراتب أولى في ظل آلية الاستقرار الأوروبي وستتكبد خسائر من بعد دائني القطاع الخاص فقط.

وتكمن المشكلة في أن المستثمرين على علم بذلك، وسوف يخصمون النتائج الحتمية لهذه المسألة مباشرة المتمثلة في أن تعلق تكاليف الإقراض في البرتغال في مستوى يفوق 7%، وتتحدث ببلاغة بالنيابة عنهم.

وأخيرًا، ينبغي أن نتطرق مجددًا إلى زلزال اليابان وتداعياته المتمثلة في التسونامي والأزمة النووية. تتراوح التقديرات حول التكاليف النهائية التي ستتكبدها اليابان نتيجة للكارثة ما بين 50 و150 مليار دولار أمريكي، ويبدو الفتور الاقتصادي حاليًا أمرًا محتمًا لدى تطبيق التعريف المقبول عمومًا لذلك، وهو مواصلة تحقيق الناتج المحلي الإجمالي لنتائج سلبية على مدى ربعين متواليين. وسوف يتبع ذلك تراجع سببه فترة إعادة الأعمار، وهو ما حدث بالضبط بعد زلزال كوبي في عام 1995. إلا أن مصدر قلقنا في هذه المسألة يتمحور أيضًا حول الآثار العالمية، وأقلها الانقطاع في سلسلة التوريد. وسوف تظهر تلك الآثار بصورة أكثر وضوحًا في قطاعي السيارات والالكترونيات، فعلى سبيل المثال، تغطي اليابان ما نسبته 30% من احتياجات العالم من فلاشات الذاكرة (المستخدمة في إنتاج الهواتف الذكية والكاميرات).

ويبدو ذلك جليًا أكثر بالنسبة للمخاطر الملموسة في مواجهة الانتعاش العالمي. وقد يكون مصدر القلق الرئيس الذي يتعين علينا أخذه بالحسبان فيما يتعلق باقتصاد الولايات المتحدة هو كون الاستهلاك يمثل 70% من إنتاج الولايات المتحدة.

إن مزيج المخاوف المرتبطة بكل ما سبق، مقروًنا بالبطالة التي لا تزال مقدرة بحوالي 9٪، يعني بالتأكيد أن الدراسات الاستقصائية التي أجريت في مارس حول ثقة المستهلكين سوف تظهر تدهورًا ملحوظًا. في الواقع، ربما كانت البوادر الأولى لذلك الإعلان المبدئي عن نتائج دراسة جامعة ميشيغان حول مقدار الثقة لشهر مارس التي أظهرت أن نسبة الثقة كانت 68.2 في مقابل توقعات بلغت 76.3.

ومع الضعف الشديد الذي لا يزال سوق الإسكان الأمريكي يعاني منه، نشعر بأن الاحتياطي الفيدرالي سوف يستمر في تعليق الأسعار حتى نهاية 2011 على الأقل، إلا أنه من المحتمل جدًا أن تستمر تلك الأسعار لغاية 2013.

السياسة النقدية في منطقة اليورو

ها هو قد فعلها مرة أخرى! أو هدد بذلك على أقل تقدير. ففي تكرار لأدائه في شهر يوليو من عام 2008، عندما رفع البنك المركزي الأوروبي أسعاره قبل عدة أسابيع من إفلاس ليمان، وعندما كان النظام المالي في العالم يقف على حافة النسيان، بدا البنك المركزي الأوربي مرة أخرى وكأنه عازم على إثبات موقفه الذي كان على صراع مع التضخم في حين كان رئيسه م. تريشيه الذي أشار خلال المؤتمر الصحفي الذي انعقد بعيد الاجتماع الشهري إلى أنه وزملائه يتخذون "موقفًا بالغ الحذر" فيما يتعلق بالتضخم في منطقة اليورو- وذلك في عبارة للبنك المركزي الأوروبي تُعد الأكثر إثارة للمخاوف، والتي استخدمت في استشراف الارتفاع الوشيك في أسعار الفائدة.

وقد أحبطت تلك المساعي فيما يتعلق بالرغبة في رفع الأسعار العام الماضي بسبب أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، حيث يتساءل المرء إن كان الزلزال الياباني و/أو التصعيد في الاضطرابات التي تعم منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما عند الحديث عن التدخل التدريجي للمملكة العربية السعودية في تلك الأحداث، سيكون له تأثير مماثل على هذا الحماس غير العادي هذه المرة. من ناحية أخرى، فإن التكليف الصادر عن البنك المركزي الأوروبي يستهدف فقط إبقاء معدلات التضخم دون، ولكن قريبة من، 2 ٪، وعلى النقيض من بنك الاحتياطي الفيدرالي، لن يكون البنك المركزي الأوروبي مرتاحًا للغاية "للبحث في" ارتفاع التضخم الرئيس الناجم عن الارتفاع في أسعار النفط، وسوف يتجاهل أيضًا التهديدات التي تواجه النمو.

نعترف بأننا فوجئنا بالتحول الذي طرأ على الأحداث، ونقول هنا بأن الأمور تبدو الآن معلقة في الميزان، مع فرصة تصل إلى 50٪ على الأقل بأن الأسعار سترتفع قبل نهاية الربع الثاني وبالتالي ورود احتمال مماثل لتحقيق مستهدف بنسبة 1.75٪ لسعر إعادة التمويل بحلول نهاية عام 2011.

السياسة النقدية في اليابان

لقد تولد لدينا شعور دائم بعدم وجود أي احتمال على الإطلاق لرفع أسعار الفائدة عن مستواها الحالي البالغ 0.1٪ خلال عام 2011، وبطبيعة الحال، فإن أحداث 11 مارس المأساوية تعزز هذا الرأي، إلى جانب احتمال أن يباشر بنك اليابان بتطبيق برنامج شامل للتخفيف الكمي، وذلك للتصدي لقوة الين على الأقل والتي قد تنشأ من تدفقات العودة إلى الوطن. ولكن يتعين هنا أخذ الحذر، فالبنك المركزي الياباني سيعمل في الواقع على تسييل الديون الضخمة المستحقة على الحكومة اليابانية.

السياسة النقدية في المملكة المتحدة

شهدت مؤخرًا لجنة السياسة النقدية المنبثقة عن بنك إنجلترا انقسامات بين مؤيدي الرفع الفوري للأسعار بمقدار 0.25% أو 0.50% والغالبية التي لا يزال لديها تخوفات حول عدم تمكن الاقتصاد من تحمل معدلات أعلى في مواجهة سياسة التقشف المالي الشاملة التي ينفذها تحالف المملكة المتحدة، بل وترى تلك الغالبية أن التضخم سوف يعود إلى المستهدف البالغ 2٪ على المدى المتوسط.

وعلى الرغم من التطورات الجغرافية السياسية والاقتصادية التي ناقشناها مطولاً أعلاه، ناهيك عن الكوارث التي تعاني منها اليابان، لا بد من القول بأنه تم تجنب الارتفاع بصعوبة؛ ولكننا نعتقد ان لجنة السياسة النقدية ستترك أسعار الفائدة معلقة على معدل 0.5٪ خلال عام 2011.

نظرة استشرافية على العملات الأجنبية: تحديات حاسمة في مواجهة العملات الرئيسة

ينبغي أن تشهد الفترة الممتدة حتى نهاية هذا العام تقلبات كبيرة في العملات، حيث سيكون في مواجهة العملات الثلاث الرئيسة تحديات ضخمة خلال الربع القادم. ومن الأمثلة على تلك التحديات؛ في الولايات المتحدة مثلاً: كيف سيتم التعامل مع الاحتياطي الفدرالي تحسبًا للتخلص التدريجي من المرحلة الثانية من برنامج التخفيف الكمي، وهل سيصدر عنه تلميحات حول تبني جولة ثالثة أو أكثر للتخفيف الكمي؟ في أوروبا: هل ستتمكن أوروبا من التمسك بتصميمها لإنقاذ دول PIGS (البرتغال وايرلندا واليونان وأسبانيا) وهل ستظهر تلك الدول إشارات بشأن رفض خطة الإنقاذ في صالح الاحتفاظ بسجل نظيف؟ وفي اليابان: وعلى الصعيد المالي، كيف ستتمكن اليابان من مواجهة الدمار جراء زلزال 11 مارس وأمواج التسونامي الرهيبة؟ ويبقى السؤال الأكثر أهمية في أي مكان آخر في العالم هو إن كان النظام الصيني سوف يكون قادرًا على تدبير آلية سلسة للإقراض في محاولة منها لرأب الصدع الذي يعاني منه اقتصادها المحموم الذي أفرط في الاعتماد على الاستثمار في الأصول الثابتة وفقاعة العقارات التي لا هوادة فيها . تتمحور الرهانات الكبرى من جميع أنحاء العالم حول هذه المواضيع، وقد كان التراجع في تقلبات العملات الأجنبية الذي كان قد وصل إلى أدنى مستوياته في عدة سنوات في أوائل مارس مقياسًا يعتمد عليه بأي حال من الأحوال لبيئة السوق خلال الفترات الربعية القادمة، حيث سيكون على الأرجح بمثابة فترة من الهدوء قبل هبوب العاصفة. ينبغي أن توفر الفترة المتبقية من عام 2011 الكثير من المفاجئات النارية، حسبما تشير إليه المواضيع التي تسيطر على المرحلة الراهنة.

إعادة النظر في توقعات 2011

يبدو العالم مختلفاً جدًا عما كان عليه عندما بدأنا في إعداد التقرير الاستشرافي لهذا العام. فقد عمل اثنين من الزلازل المدمرة على تغيير المشهد في كل من نيوزيلندا واليابان على وجه الخصوص من حيث الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات على حد سواء، ونظرًا للتحديات المالية الكبيرة، مما أدى إلى ظهور المآسي الحالية للعيان. وفي الوقت نفسه، لم يقتصر آثار الثورات التي هزت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على السياسة العالمية فحسب، بل امتدت الآثار أيضًا لتشمل الطاقة وجميع الأسواق الأخرى إلى جانب الآثار المترتبة عليها.

وبعد إعادة النظر في توقعاتنا لهذا العام، تمثلت أولى النقاط الرئيسة في اعتقادنا بأن أسعار الأسهم، وبالتالي القابلية للمخاطر، ستواجه وقتًا صعبًا للارتفاع بالتزامن مع عائدات السندات وأسعار السلع الأساسية كما كان عليه الحال في أواخر عام 2010. وفي نهاية المطاف، نرى بأن الارتفاع في عائدات السندات أو الارتفاع في أسعار المدخلات الرئيسة (ولا سيما عند الأخذ بعين الاعتبار الفجوة الملحوظة في الناتج) سيكون بمثابة الرادع تجاه الأخطار، وخصوصًا في الأسواق الناشئة بسبب ارتفاع نسبة تعرض الفرد لأسعار السلع الأساسية. وفي الواقع، شهد الارتفاع الإضافي على أسعار السلع في بداية هذا العام إصابة العديد من عملات الأسواق الناشئة بضربات، إلى جانب أسواق الأسهم الخاصة بها والتي كانت ضعيفة الأداء أيضًا. ومن الواضح أن التغيرات المفاجئة وقصيرة الأجل على أسعار المواد الغذائية قد ساهمت على الأقل في تكوين الشرارة التي أشعلت الثورات في شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.

سيستمر مسار أسعار السلع الأساسية في الربع الثاني في كونه يشكل عاملاً حاسمًا، وخصوصًا عند الحديث عن أسعار الغذاء والطاقة. ولكن حتى مع الابتعاد عن أسعار السلع الأساسية، نتوقع أن تصبح معظم العملات السائد استخدامها في دول مجموعة العشر أكثر تقلبًا وخصوصًا أن القضايا التي تدفع وتجذب عجلة السوق لم تعد محاذية بشكل واضح وصحيح لمحور القابلية للمخاطر (على الرغم من أن القابلية للمخاطر لا تزال تشكل قضية عامة وكبيرة) تمامًا كما كان عليه الحال أثناء أزمة 2008-2009 وفي أعقابها. نقوم هنا بإجراء تحديث على توقعاتنا وتقريرنا الاستشرافي حول جميع عملات مجموعة العشر للربع المقبل والفترة التي تليه، مما يشكل ممارسة تنطوي بحد ذاتها على تحدي من نوع خاص خصوصًا عندما كنا في خضم مراحل إعداد هذا التقرير في هذه الأيام العصيبة التي تلت كارثتي الزلزال والتسونامي في اليابان.

الدولار الأمريكي واللجوء إلى سياسة التخفيف الكمي إلى ما لا نهاية

طرحنا في تقريرنا الاستشرافي السنوي سؤالاً حول إن كان الدولار سيجد نفسه هذا العام في وضع مربح لكافة الأطراف، حيث أن معدل القابلية للمخاطرة قد يشهد انخفاضًا مصحِّحًا في وقت لاحق من هذا العام (الدولار مرتبط ارتباطًا سلبيًا مع المخاطر منذ سنوات ولغاية الآن)، وحول الأداء المتفوق نسبيًا للاقتصاد الأمريكي الناجم عن بعض المحفزات التي ووفرها بنك الاحتياطي الفيدرالي وإدارة أوباما. وبدلا من ذلك، شاهدنا وبوضوح الخسائر التي مست كافة الجوانب. لقد تراجع الدولار الأمريكي ببطء زاد في أحيان وقل في أحيان أخرى في بداية العام- أولاً مع ارتفاع معدل القابلية للمخاطر، في حين كانت البنوك المركزية الأخرى منخرطة في إعداد الخطابات المتشددة بشكل متزايد، في الوقت الذي لا يزال فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ملتزمًا بوضوح باستكمال الجولة الثانية من برنامج التخفيف الكمي (QE2).

وعندما تعثرت في النهاية القابلية للمخاطر، فقد عُزي ذلك للاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط وأسعار النفط التي تشهد تغيرات مفاجئة، جنبًا إلى جنب مع الآثار السلبية على الولايات المتحدة الناشئة عن اعتمادها على واردات النفط الخام والمخاطر التي يتعرض لها الدولار والناشئة عن تنويع الاحتياطي من الأرباح الهائلة في عملات البترول وغيرها، وخلال تلك الفترة، كانت المسألة المتداولة والمناوئة للدولار هي الغياب الكامل لمصداقية لاحتياطي الفيدرالي بشأن استجابة السياسة النقدية لخطر التضخم وتمسكه بسياسة مالية سهلة.

ومع المضي قدمًا، تصبح الآمال الوحيدة المتبقية للدولار متمثلة في اتجاهين: أولهما الضعف الاقتصادي النسبي الذي تشهده أجزاء أخرى من العالم والذي يفرض إجراء إعادة تقييم لاستجابة سياسة البنوك المركزية الأخرى التي يتناسب وضعها مع البنك الاحتياطي الفيدرالي، وثانيهما إنهاء الجولة الثانية من برنامج التخفيف الكمي وصرف النظر عن أية مساعٍ للتحرك نحو جولة ثالثة أو أكثر. تعتمد الأسواق في طبيعتها كثيرًا على استشراف المستقبل ورغم أن من المقرر إنهاء الجولة الثانية من برنامج التخفيف الكمي مع نهاية الربع الثاني، فقد تم بالفعل اتخاذ الاحتمالات الخاصة بالجولة الثالثة من برنامج التخفيف والجولات التي قد تليها. ولما لا؟

لم يُقدِم الكونغرس الجديد، الذي كنا نتوقع أن يقدم وجهًا أكثر صرامة لبنك الاحتياطي الفيدرالي في ظل قيادة برنانكي، على فعل أي شيء تقريبًا لوقف طبع النقود أو حتى إظهار دلائل على أن لديه النية لفعل ذلك. وإذا عانى الاقتصاد من ضعف مرة أخرى، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي على استعداد أكثر من أي وقت مضى لإدارة عجلة المطبعة مرة أخرى على ما يبدو. ومن السيناريوهات المثيرة للاهتمام هو الفكرة القائلة بأن يسمح مجلس الاحتياطي الاتحادي بانتهاء الجولة الثانية من برنامج التخفيف الكمي لبعض الوقت بهدف اختبار القوة الحقيقية للاقتصاد والأسواق، و "إجهاد" السياسيين قليلاً قبل المضي قدمًا نحو الجولة الثالثة من البرنامج.

لقد تنبأنا بعودة الدولار لبعض الوقت الآن، وبخاصة في حال وجود صورة لنمو عالمي متداعٍ وإجبار الاحتياطي الفيدرالي أخيرًا على وقف الطباعة. في حل لم يتصدى أحد لمكائد بيرنانكي، سيدخل الدولار في أوقات عصيبة في التحضير للعودة المتوقعة (والتي توقعنا في المقام الأول أن تتخذ شكل انتعاش كبير خلال فترة طويلة من التراجع). ومن العوامل المجهولة التي أصبحت تلعب دوراً هاماً، والتي تقع خارج نطاق الافتراضات أعلاه، القانون الجديد لتحسين الوطن، كما هو الحال في عام 2005 ، مما عزز الدولار مع قيام الشركات الأميركية بإعادة مليارات الأرباح إلى الوطن.

اليورو: تيربو الانكماش

شهد اليورو عودة كبيرة منذ بداية العام، باعتبار أن أزمة الديون السيادية في دولPIGS قد تم احتوائها نسبيًا، رغم أن الوضع في اليونان وايرلندا والبرتغال يعتبر دقيقًا في أفضل حالاته ولا يزال يشير إلى إجراء إعادة هيكلة للديون في تلك الدول في نهاية المطاف. وفي الوقت نفسه، أثار البنك المركزي الأوروبي موجة من التوعدات المنادية بالحاجة إلى رفع أسعار الفائدة لمكافحة خطر التضخم الناتج عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية. يشير منحنى العائد المستوي بشدة حول التهديدات من جانب البنك المركزي الأوروبي، والتقشف الشديد في أطراف منطقة اليورو والتباطؤ المحتمل في أسواق التصدير وخصوصًا أن الصين تسعى للحد من النمو- تشير جميعها إلى آثار انكماشية على الاقتصاد؛ بل انكماش سريع أيضًا.

لقد تمكن ساسة منطقة اليورو في مارس من الاتفاق من حيث المبدأ على تحديث وتوسيع نطاق آلية الإنقاذ التي صاغها الصندوق اﻷوروﺒﻲ للحفاظ على الاستقرار اﻟﻤﺎﻟﻲ(EFSF)، ولكن لم تظهر جميع التفاصيل بعد، إلا أن قمة الاتحاد الأوروبي المنعقدة بتاريخ 25 مارس تُعد اختبارًا إضافيًا لمدى قوة وتأثير السياسية الأوروبية في الوقت الذي يشعر فيه الناخبون بتململ واضح.

ونتساءل هنا إلى متى سيستمر فشل السياسيين الأوروبيين في تمثيل شعوبهم، بينما تتخذ غالبيتهم مواقف متصلبة عند الحديث عن برامج إنقاذ أخرى (خصوصًا الألمان القائمين على سد احتياجات تلك البرامج) أو اليورو نفسه (في معظم البلدان الطرفية التي لا يمكنها خفض قيمة العملة للخروج من الأزمة ومواجهة سنوات طويلة من التقشف)؟

لذا ربما يتمتع اليورو قليلاً ببعض الانتعاش ولفترة محدودة خلال الربع الثاني، وذلك إذا تمكن السياسيون من وضع أصابع كافية لسد الثغرات في الوقت الراهن بينما يمضي البنك المركزي الاوروبي قدمًا في أول رفع للأسعار له، غير أن هذا الحاجز سيواصل تراجعه، تمامًا كما حدث خلال السنوات الماضية طالما بقيت عمليات الإنقاذ مطروحة، وطالما بقيت جدوى مشروع منطقة اليورو على المدى الطويل مثار تساؤل. قد تستمر الرياح الدافعة لحركة اليورو حتى الربع الثاني، لكننا لم نر بعد الاختبار النهائي للنظام المصرفي الأوروبي ومسألة الديون السيادية.

الين الياباني : هل تحمل مسألة الديون السيادية أي أهمية؟

لقد شكلت كارثة الزلزال/التسونامي التي حدثت بتاريخ 11 مارس ضربة قوية للاقتصاد الياباني الضعيف أصلا. وسجلت البلاد تراجعًا واضحًا في إجمالي الناتج المحلي في الربع الرابع، ومن المؤكد أنه لم يشهد نموًا الربع الأول على أعقاب التسونامي. وكان رد الفعل الأولي لكارثة 11 مارس وصول الين الياباني إلى مستوى قوي، حيث عول السوق على نمط ماثل في ثناياه زلزال كوبي عام 1995 ، عندما ارتفع الين الياباني إلى أعلى مستوى له من أي وقت مضى، حيث كان أقل بقليل من 80 وذلك خلال فترة ترقب الأموال الواردة لتعويض آثار الضرر. ويمكن لهذا النوع من القوة الاستمرار، حيث أن السوق يحاول إعادة رد الفعل ذاته في الأسواق كما كان عليه الوضع في زلزال 1995. وإذا تمكنت الأسعار من البقاء منخفضة مع الحفاظ على التدفقات لبعض الوقت، فقد يؤدي ذلك حقيقةً إلى مزيد من الارتفاع في الين الياباني بالاتجاه القوي مما يمثل رقمًا قياسيًا على انخفاض في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني بما يقل عن مستوى الثمانين.

وعلى صعيد آخر، شهد الاقتصاد الياباني وميزانيته العامة هذا العام تحولاً ملحوظاً في ظل تذبذب الطلب على المنتجات اليابانية المحلية والسؤال المطروح هو كيف ستسدد الحكومة اليابانية تكاليف إعادة الإعمار وجهود الإغاثة على المدى الطويل. والجواب الحتمي هو أن اليابان ستقوم بطبع النقود وفي حال ارتفاع الدولار لطبع النقود وقرر الاحتياطي الاتحادي زيادة الميزانية فسيكون على اليابان تحمل العواقب، الأمر الذي قد يساهم في نهاية الأمر إلى إضعاف الدولار نظراً لأن اليابان هي من أبعد الدول عن نهاية اللعبة الكينزية على حد قول مدير صناديق التحوط (كايل باس). ويعود هذا إلى ما حدث بعد نهاية الربع الثاني ولكن قد يكمن السبب الرئيس في الكارثة التي حلت بالبلاد في الآونة الأخيرة وتصاعد العجز في الميزانية العامة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السنة المالية لليابان تنتهي في 31 مارس.

الجنيه الإسترليني

ارتفع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي في الربع الأول من العام الحالي وسط اهتمام لجنة السياسة النقدية لبنك انجلترا المتزايد بشأن ارتفاع مستويات التضخم وحاجتها لاتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة (وقد يتساءل الجميع إن كان البنك سيستغل الوضع في اليابان كذريعة للانتظار أطول وقت ممكن قبل اتخاذ أي قرار بشأن السياسة النقدية للبنك). وفي اجتماعهم الأخير، صوت أعضاء لجنة السياسة النقدية لبنك انجلترا على رفع سعر الفائدة المرجعي بواقع ثلاثة أصوات مقابل ستة. ولذلك من المهم جداً لتوقعات الجنيه الإسترليني للربع الثاني إن كان رئيس البنك المركزي (كينغ) وأعضاء السياسة الموالين له قد يجمعوا على رفع أسعار الفائدة حتى لو كانوا من متخوفين من ذلك إذ يواجه الاقتصاد تحديات كثيرة تتمثل في خشية أن يتحمل عمّال القطاع العام العبء الأكبر من تدابير التقشف التي ستطبّق في العام الجاري لا سيما في أعقاب انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للربع الأخير إلى أدنى مستوى له، والذي نجم إلى حد كبير عن سوء الأحوال الجوية في شهر ديسمبر والعجز الكبير في الميزان التجاري في نهاية العام الماضي ويعزى ذلك جزئياً إلى مشروع قانون الضريبة الجديد لعام 2011م.

ومن غير المحتمل أن يواصل الجنيه الإسترليني ارتفاعه مقابل الدولار بسبب العوامل ما بين الأسواق التي تعد عامل دعم للعملة. ومن المستبعد أن يتخذ بنك انجلترا أي قرارات بشأن أسعار الفائدة في الوقت الراهن وقد يتخذ هذا القرار قبل البنك الاحتياطي الاتحادي عند ارتفاع التوقعات بشأن أسعار فائدة البنك المركزي وعندها سيرتفع الجنيه الإسترليني وسينخفض عند تباطؤ البنك عن الإعلان عن هذا القرار. ومن المتوقع أن ترتفع العملة البريطانية في حال بدأت الأسواق في الإقبال على الأصول عالية المخاطر وتنامي وتيرة تراجع النمو العالمي. ومن المهم للجنيه الإسترليني كي يحافظ على مكاسبه للمدى الطويل أن يشهد الاقتصاد البريطاني تحسناً ملموساً ولم يظهر الاقتصاد أي تحسن ثابت في القطاع التجاري رغم انخفاض الجنيه إلى أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية. وستركز الأسواق من الآن فصاعداً على مدى تأثير تدابير التقشف على النمو.

الفرنك السويسري: هل سيظل مناوئاً لليورو؟

استمتع الفرنك السويسري بسمعة تاريخية لكونه الملاذ الآمن للسندات إلا أن هذه السمعة تراجعت في الخمسة عشر شهراً الماضية أو يزيد مقابل السندات السيادية الأوروبية. وخلال ذلك الوقت، اعتبر الفرنك السويسري الملاذ الآمن بالمقارنة مع اليورو وزاد الإقبال عليه بصفته الملاذ الآمن عندما انصرفت أنظار الأسواق إلى أزمة الدول الأوروبية المثقلة بالديون التي سميت أزمة "PIGS" والتي خفت وطأتها عندما قرر البنك المركزي الأوروبي التصدي للتضخم. وارتفع اليورو في الشهر الأول والثاني من هذا العام كما ارتفعت العملة السويسرية في الفترة نفسها. وفي المقابل، شهدت العملة تذبذباً وسجلت بصورة عامة مكاسب أقل مما سبق متأثرة بارتفاع التوقعات بشأن تشديد البنك المركزي لسياسته النقدية والبحث عن التدابير المثلى عند انهيار فوارق أسعار الفائدة (إثر انخفاض الأسعار منذ تراجع العوائد السويسرية). ومن المتوقع أن يواصل الفرنك السويسري ارتفاعه مقابل اليورو في ظل توقعات أسعار الفائدة. وإلى ذلك، في حال ارتفاع توقعات أسعار الفائدة وانتعاش السندات السيادية الأوروبية في الاقتصاد الكلي سيكون الفرنك قادراً على تحقيق مكاسب جيدة لا سيما عندما يتماثل أداء السندات السيادية مع بعض العملات الرئيسة.

عملات الدولار الأخرى- الدولار الأسترالي والنيوزيلندي والكندي

غالبا ما يتم جمع الدولار الأسترالي والنيوزيلندي والكندي في قارب واحد باعتبارهم عملات لأسعار السلع الأساسية، إلا أن ذلك ليس فيه أساس للعدل عند النظر إلى الدرجة التي اختلفت فيها أقدار تلك العملات في الآونة الأخيرة. وقد اتخذت الدولار الأسترالي أخيراً لنفسه مقعدًا خلفيًا مفسحًا المجال لبقية عملات مجموعة العشر خلال الربع الأول من هذا العام بعد أداء قوي في 2010. ولا تشير التوقعات حول أسعار الفائدة من البنك المركزي الأسترالي إلى شيء تقريبًا حيث تضمنت تصريحاته تعليقات حذرة، ومن الواضح أن الاقتصاد الأسترالي يعاني من ضعف شديد خارج قطاع التعدين المتضخم. تتمثل القضية المحورية بالنسبة لأستراليا للفترة المتبقية من عام 2011 في مسار الاقتصاد الصيني، حيث تظهر عليه علامات الإجهاد مع الحاجة إلى الهبوط والتقاط الأنفاس من جديد. في حال كان الهبوط الصينى شديدًا وسيئًا، ، وإذا عانت الصين مجددًا جراء الأزمة المصرفية، فمن المحتمل أن يشهد الدولار الأسترالي الهبوط الأكبر مقارنة بعملات مجموعة العشر، حيث أنه يمثل العملة الأكثر تأثرًا بأسعار السلع من بين دول المجموعة.

كان الدولار الكندي قد شهد جولات كرّ وفر في بداية العام، ولكنه مال قليلاً باتجاه إلى الأعلى في ظل ارتفاع أسعار الطاقة وأزمة الشرق الأوسط التي شهدت أقصى نشاط لها. لسوء الحظ، كانت الدولة قد شكلت في السابق نموذجًا للاقتصاد القوي نسبيًا نظرًا لنشاط مؤسساتها المالية والنمو القوي نسبيًا، آخذين بالاعتبار ضعف الاقتصاد النسبي لجارتها الضخمة في الجنوب، فقد ظهرت إلى حيز الوجود تحديات هيكلية تمثلت في الاعتماد على الصناعات الاستخراجية وسوق مستهلكين هو الأكثر استدانة في العالم، إلى جانب مخاطر حدوث تراجع جديد في النسب ما بين مؤشرات أسعار الصادرات والواردات. نحن نفضل الدولار الكندي على بعض العملات الأكثر مواكبة للدورة الاقتصادية، ولا سيما الدولار الأسترالي، ولكن قد يبدأ بمواجهة رياح معاكسة في وقت لاحق من هذا العام حيث قد تواجه العملات الأكثر نشاطًا قيودًا تحد من حركتها.

وبعد محاولات قوية للانتعاش وتحقيق بداية جديدة لها بعد أن أنهت عام 2010 بضعف استثنائي، تعرضت نيوزيلندا إلى زلزال مدمر سيكلفها نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي (أكثر من 10٪). وقد شكل الضرر مثار قلق كاف للبنك الاحتياطي النيوزيلندي فعمل على خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساسية في الوقت الذي كانت فيه البنوك المركزية الأخرى تجلجل منادية برفع الأسعار. قد لا يقوم البنك الاحتياطي النيوزيلندي بتخفيض الأسعار أكثر مما هي عليه، إلا أن نيوزيلندا ستنشغل لبعض الوقت في إعادة الإعمار ومن المرجح أن تميل إلى الجانب الضعيف خلال الربعين القادمين.

عملات الدول الاسكندينافية: هل تسير باتجاهين متعاكسين؟

واصلت الكرونا السويدية تطبيق الوسائل التي تبنتها لتحقيق الانتعاش في أوائل عام 2011، محققة مركزًا فاق اليورو القوي، وخصوصًا مع انخفاض سعر صرف اليورو مقابل الكرونا السويدية إلى أدنى مستوى له منذ عام 2000 (بانخفاض وصل إلى مستوى 8.70). تُعد الكرونا السويدية عمومًا عملة مسايرة للدورة الاقتصادية ويشبه مسارها إلى حد كبير ذاك الذي تتخذه كبرى أسواق الأسهم الأوروبية. وفي ظل بيئة أكثر تحديًا تتحرك الكرونا السويدية باتجاه المخاطر، وفيما يتعلق بالاقتصاد الأوروبي بشكل عام، قد تتمكن الكرونا السويدية من أخذ نفس عميق، حيث أنها قد تتمكن من الحصول على نصيب الأسد من إمكاناتها المساير للدورة الاقتصادية.

وقد تكون الكرونا النرويجية أفضل حالاً بكثير من قريبتها باتجاه الشرق. لقد شاب العملة تباطؤ عام خلال فترة ما بعد الازدهار في عام 2009 فيما يتعلق بالقابلية للمخاطر والأسواق المتعافية، إلا أن أداءها كان أفضل في وقت متأخر جراء ارتفاع أسعار النفط الخام وبعد أن أثار بنك نورجيس أخيرًا ضجة حول خطر التضخم. ومن وجهة نظر تقييمية، تبدو العملة أكثر معقولية كذلك، وفي حال برزت قضايا الديون السيادية من جديد، لن يضاهي النرويج في متانة ميزانيتها الوطنية إلا عدد قليل من الدول.

الموضوعات الرئيسة للتداول

نقترح فيما يتعلق بالربع القادم أنه إذا تحرك السوق وفقا لتحيّزاتنا وتوقعاتنا، قد يتم التداول تحت العناوين الرئيسة التالية: مركز طويل لليورو مقابل الدولار الأسترالي، قصير للدولار الأسترالي مقابل الدولار النيوزلندي، طويل للكرونا النرويجية مقابل الكرونا السويدية، قصير للجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي. وسنترك الين جانبًا هذه المرة حيث أن الوضع في اليابان لا يزال عائمًا وغير محدد.

لقد كانت التحركات في التوقعات حول الأسعار حاسمة بالنسبة للحركة النسبية في أسعار العملات الرئيسة في الربع الأول من العام. يتعين هنا ملاحظة الطريقة التي تكاثفت بها التوقعات في الاتجاه الصعودي في الجزء الأول من هذا العام إلى أن تبددت بفعل زلزالي نيوزيلندا واليابان (وأيضًا سعر الفائدة الفعلي في حالة بنك الاحتياطي النيوزيلندي). وعند التطلع نحو الأمام، نتساءل إن ستواصل المصارف المركزية تخفيف الضغط على حدة المخاوف بشأن النمو النابع من آسيا، أم أن النفط الخام والسلع الحيوية الأخرى سترتفع أكثر مرة أخرى للتفوق على جميع سياسات التخفيف الكمي، مما يدفع بعض البنوك المركزية إلى الاستمرار في رفع سعر الفائدة لمكافحة التضخم؟

شهدت تدابيرنا في مواجهة المخاطر جولتي انحدار في الربع الأول من هذا العام؛ تمثلت أولاها بالثورات في منطقة الشرق الأوسط والثانية بعيد كارثة 11 مارس في اليابان. توجه الدولار الأمريكي نحو الاستجابة لخطر النفور من المخاطر في ظل قوة الاقتصاد في الفترة الماضية ، إلا أن سلوك السوق في الفترة الأخيرة ينبئ بأن هذه العلاقة لا تنطوي على ضمانات. هل ستواصل القابلية للمخاطر (حسبما أشار "مؤشر كاري تريد" والنسخة "السريعة" منه الموضحة في الرسم البياني) التوجه نحو الجنوب، وهل سيحذو الدولار الأمريكي حذوها؟ لقد كان مؤشر كاري حول الدولار الأمريكي (العينة في الرسم البياني أدناه تمثل أداء الدولار مقابل العملات السبع ذات العوائد الأكثر ارتفاعاً) واحدًا من المواضيع الأكثر بروزا بين العملات الرئيسة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

خيارات التداول بالعملات الأجنبية:

عقود حذرة للبيع بالاتجاه القصير

يبدو أن من الصعب تجنب التركيز على الأحداث الأخيرة التي هزت العالم خلال الشهرين الماضيين (ولا تزال تحرك مشاعر السوق إلى حد كبير )، وخصوصًا الاضطرابات في الشرق الأوسط والزلزال المدمر في اليابان.

ونتيجة لذلك، شهد منتصف مارس بعض التحركات المتطرفة في العملات الأجنبية، ليس فقط في سوق التعامل النقدي الفوري، ولكن أيضا في سوق الخيارات، حيث تمثل ذلك في النقص الواضح في السيولة مما حدا بسعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني إلى الانخفاض إلى معدل يقل بكثير عن 77.0 في ختام يوم التداول في 16 مارس مما أدى إلى زيادة كبيرة في التقلبات الضمنية.

وقد بدأ الارتفاع في تقلبات منتجات الين حال وقوع الزلزال في اليابان مما أدى إلى جمع قوة دافعة في الوقت الذي تراجعت فيه أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم مما زاد من حالة عدم اليقين بوجه عام. وقد وقعت أحداث 16 مارس بينما كان السوق يمر في حالة عصبية شديدة، وهو ما يفسر القفزة الحادة في منحنى التقلبات الضمنية.

ومنذ ذلك الوقت، عمّ السوق حالة من الهدوء وانخفضت التقلبات بشكل ملحوظ، حيث أصبح سعر الين الياباني لمدة شهر الآن حوالي 11.0، وهو سعر يُعد مرتفعًا بالنظر إلى التحركات الأخيرة في سوق النقد الفوري، ولكن أيضا بعيدًا عن المستويات الأعلى عند المقارنة مع افتتاح آسيا للسوق بتاريخ 17 مارس حيث بلغ السعر 19.0/21.0. تظهر الرسوم البيانية أدناه التقلبات الضمنية لشهر واحد في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين خلال الشهر والسنة الماضيين. يرجى ملاحظة الارتفاع والانخفاض الحادين.

مفاتيح الرسم البياني:

1. زلزال اليابان

2. أسواق الأسهم تحت الضغط

3. انهيار سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين في نهاية اليوم (16 مارس)

4. بنك اليابان يتدخل

5. هدوء الأسواق

6. صفقات الشراء الأخيرة من خيارات الين الياباني الصاعدة ترفع أحجام التداول ارتفاعًا طفيفًا.

إذن، ما الوجهة التي يتعين أن نتخذها الآن؟ من المؤكد أن العالم ليس لديه أي تأكيدات! ومع ذلك، نعتقد أن وقائع الوضع الراهن تستوجب علينا تبني نهجًا حذرًا عند بيع التقلبات الضمنية. كما هو الحال دائما، يتعين توجيه تحذير فيما يتعلق بخيارات البيع: ينطوي ذلك على كثير من المخاطر المحتملة، كما ينبغي أن تدار مراكز البيع القصير بطريقة منضبطة.

وفي ضوء ما سبق، فإن التطورات الأخيرة في اليابان وخصوصًا التدخلات المنظمة في سوق الين تجعلنا نميل نحو التقلبات القصيرة: يتعين علينا توخي الحذر في صفقات البيع الجزافي أو الصفقات عند الطلب، ولكن يمكن للمرء أن يأخذ بالاعتبار الدخول في صفقات مغطاة أو وضع استراتيجيات لتعزيز العوائد. ورغم الحديث عن أعادة الين الياباني إلى الوطن في أعقاب الزلزال، لا توجد لدينا أدنى رغبة بتبني نهج معاكس للنهج الذي اتخذته العديد من المصارف المركزية وسننظر باستحسان إلى المراكز الآنية الطويلة التي يمكن تحسين مستويات إدخالها عبر عقود أجلة بخيار شراء الدولار الأمريكي أو بيع الين الياباني.

نظرة استشرافية على الأسهم

تقلبات سريعة باتجاه الأعلى

لقد تحركت الأسهم من فرحة الازدهار هبوطًا إلى دوامة الانتكاسات، مع ورود سلسلة من أوضاع عدم اليقين أحاطت بأسواق الأسهم، وتحديدًا موجة التوترات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والتي أثرت على أسواق الطاقة، وزلزال توهوك والذي خلق ّأسوأ كارثة في اليابان منذ الحرب العالمية الثانية". إلا أننا لا نزال متفائلون بتواضع فيما يتعلق بالأسهم، وخصوصًا لدى مقارنتها لفئات الأصول الأخرى، بالرغم من أن الأسهم سوف تشهد اضطرابات وهي في طريقها نحو الصعود.

تعقيبنا على الأسهم العالمية

دخلت أسهم البلدان المتقدمة عام 2011 وسط تفاؤل المستثمرين في مطلع سبتمبر من العام الماضي حيث أظهرت البيانات الاقتصادية علامات على الانتعاش الاقتصادي في ظل ارتفاع توقعات الأرباح للربع الأخير من العام الذي قارب على نهايته. وكانت الأمور تسير بصورة جيدة إلى أن اندلعت الاضطرابات الشعبية التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط التي تزامنت مع الزلزال العنيف الذي هز اليابان حيث تسبب هذان الحدثان بمحو المكاسب التي شهدها العام الماضي وهنا نتساءل هل ما زالت الأسهم مغرية وجذابة في هذه المرحلة؟

للإجابة على هذا السؤال، قمنا بجمع البيانات استناداً على مؤشر مورغان ستانلي كابيتال العالمي من أجل تقييم الأسهم العالمية. ومن الواضح من وجهة نظر المستثمر التقليدي أن الأسهم العالمية لم تعد مغرية كما كانت في أواخر عام 2008 عندما حققت عوائد الأسهم ضعف الأرباح التي حققتها سندات الشركات بواقع 1.76 مرة. وكانت الأسعار أو التقييمات قريبة من المستويات التي شهدتها في عام 2007 وفقاً لعوائد الأرباح وهكذا رغم النمو المتوقع في أرباح الشركات في عام 2011، لم يقبل جميع المستثمرين على أسواق الأسهم نتيجة للتقييمات الحالية وعوامل المخاطر التي تلوح بالأفق، والتي سنناقشها في وقت لاحق.

نتخذ الآن وضعًا متوسطًا فيما يتعلق بالتقييم، مما يؤدي عادةً إلى تحقيق عوائد كافية للمستثمرين. ولقد تم التوصل إلى هذه الملاحظة حول مؤشر S&P 500 منذ عام 1958 (يرجى مراجعة الرسم البياني أدناه). وهنا، نستنتج بأن الأسهم لا تزال تشكل عنصر جذب لمستثمرين بالنظر إلى التقييمات الحالية، إلا أن على المستثمرين تجنب التعرض الكامل للأسهم. في الواقع، في حال واصلت الأسهم انتعاشها لغاية نهاية العام، يصبح من الحكمة زيادة نسبة التعرض في الدخل الثابت على حساب الأسهم.

من الأهمية بمكان تذكر أنه واستنادًا على ارتفاع التقييمات المتعلقة بالأسهم، تفوقت السندات تاريخيًا على أداء أسهم. على سبيل المثال الولايات المتحدة بلغت عائدات سندات الخزانة باستحقاق يبلغ عشر سنوات حوالي 5.8 بالمائة سنويًا منذ عام 1997 مقارنة ب 4.1 بالمائة لمؤشر S&P 500 حول إجمالي العائد.

عند بحثنا للأسهم من الناحية الجغرافية، فقد قمنا بخفض مستهدفنا لنهاية العام على مؤشر نيكي 225 بسبب تأثير الزلزال على الاقتصاد الياباني. وبالنظر إلى التطور الحالي في أسعار الغذاء والطاقة، فإننا أقل تفاؤلا بشأن أسهم الأسواق الناشئة مقابل أسهم الأسواق المتقدمة ككل، وبالتالي قد خفضنا توقعاتنا بشأن سوق الأوراق المالية الناشئة.

والسبب يعزى ببساطة إلى أن أسعار الغذاء والطاقة التي سجلت مستوى قياسيا ستضر بالقوة الشرائية في الأسواق الناشئة بشكل أكبر مقارنة مع أسواق البلدان المتقدمة. ويتعين على السلطات النقدية في الاقتصادات الناشئة أن تشدد السياسة أو تترك المجال للتضخم بالارتفاع؛ ولا يعتبر أي من هذين الخيارين جيدا لا سيما بالنسبة لأسهم الأسواق الناشئة. ومع ذلك، فإننا نعتقد أن روسيا تقوم بدور جيد في الأسواق الناشئة لأنها سوف تستفيد من ازدياد اطلب على الطاقة في عام 2011، بغض النظر عن الارتفاع في أسعار المواد الغذائية

التنبؤات حول مستويات الأسعار المستقبلية في أسواق الأسهم العالمية عرضة دائما للخطأ إذ أن الأسواق المادية والمالية يتم تحديدها من قبل أعمال البشر التي تتسم بطبيعتها بكونها غير متوقعة ودينامية. لذلك نجد أنه من المناسب أن نحدد مختلف عوامل الخطر التي يمكن أن تحطم السوق المتجهة نحو الصعود التي بدأت في مارس 2009.

هل الضغط على الهامش في ارتفاع؟

مع اقتراب عودة هوامش الأرباح إلى مستويات الذروة الملاحظة في 2007، بدأ المستثمرون في التساؤل إن كانت الشركات ستشهد ضغطا على الهامش التشغيلي نظرًا لأنها ستواجه صعوبة في نقل أسعار السلع الآخذة بالارتفاع بسرعة للمستهلك.

سجلت الشركات الاستهلاكية الرئيسة مثل شركة بروكتر أند غامبل، وشركة دانون وكرافت فودز ارتفاعا في تكاليف المدخلات في الربع الرابع وتقول أنها سترفع الأسعار في 2011. هل ستنجح هذه الشركات في تمرير ارتفاع تكاليف الطاقة إلى المستهلكين من أجل حماية هوامش الربح وزيادة الإيرادات في الوقت نفسه؟

حسنا، قد يكون من الصعب تمرير ارتفاع تكاليف المدخلات ولكن من الحجج المطروحة أن ذلك لا يعتبر مهماً إن كان النمو في الإيرادات يعوض عن انخفاض هامش الربح وبالتالي يبقى العائد على السهم في زيادة مستمرة. والمشكلة تكمن في أن التغيرات في نصيب السهم من الأرباح وهامش الربح تبلغ 95 في المائة بشكل مترابط بحيث أنه عندما ينخفض هامش الربح فإنه وعلى الرغم من استمرار الإيرادات في الزيادة عادة لثلاثة إلى أربعة أرباع إضافية فإن ربحية السهم الواحد تنخفض بموازاة هامش الربح.

نتوقع أن يتباطأ التوسع في هوامش الربح ولكن التوسع سيتواصل خلال 2011 إذ أننا ما نزال في مرحلة مبكرة من دورة النمو ما لم ترتفع أسعار النفط عن 130 دولارا للبرميل أو تتباطأ الصين بشكل كبير. ولكن تأكد من إدراكك لما يلي: هوامش الربح ستنخفض في مرحلة ما من الدورة الاقتصادية التوسعية هذه (وربما في 2012 أو 2013)، وعندما يحدث ذلك التغيير عليك أن تحدد موقعك وفقا لذلك.

هل ستنزلق الأسهم بالنفط؟

تعتبر أسعار النفط الخام المحرك الرئيس لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من خلال تأثيرها على هوامش التشغيل والأسعار والأرباح. وفي ضوء ذلك، هل يمكن لارتفاع أسعار النفط عرقلة الانتعاش الاقتصادي؟

يعتبر الارتفاع التدريجي لأسعار النفط عادة علامة صحية وإننا نعتقد أن الطلب على الطاقة، وخاصة الطلب على النفط، سوف يرتفع بشكل أسرع من العرض، كما نتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة تقارب 4.2 بالمائة في عام 2011 الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة. باعتقادنا، فإن صدمة الأسعار التي حدثت في الآونة الأخيرة في أسعار النفط سوف تؤثر نوعا ما على النمو الاقتصادي ولكن ليس بشكل كاف لعرقلة النمو الاقتصادي في عام 2011. ووفقا لسيناريو القاعدة هذا، فإننا نقترح زيادة تعرض المستثمرين لانخفاض أسهم شركات الطاقة وخفض التعرض إلى الأسهم الاستهلاكية التقديرية (خاصة السيارات).

في حال ارتفاع أسعار النفط بسرعة كبيرة، أو تجربة صدمة عكسية جديدة، فإن ذلك سوف يؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي، وانخفاض الدخل المتاح وتقليص هوامش الربح - والذي قد يؤثر بدوره على الأسهم. ويشكل ذلك خطرا حقيقيا في ضوء التوترات المتخللة حاليا في الشرق الأوسط، والمفتاح هو كيف سيتطور الوضع في المملكة العربية السعودية.

أزمة الديون الطرفية في الدول الأوروبية لن تزول

تستمر الضغوط في أسواق الائتمان الطرفية في الدول الأوروبية وتشكل تهديدا كبيرا على أوروبا والاستقرار في المنطقة. لقد وصلت عوائد السندات في اليونان وايرلندا والبرتغال وأسبانيا إلى مستويات قياسية وخطط الإنقاذ قد تهز النظام المصرفي الأوروبي الضعيف الذي لا يتمتع برأس مال كاف. إذا قرر البنك المركزي الأوروبي رفع معدل سعر الفائدة بسرعة كبيرة، فإن ذلك قد يدفع أوروبا الطرفية نحو الهاوية وقد يوقد النار في أوروبا.

الطريقة الوحيدة المتاحة أمام المستثمرين للتخفيف من هذه المخاطر هي تخفيض التعرض للأسهم الأوروبية بالنسبة إلى الأسهم الأمريكية، وفي حال تصاعد أزمة الديون، القيام بسرعة بتخصيص جزء أكبر من المحفظة في السندات الحكومية الأمريكية والسويسرية والألمانية، ونعم، ليس للحفاظ على العائد، وإنما للحفاظ على رأس المال.

الصين: علامة استفهام

من الصعب حقا تحليل الوضع في الصين نظرا لعدم وجود الشفافية في البيانات الاقتصادية. وما نعرفه أن سوق الإسكان يتباطأ، على الرغم من استمرار ارتفاع الأسعار بنسبة 4.6 بالمائة في العام على أساس سنوي في ديسمبر، الأمر الذي سوف يضر بالاقتصاد و القطاع المالي. وإذا ما استمر الاقتصاد في الصين بالتضخم، ومع زيادة بنك جمهورية الصين الشعبية بالتشدد، فإنه سوف يشكل خطرا على مستويات تقييم الأسهم الحالية. وإذا ما استمر هذا السيناريو في عام 2011، فإنه سيؤثر على النمو العالمي، وأرباح الشركات والأسهم كفئة أصول.

إن أفضل الطرق للتخفيف من التباطؤ الكبير في الصين، في حال وقوعه عام 2011، هو تخفيض عدد أو معارضة شركات النفط والغاز مع انخفاض الطلب على الطاقة. على الصعيد القطري، سوف يتأثر اقتصاد أستراليا السلعي بشدة وينخفض أداؤه بالنسبة لأسواق الأسهم الأخرى.

التفاعل المتسلسل لليابان المتمثل في عدم اليقين يخلق فرصًا

لقد كانت الأضرار البشرية والمادية التي أصابت اليابان مدمرة ومن المقدر أن الزلزال قد كلف البلاد حوالي 309 مليار دولار أمريكي، والذي يشكل حوالي 6.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. ولكننا نعتقد أن الأسهم اليابانية تعرضت لبيع هائل في غضون الفوضى التي عقبت الزلزال ونرى أن الاقتصاد الياباني سوف ينهض بسرعة كما فعلت بعد الزلزال الذي وقع عام 1995حيث استمر الناتج المحلي الإجمالي بالارتفاع طوال عام 1995.

إننا نرى أن الأسهم اليابانية تنطوي على فرص هائلة، وخاصة من حيث الشركات الكبيرة ذات الجودة العالية التي تمتع بقاعدة إيرادات واسعة خارج اليابان والشركات ذات التقديرات المعقولة. ولكن نظرا لنقص المعلومات والتعديلات العديدة على التكلفة النهائية للكارثة على الاقتصاد، فإننا نحث المستثمرين على الانتظار على الهامش مع انخفاض الأسهم اليابانية خلال الأشهر المقبلة قبل أن تستقر، كما حدث بعد زلزال هانشين العظيم.

يجب على المستثمرين التعامل مع عدد غير عادي من الأزمات في الربع الأول من عام 2011م، الذي بدأ بإجماع تام على تحول الاقتصاد العالمي، الأمر الذي سيكون له تأثيراً كبيراً على ارتفاع أسعار الطاقة وأسعار المعادن الأساسية التي تشهد عائقاً تلو الآخر.وشهدت أسعار الفائدة التي اعتاد المستثمرون عليها منذ الأزمة المالية في عام 2008 انخفاضاً لا سيما بعد ارتفاع معدلات السيولة في الربع الثاني من الخريف الماضي والتي تقترب ببطء من نهايتها. وفي الوقت الحالي، من المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة للمرة الأولى في إبريل الجاري. وسواء قام البنك المركزي الأمريكي بتيسير سياسته النقدية للمرة الثالثة أو اتخذ قراراً بتطبيع أسعار الفائدة، فإنه سيكون لها أثراًَ كبيراً على السلع الأساسية التي لا تحمل فائدة مثل المعادن الثمينة في الشهور المقبلة.

ومن أهم العقبات التي تواجه المستثمرين في الربع الأول الاضطرابات السياسية السائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تسببت في ارتفاع أسعار النفط وتذبذب أسعار الغذاء بالإضافة إلى الزلزال الذي حل باليابان والمخاوف المحيطة بالأزمة المالية في منطقة اليورو. وقد أدت هذه العوامل بصورة أو بأخرى إلى انخفاض توقعات النمو لعام 2011. ولكننا في الوقت الحالي لا نتوقع أن يكون لها تأثيراً كبيراً على التوقعات الكلية.

الذهب والفضة

فقد الذهب معظم الدعم في عام 2010 حيث أصبحت الفضة المعدن المفضل. واستقطبت اهتمام المستثمرين في هذا القطاع من الشركات والأفراد ممن يبحثون عن القيمة المختزنة أو التحوط مقابل التضخم. ووفقاً لذلك، تتوقع الأسواق أن يستمر الطلب على الفضة مهما حدث. خلال الستة شهور الماضية، ارتفعت الفضة مقابل الذهب بما يزيد عن 40% رغم الإقبال الكبير على قطاعي التعدين والخردة وتجاوزت قيمتها 50 دولار للأونصة لتسجل أعلى مستوى لها منذ 30 عاماً. ولا يجب أن ننسى أن الفضة ما زالت منافسة قوية للذهب، وقد يواجه مستثمرو القطاع الخاص خسائر كبيرة تمنعهم من الحفاظ على مراكزهم في هذا القطاع.

وعلى خلفية الشكوك المتصاعدة، نتوقع أن يحافظ الذهب والفضة على أدائهما في الربع الثاني حيث من المتوقع أن يصل الذهب إلى 1,500 دولار للأونصة فيما ستسجل الفضة 38 دولار للأونصة.

عقود خام غرب تكساس وعقود خام برنت الآجلة

في يناير، ارتفعت أسعار النفط الخام مع ارتفاع أسواق الأسهم وزيادة توقعات الطلب وتسارعت أسعارها عند اندلاع الاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد أدت الاضطرابات إلى توقف صادرات النفط الليبي وتصاعد المخاوف بشأن انتقال الاضطرابات إلى بقية دول الشرق الأوسط. ومن أهم الأحداث الأخرى التي ساهمت في هذا اتساع الفارق بين عقود خام برنت في بحر الشمال وعقود خام غرب تكساس. وبلغت تداولات عقود خام غرب تكساس 1.50 دولار أمريكي لترتفع عن برنت وذلك لأنه أقل جودة من خام غرب تكساس مما جعل عملية تكريره أكثر تكلفة. وفي الوقت الحالي، ارتفع الفارق بصورة كبيرة حيث سجل برنت نقطة واحدة بواقع 15 دولاراً مقابل عقود خام غرب تكساس.

وبصرف النظر عن المعروض المعلن عنه في نقطة تسليم عقود الخام الأميركي في كوشينغ، يدل توقيت الفارق على تأثر برنت بالأحداث السياسية باعتباره السعر الإرشادي في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط. ورغم أنه يمثل 2% فقط من الإنتاج العالمي إلا أنه يعتبر السعر المرجعي لما يزيد عن 65% من الصفقات العالمية. ومع تصاعد الأزمة الليبية في منطقة الشرق الأوسط، أثرت الأحداث بصورة كبيرة على سعر البرنت مقارنة مع عقود خام غرب تكساس. ووفقاً لذلك، نتوقع أن يبدأ تطبيع الفارق عند استقرار الأوضاع الحالية.

ونظراً لارتفاع أسعار النفط إلى ما فوق 100 دولار للبرميل لمدة طويلة، فمن غير الممكن تجاهل أثره على الاستهلاك والنمو. وفي عام 2008م، ساهم ارتفاع أسعار النفط بلا شك في نشوء الكساد الاقتصادي العالمي. وفي ذلك العام، ارتفع سعر عقود خام غرب تكساس إلى ما يزيد عن 100 دولار لمدة سبعة أشهر وبلغت ما دون 120 دولار. واختلف تأثير ارتفاع أسعار النفط من دولة لأخرى ولكن في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تسبب ارتفاع النفط بنسبة 10% في انخفاض الناتج القومي المحلي بواقع 0.2% فقط.

ونتوقع ارتفاع معدلات الاستهلاك العالمية في ظل الاضطرابات السياسية ومخاطر انقطاع المعروض في وقت لاحق لدعم أسعار النفط في الربع الثاني. ومن المتوقع أن يبدأ الخطر النزولي من المجتمع الاستثماري بسبب المضاربة في المراكز الطويلة لعقود خام غرب تكساس التي وصلت إلى 300 مليون برميل في مارس بالإضافة إلى مخاطر الحركات التصحيحية التي شهدناها بعد الزلزال الياباني. ومن غير المتوقع أن يخفض المستثمرون من المخاطر للعودة إلى المستويات الطبيعية التي قد تساهم في انخفاض الأسعار لتصل إلى 10 إلى 15 دولارأً.

الزراعة

يستمر الارتفاع السريع في أسعار المواد الغذائية وتفاقم موجة الجفاف في عام 2011 في ظل ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية إلى أعلى مستوى لها في الربع الأول وسط الاكتناز الحكومي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكان ذلك قبل تحول الأنظار إلى المحصول الموسمي الجديد ومن سيفوز في الحرب السنوية للمساحات. ومن المتوقع أن يزيد الطلب على محصول فول الصويا في شمال أفريقيا ويزيد توافر القمح ويتراجع الطلب على المنتجات اليابانية بسبب تضرر البنية التحتية للبلاد التي ساعدت على خفض المخاطر في مارس. ولن يكون متوسط الأحوال المناخية كافٍ لإعادة بناء المخزون الذي انخفض في عام 2010، وبالتالي نتوقع ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية في المستقبل المنظور.

ونظراً للتوقعات المتعلقة بتراجع مخزون الذرة وفول الصويا إلى أدنى مستوى له، فإننا ما زلنا نفضل هذه المحاصيل على محصول القمح في الشهور المقبلة. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية خصصت نسبة كبيرة من إنتاج الذرة الأمريكية لإنتاج الإيثانول نظراً لعوائده المرتفعة التي تصل لما يزيد عن 9 دولارات للمكيال نظراً لارتفاع أسعار البنزين إلى أعلى مستوى لها. وفي الوقت نفسه، ما زالت محاصيل فول الصويا تحصل على الدعم بفضل النمو المتواصل للأسواق الناشئة الذي يغذي الطلب.

الوقود والمعادن الأساسية

من المتوقع أن يحصل الفحم والغاز الطبيعي المسال على الدعم في أعقاب الكارثة اليابانية؛ إذ تبحث اليابان عن بدائل للطاقة بدلاً من إنتاج الطاقة النووية. كما من المتوقع أن تعزز مشاريع إعادة الإعمار من الطلب على المعادن الأساسية. وتم بيع البلاتينيوم والبلاديوم في مارس الماضي نظراً لتوقف الطلب على إنتاج السيارات اليابانية. واستناداً إلى موعد عودة الإنتاج إلى مستوياته الطبيعية، من المتوقع أن يساهم ارتفاع الطلب في دعم ارتفاع الأسعار.