تصبيرة «كيان»!

13/04/2011 42
محمد العمران

في مقالي الأخير تطرقت إلى أن شركة كيان السعودية ذكرت في تقريرها السنوي عام 2010 أن اكتمال بدء الإنتاج لجميع مصانع الشركة لن يتم قبل عام 2014، وبالتالي فإن المتوقع أن يتم الإعلان عن بدء الإنتاج التجاري بعد ذلك التاريخ (إلا إذا حصلت أمور غير متوقعة)، ثم بعد ذلك بأيام أعلنت الشركة بياناً رسمياً عن نتائج اجتماع جمعيتها العمومية ذكرت فيه أنها تتوقع بدء الإنتاج التجاري للوحدات الأساسية لمجمع الشركة خلال النصف الثاني من عام 2011!

عندما ندقق في البيان، نجد أن الشركة تتحدث عن الوحدات الأساسية لمجمعها الصناعي، ولم تتحدث إطلاقاً عن بقية الوحدات الصناعية، حيث تمثل الوحدات الأساسية ما نسبته ثلث الطاقة الإنتاجية الكاملة للمجمع تقريباً، إلا أن المهم هنا أن الشركة قامت بتجزئة بدء الإنتاج التجاري لوحداتها الصناعية وهي ظاهرة غريبة لم يسبق حدوثها من قبل في أي من المجمعات البتروكيماوية في المملكة بما فيها مجمع شركة ينساب والمجمعات المختلفة لشركة سابك. الأغرب من هذا أن الشركة لم تعلن عن نيتها تجزئة بدء الإنتاج التجاري في أي وسيلة إعلان رسمية (لا في نشرة إصدار ولا في تقارير سنوية ولا حتى على موقع تداول)، وهو ما قد يعرض مجلس إدارة الشركة لمساءلات قانونية تتعلق بعدم الإعلان عن معلومة جوهرية مهمة كهذه!

وتبقى التساؤلات مطروحة: لماذا أقدمت الشركة على تجزئة بدء الإنتاج التجاري لوحداتها الصناعية؟ ولماذا لم تقم بالإعلان عن بدء الإنتاج التجاري دفعة واحدة كما هو الحال مع مجمع شركة ينساب ومجمعات شركة سابك والمجمعات البتروكيماوية التابعة للشركات الأخرى؟

هنا يجب أن نضع في الاعتبار وجود تأخير في تنفيذ كامل المجمع الصناعي للشركة لأكثر من أربعة أعوام عن الموعد المخطط له أساساً، وهو أمر بلا شك سيغضب أغلبية المساهمين إن لم يكن جميعهم، وبالتالي فإن أفضل طريقة لامتصاص هذا الغضب هي تقديم جزء يسير من الأرباح المفترض تحقيقها بهدف إرضاء المساهمين مؤقتاً ـــ وإن كان بطريقة غير معتادة (بالعربي يعني تصبيرة لكنها بالتأكيد غير تصبيرة شركة المراعي). المهم أن هذه "التصبيرة" قد تفاجئ المساهمين الذين يأملون الكثير من مجمع ضخم يبلغ حجم استثماراته الآن ما يزيد على 43 مليار ريال (منها 15 مليار ريال على شكل رأسمال و26 مليار ريال على شكل قروض)، وقد تزداد المفاجأة فيما لو انخفضت أسعار البتروكيماويات وزادت أسعار الفائدة بشكل كبير قبل تشغيل المجمع كاملاً عام 2014.

ليس عيباً أن يتم الاعتراف بخطأ دراسات الجدوى لأي مشروع كان وليس عيباً أن يتأخر تنفيذ أي مشروع عن الموعد المخطط له سلفاً لأن هذا جزء لا يتجزأ من طبيعة المشاريع، لكن المشكلة تكمن في تغييب الشفافية والوضوح وانتهاج أسلوب اللف والدوران حول الحقيقة التي يجب أن يراها المساهمون (على اختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية) بشكلها الطبيعي، وهو أسلوب بدأنا نلاحظه أخيرا ولم نعهده من شركة سابك طوال تاريخها المحترم بشهادة الجميع.