شهدت أسواق السلع انتعاشًا قويًا بعد المجزرة التي سببتها حدة الأخطار في أعقاب الزلزال الذي ضرب اليابان.
نتيجة لذلك، تحولت الخسارة التي لحقت بالمتعاملين إلى فوز هذا الأسبوع، مع زيادة الاهتمام حاليًا باحتمال تعطل الإمدادات نتيجة لاستمرار أوضاع عدم اليقين الجيوسياسية. لقد اشتدت حدة الضربات العسكرية في ليبيا، كما أن الاضطرابات التي شهدتها العديد من المناطق الأخرى استمرت في جذب مشتري النفط. مخاطر الإشعاع في اليابان وما صاحبها من هزات ارتدادية مستمرة لا تزال تسبب مشاكل كبيرة تعوق من عملية إعادة الإعمار بكلفة قدرت قيمتها بمبلغ 25 مليار ين ياباني (309 مليار دولار) مقارنة بـ10 مليارات ين أنفقتها اليابان في عمليات إعادة الإعمار بعد زلزال كوبي.
أما في أوروبا، فقد عادت أزمة الديون لتحتل العناوين الأولى، وخصوصًا مع تنحي الحكومة البرتغالية بعد فشلها في اعتماد ميزانية تقشفية لخفض العجز. ومن المحتمل جدا الآن أن تطلب البرتغال تدخلاً دوليًا للإنقاذ في الأيام القادمة. ويبرز هنا الخطر المباشر المتمثل في العدوى التي قد تفشيها وكالة موديز بعد خفض التصنيف الائتماني لثلاثين مصرفاً إسبانياً.
وارتفع مؤشر السلع دي جيه-يو بي إس DJ-UBS الذي يتتبع 19 سلعة بمقدار تعرض 1/3 لكل من القطاعات الرئيسية الثلاثة؛ الطاقة والمعادن والزراعة، بنسبة 3٪ خلال الأسبوع الماضي.
مرة أخرى: الفضة تتفوق على الذهب
تشهد الفضة حاليًا انتعاشًا بنسبة 12 ٪ بعدما وصلت إلى أدنى مستوياتها في الأسبوع الماضي، محققة في ذلك أعلى مستوى لها عبر 31 عامًا. وقد عاد المستثمرون بكامل قواهم بعد النكسة الأخيرة بينما كانوا يبحثون عن الاستثمارات البديلة في ظل استمرار المخاوف بشأن ليبيا وأزمة الديون في أوروبا. من ناحية أخرى، استمر الذهب في مواجهة مصاعب للغاية في محاولته الدخول إلى مناطق جديدة، وخصوصًا مع استمرار البائعين في الظهور حال نشوء أي بادرة لارتفاع الأسعار. وبالنظر إلى الأداء القوي للفضة وسيطرة حالة عامة من عدم اليقين، فإن مستويات قياسية جديدة سوف تظهر على الأرجح في نهاية المطاف.
ارتفاع حاد في أسعار النفط رغم انخفاض الطلب من جانب اليابان
وتحركت أسعار خام غرب تكساس الوسيط أيضا بارتفاع حاد خلال الأسبوع الماضي مع استمرار انقطاع الإمدادات النفطية الليبية. كما استمرت الشكوك الثابتة حول قدرة المملكة العربية السعودية على سد النقص، وخصوصًا عند الأخذ بالاعتبار الجودة العالية لنفط الشمال الأفريقي بالمقارنة مع النفط السعودي الأثقل والأقل جودة. لم يلق الانخفاض في الطلب من مصافي تكرير النفط اليابانية لنحو 1.3 مليون برميل يوميًا أي اهتمام، أو أن الاهتمام بهذا الشأن كان محدودًا.
حتى اللحظة، لم نر أي تدمير شامل ألمّ بالطلب العالمي نتيجة للأحداث الأخيرة، ومع توقعات الاقتصاديين بنمو متزامن في الأسواق الناشئة والمتقدمة، ينبغي أن تتلقى الأسعار الدعم خلال الأشهر المقبلة. وهذا هو أيضًا سبب استمرار الدراسات الاستقصائية المختلفة للمستثمرين في تسليط الضوء على قطاع الطاقة باعتباره القطاع الذي يحتمل أن يشهد أفضل أداء خلال عام 2011.
وخلال الفترة الأخيرة التي شهدت عمليات بيع بسعر متدنٍ قدره 10 دولار، رأينا فقط انخفاضاً محدوداً في المركز الطويل للمضاربة الخاص بخام غرب تكساس الوسيط في أوساط صناديق التحوط وكبار المستثمرين، مما يشكل مؤشرًا واضحًا على أن زعزعة الرأي الصعودي حول هذا القطاع تحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك.
لا تزال الإمدادات إلى سوق الولايات المتحدة جيدة المستوى، في ظل ارتفاع المخزون للأسبوع الثالث صاحبه ازدياد في الطلب الكلي ليصل إلى 19.3 مليون برميل يوميًا؛ أي نحو 21٪ من مجموع الاستهلاك العالمي. كما ارتفع استهلاك البنزين بنسبة 2.8٪ ليصل إلى 9.07 مليون برميل يوميا، حيث من الواضح أن معدل الاستهلاك لا يظهر أي علامات للتباطؤ رغم أن متوسط السعر في محطات التعبئة هو الآن أعلى بنسبة 28 ٪ عن متوسط السعر في عام 2010.
ارتفاع الحبوب بعد الانخفاض الذي شهدته أسواق المضاربة
شهد القطاع الزراعي الذي عانى من فشل ذريع عودة قوية هذا الأسبوع مع ارتفاع قطاع الحبوب في مؤشر السلع DJ-UBS بنسبة 8٪ تقريبًا على خلفية العودة القوية لمحاصيل الذرة والأرز. لماذا منح التراجع في سعر الذرة بنسبة 18٪ في غضون أسابيع قليلة توقعات أولية قوية لهذا المحصول؟
من المحتمل أن يكون بناء وتنامي مراكز المضاربة على مدى الأشهر الستة الماضية قد أدى إلى نشوء معظم عمليات البيع، وخصوصًا أن معظم المستثمرين اضطروا إلى الحد من التعرض الموجه نحو الأصول ذات المخاطر العالية. هذا أدى إلى تحجيم مراكز قطاع الحبوب بمقدار 69.000 حصة (لوط) الأسبوع الماضي، ومنذ مطلع فبراير وصل مجموع التخفيض 232.000 حصة (لوط) مع بدء ورود أخبار جيدة إلى السوق حول توقعات المحاصيل. من شأن ذلك تسليط الضوء على مخاطر ما سيحدث عندما يشتد منحنى المضاربة، وهو أمر يتعين على المستثمرين أخذه بعين الاعتبار عند التخطيط لحصصهم.
تقرير الزراعة المستقبلية يضبط الوضع الحالي
سوف يكون التركيز موجه في الأيام المقبلة على تقرير سيصدر بتاريخ 31 مارس من وزارة الزراعة الأميركية يظهر نوايا مزارعي الولايات المتحدة حول المحاصيل التي سيتم زرعها. سوف يعطي تقرير الزراعة المستقبلية أول مؤشر لتوقعات المحاصيل لعام 2010/2011. ومن المتوقع أن تفيد المعركة السنوية حول مساحات الأكرية محصولي الذرة وفول الصويا، حيث إن ارتفاع الأسعار من شأنه جعل هذه المحاصيل أكثر ربحية.
ويكافح سعر القمح ليتعافى مع فشل المستثمرين في الاستجابة لانهيار الأسعار الذي وصل إلى 30٪ منذ مطلع فبراير. ترى الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أن الإنتاج العالمي من القمح لموسم 2011 سوف يصل إلى 767 مليون طن، بزيادة 3.4٪ عن العام الماضي. وسوف يقود هذا الارتفاع القفزة المحتملة في الإنتاج الروسي بنسبة 33 ٪ في الفترة التي تتعافي منها الدولة من الجفاف المدمر الذي عانت منه الصيف الماضي.