كتبت في عدد من المقالات السابقة عن أهمية الادخار لتحقيق الأهداف المالية، وأن الادخار في كثير من الأحيان يزيد أهمية عن الاستثمار في مجال التخطيط المالي، وفي هذا الصدد دعوت دوماً لاتخاذ القرار بالادخار في وقت مبكر ودون تعطيل أو تسويف، وذلك بمعاملة الادخار كالتزام مالي ثابت كل شهر (مثله مثل فاتورة الهاتف أو الكهرباء) بدلاً من النظر إليه كمبلغ فائض بعد الصرف.
وقد كانت بعض الردود على توصياتي بأن الأوضاع متردية وأن المصاريف كثيرة، ما لا يدع مجالاً للتفكير في الادخار في الوقت الحالي، أو على الأقل ما يتطلب تأجيل الادخار إلى المستقبل، وقد كان تعليقي على تلك الردود هو المقولة الشهيرة "لا تدخر ما يتبقى بعد الصرف، بل اصرف ما يتبقى بعد الادخار"، فالتعامل مع الادخار كالمبلغ الفائض بعد الصرف عادة ما يؤدي إلى عدم بقاء شيء في آخر الشهر لندخره. وذلك لأن الإنسان مجبول على تطويع مصاريفه على دخله المتاح، ونتيجة لذلك فإن الشخص الذي تطرأ عليه زيادة في الدخل يبدأ في تحقيق فائض شهري في الأشهر الأولى، ولكن ما يلبث بضعة أشهر إلا وتزداد مصاريفه لتناسب دخله الجديد (وبشكل لا شعوري في كثير من الأحيان)، بحيث يختفي هذا الفائض بعد بضعة أشهر، ومن ثم ينتظر الشخص الزيادة المقبلة في الدخل ليبدأ في الادخار من جديد، وهكذا تدور الدائرة دون أن ينجح الشخص في الادخار.
لهذا أرى أن القرارات الأخيرة بمنح مكافأة راتبين لموظفي الدولة ولعديد من موظفي القطاع الخاص، تعتبر فرصة ذهبية للبدء في الادخار لمن لم يبدأ فيه بعد، ولزيادته والالتزام به لمن بدأه ولم يكمل.. ومن باب ذلك إليك التوصيات التالية:
أولاً: لا تصرف مبلغ المكافأة، بل حوله إلى حساب ادخاري واستثماري. فمبلغ المكافأة إذا تم صرفه (على هدية أو رحلة أو ما شابه) فسيعود عليك بمردود وقتي زائل، أما إذا تم ادخاره واستثماره فسيكون بذرة لتحقيق أهداف أكبر بمشيئة الله (كامتلاك منزل أو بدء مشروع أو غيره) ما يرجى معه تحقيق منفعة أكبر وأكثر دواماً، وإن اضطررت فلا بأس بصرف جزء من المكافأة، ولكن في نسبة قليلة منها.
ثانياً: لا تتوقف عند هذا الحد، بل استغل بذرة الادخار التي بدأت بها مع المكافأة واتخذ قرارك بالبدء في الادخار مرة واحدة، بمعنى ألا تلجأ إلى الادخار بشكل يدوي، بحيث تجاهد كل شهر لاستقطاع مبلغ لتجنيبه للادخار، بل من الأفضل أن تذهب إلى بنكك مرّة واحدة فتخبره برغبتك في استقطاع مبلغ محدد كل شهر في وقت نزول الراتب، بحيث يتم تحويله إلى حساب ادخاري أو استثماري، وذلك بشكل آلي ودون الرجوع إليك، ليتبقى لك في حسابك الجاري فقط المبالغ المفترض أن تقوم بصرفها بشكل شهري، حيث تتعامل مع هذا المبلغ على أساس أنه هو دخلك الوحيد. ومن الممكن البدء بمبلغ اقتطاع صغير في البداية لكيلا يؤثر في مصروفك الشهري بشكل كبير. كما تحبذ زيادة الاقتطاع بشكل دوري كلما تعودت على الدخل الأقل، أو كلما تحققت زيادة في الدخل (بحيث تذهب غالبية الزيادة للادخار بدلاً من أن تذهب للصرف).
أرجو ألا نفوت هذه الفرصة، لأن نبدأ رحلة الادخار والاستثمار.. مع تمنياتي للجميع بالنجاح في خططهم المالية، وبالتوفيق والسعادة.
فكرة رائعة , شكرا لك
الكلام أسهل من الفعل ،، والواقع الحالي للمنتجات الاستثمارية في السوق السعودي لا يشفع لها ولا يعطيها الموثوقية للحرص على اقتنائها ..
و هل هناك حسابات ادخارية لدى البنوك حلال...؟؟؟؟ ارجو الافادة
مــاهو قــادر يأكل خــبز !!!!! قال إعطــه كيك وإلا بدل الكيك جـــــاتوه ؟؟؟؟؟!!!!!
سؤال للكاتب والقراء الافاضل,, هل الادخار يكون بتجميع المال من دون اي حركة عليه (يعني تحت البلاطة وقفل عليها) او الافضل تشغيلها في استثمارات طويلة الاجل ومنخفضة المخاطر؟ حتى لا تتأكل كل سنة مع الزكاة! اذا عندكم البديل نرجو طرحة للنقاش
أشكر للإخوة الأعزاء تفاعلهم واقتراحاتهم القيمة. وبالنسبة لسؤال بعض الإخوة، فإن الأفضل هو عدم تعطيل المدخرات في حساب جاري لأن ذلك يؤدي لتناقص قيمتها الفعلية مع الزمن بفعل التضخم، إنما الأفضل استثمارها عبر المنتجات الاستثمارية المختلفة، وهذه المنتجات تبدأ من صناديق المرابحة والتي تعطي عائداً منخفضاً ولكنه شبه مضمون (وبالتالي تشبه الحساب الادخاري)، مروراً بصناديق العقار والصكوك وصولاً لصناديق الأسهم، وكل فئة تعطي عائد أعلى من سابقتها على المدى الطويل مع مخاطر أعلى. كما يمكن لمن لديه مبلغ أكبر ويمتلك معرفة وقدرة على المتابعة الاستثمار بشكل مباشر بشراء أسهم أو عقار أو بدء مشروع منتج.