أسبوع من الانخفاض الشديد لأسعار السلع الأساسية

13/03/2011 0
ساكسو بنك

تسبب الخطر الناجم عن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، مع ورود بيانات من الصين والولايات المتحدة عن ضعف في الأداء عما هو متوقع، وكذلك الزلزال الذي وقع في اليابان، وتجدد التركيز على مشاكل الديون السيادية في أوروبا، تسبب كل ذلك في تفاقم مشكلة أسعار السلع الأساسية.

فقد عانى مؤشر DJ UBS من أقصى تراجع له منذ نوفمبر الماضي نظرا لأن تراجع الأسواق المالية أدى إلى قلة الإقبال على الاستثمارات عالية المخاطرة، وشهد قطاعا الزراعة والمعادن الأساسية  أكبر الخسائر.

النفط الخام

شهدت عقود وأسعار النفط الخام عمليات مكثفة لجني الأرباح  يوم الجمعة الماضي بسبب تحول التركيز من قلق على العرض إلى شك في الطلب عقب الارتفاع الأخير في الأسعار. فقد شهدت بيانات جرد المخزون الأسبوعي قفزة أخرى في النفط الخام المخزن في كشنج، وفي تسليم نفط خام وسيط غرب تكساس حتى وصل لمستوى قياسي جديد بعد أن تجاوز 40 مليون برميل. وتسببت هذه القفزة في المخزون في فجوة لخام برنت ليتراجع السعر بأكثر من 10 دولارات بعد أن ارتفع نتيجة اندلاع الاضطرابات في ليبيا 16 دولارا.

ويظل التقلب في سعر وسيط غرب تكساس عند مستويات مرتفعة مع عقود تسليم خلال 30 يوما عند 30% وهو ضعف مستويات أوائل يناير الماضي، إلا أنه يزيد بنسبة 6% فقط عن معدل العام الماضي. وبما أن انقطاع صادرات النفط الليبي يؤثر على أسعار السوق، فإن ورود أنباء أكثر سوءا (عن الأوضاع الليبية) سيؤدي إلى مزيد من ارتفاع أسعار المخزون المحفوف بالمخاطر. إن آخر البيانات الواردة من هيئة تداول السلع الآجلة في أمريكا  تظهر أن صناديق الاحتياط، والاستثمارات الضخمة قد احتفظت بمخزون قدره 300 مليون برميل من وسيط غرب تكساس. ومن المرجح أن يكون هذا الفعل هو الذي سبب التراجع الذي حدث الأسبوع الماضي نظرا لعدم ورود أية أنباء عن توقف إمدادات النفط. فبعد الهبوط إلى ما دون سعر 100 دولار للبرميل، يصبح من المقبول بشكل كبير أن يصل سعر البرميل تسليم شهر أبريل القادم إلى 95 دولارا.

الفضة

ارتفع سعر الفضة هذا العام بمقدار 11% حتى الآن، ووصل سعرها هذا الأسبوع إلى أعلى ارتفاع له خلال 30 عاما، وذلك قبل أن تؤدي مخاطر انخفاض كميتها بشكل عام إلى جني الأرباح. إذ تأخذ كميات الوارادات العالمية من الفضة في الانخفاض كنتيجة لإقبال رجال الصناعة عليها للاستخدامات الصناعية، وكذلك لإقبال المستثمرين الباحثين عن ملجأ ذو قيمة يحتاطون به من شبح التضخم.

وعلى هذا الأساس توصل الكثيرون إلى قناعة بأنه مهما يحدث من أمور ، فإنه يظل هناك إقبال على شراء الفضة، بغض النظر عن صواب هذه القناعة من عدمه. ونتيجة لذلك أصبحنا نرى الآن الفضة تتفوق على الذهب بأكثر من 40 %. ففي حين كانت أوقية الذهب تعادل 68 أوقية من الفضة في أغسطس الماضي، أصبحت نفس الأوقية الآن لا تعادل إلا 40 أوقية من الفضة فقط.

وينظر الكبار برؤية خاصة إلى الرقم القياسي القديم الذي حققته الفضة عام 1980، والذي وصلت فيه إلى 50 دولارا للأوقية، والذي تسبب فيه هنت براذرز الذين حصروا السوق في الزاوية إبان التضخم المتسارع في ذلك الوقت.

الذهب

وأثناء ذلك، تمكن الذهب من استعادة عافيته بعد الإجراء التصحيحي الذي أجري عليه في يناير الماضي. فبعد أن وصل سعره إلى مستوى قياسي جديد في الارتفاع، عاد لينخفض خلال الأسبوع الماضي. ويأتي كل هذا بينما تزداد الاضطرابات في ليبيا، وتعود مخاطر مشكلة الديون السيادية في أوروبا لتستولي على انتباه المستثمرين. ويدل ذلك على أنه في حين لا يجد المستثمرون أية رغبة في البيع، فإنهم- في نفس الوقت- لا يشعرون بأية رغبة ملحة في الشراء.

لقد استعادت التدفقات الاستثمارية في المنتجات المتبادلة تجارياً عافيتها، في حين زادت الصناديق الاحتياطية والاستثمارات الضخمة من أوضاع مخزوناتها عن طريق السلع الآجلة. وهذه تطورات إيجابية بالنسبة لكبار المستثمرين، إلا أنه بينما نقترب من نهاية خطة التيسير الكمي في أمريكا في يونيو القادم، فإن النقلة القادمة من جانب الاحتياط الفدرالي الأمريكي ستصبح هامة جدا حيث أن خطة التيسير الكمي الثالثة ستصبح  داعمة بينما ستكون عودة أسعار الفائدة المرتفعة ضارة بالنسبة للذهب.

الحبوب والزيوت

شهد قطاع الحبوب والزيوت انخفاضا بنسبة 16% عما وصل عليه في قمة ارتفاعه في أوائل فبراير الماضي. كما أدى حديث مديرو الصناديق عن التحول من قطاع الزراعة إلى قطاعات أخرى، بالإضافة إلى التحسن الطفيف في توقعات العرض والطلب العالمي إلى زيادة الانخفاض. وأضاف تحسن سعر الدولار – بعد انخفاضه مؤخرا- ضغطا إضافيا على الأسعار. وطبقا لآخر البيانات الواردة من هيئة تداول السلع الآجلة في أمريكا التي تظهر أن صناديق الاحتياط، والاستثمارات الضخمة قد احتفظت بمخزون قدره 851,000 عقد آجل من الحبوب ومركبات فول الصويا، فإن الأسعار مازالت مرتفعة جدا عما كانت عليه في العام الماضي، مع توجه المستثمرين نحو الذرة بشكل خاص، مما يعطى احتمالا بحدوث انخفاض كبير في المخزون من تلك السلع .

فول الصويا

تعرضت عقود فول الصويا لبعض الضغوط نتيجة توقعات مفادها أن المحاصيل في أمريكا الجنوبية ستشهد أرقاماً قياسية لحجم الإنتاج بحيث ترتفع المخزونات العالمية بدرجة غير مسبوقة. وقد استفادت أسعار الذرة من ارتباط الإيثانول بأسعار البنزين المرتفعة وتفوقت على الحنطة بنسبة 18% خلال الشهر الماضي.

القمح والأرز

تعتمد توقعات القمح- إلى حد ما- على أحوال الزراعة في أودية شمال الصين حيث تسبب الجفاف في زيادة الشكوك حول المحصول الحالي. ومع ذلك فقد انخفض السعر في شيكاجو بنسبة 22% عما كان عليه من ارتفاع في شهر فبراير الماضي. وحدث أكبر انخفاض أسبوعي له-  على مدار أكثر من عامين- هذا الأسبوع، ويرجع ذلك إلى رفع وزارة الزراعة الأمريكية تقديرات المخزون لديها إلى 4,1 مليون طن. وفي غضون ذلك، تراجع أيضا سعر الأرز بنحو الربع عما كان عليه من ارتفاع  نظرا لتوقع وزارة الزراعة الأمريكية لارتفاع المخزون العالمي منه لأعلى مستوى له في ثمانية أعوام، وبذلك تحدث انفراجة في أزمة الأمن الغذائي.

الكاكاو

انخفضت أسعار عقود الكاكاو الآجلة خلال الأسبوع المنصرم بنسبة 7% بناء على مؤشرات بأن حظر التصدير لأسباب سياسية في ساحل العاج- أكبر منتج للكاكاو في العالم- لن يكون له التأثير المتخوف منه نظرا لوصول إمدادات من الكاكاو للسوق من مصادر أخرى. فمن المتوقع أن ترفع غانا- ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم- إنتاجها منه بنسبة 42% خلال هذا الموسم، كما أنه من المتوقع أن يزيد الناتج العالمي منه- بشكل عام- عن مستوى الطلب.

البن

على الجانب الآخر يتجه سعر البن نحو الارتفاع الحاد على خلفية التوقع بعدم كفاية الناتج العالمي من البن عالي الجودة لحجم الطلب عليه. فقد دلت أعمال جرد مخزون البن لدى الدول المصدرة له على انخفاضه لأقل مستوى له خلال أربعين عاما، مع عدم استطاعة السوق إحداث قفزة في إنتاج البن في كولومبيا. وعليه فإن منتجو البن مترددون في البيع حاليا لأنهم يتوقعون زيادة أكبر في الأسعار مستقبلا.

المعادن الأساسية

هبط مؤشر لندن لتبادل المعادن – وهو يضم المعادن الستة  الأساسية- بنسبة 6% خلال الأسبوع الماضي، حيث ظهر من خلال الانحدارات التي مني بها قطاع المعادن أن المؤشر في اتجاه سلبي هذا العام. فقد خضع اتجاه المؤشر نحو الصعود اعتبارا من يونيو 2010 لضغوط كبيرة، لكنه مازال متماسكاً في لحظة كتابة هذه المقال.

ويرجع السبب في وقوع معظم الضرر على الأسعار إلى مخاوف من طلب ضعيف من جانب الصين خلال الشهور القادمة، مع الآثار السيئة الناتجة عن أزمة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فقد انخفض سعر النحاس- وهو المعدن الأكثر استخداما- إلى أقل مستوى له منذ ديسمبر الماضي بسبب هبوط واردات الصين منه لأقل مستوى لها خلال عامين في فبراير الماضي. وتصل حصة الصين إلى 40% من الاستهلاك العالمي، كما يرجع جزء من قلة استخدام الصين للمعدن إلى عطلة العام القمري الجديد في الصين، مع أنه قد جاء في تقرير حكومي صيني أن واردات الصين ستظل "في مستويات مرتفعة نسبيا" خلال العام 2011.