ياعرب: أصلحوا!

27/02/2011 10
سليمان المنديل

لامني أحد الأصدقاء، بأنه في الوقت الذي يشهد العالم العربي زلزالاً، بدأ في تونس، ثم انتقل إلى أرض الكنانة، وهو اليوم مستمرفي البحرين، واليمن، وليبيا، والجزائر، فإنني مازلت أكتب عن القضايا الاقتصادية المحلية، وتساءل لماذا لا تكتب عن تلك التطورات التاريخية، غير المسبوقة؟!

جوابي على ذلك هو: أن هناك من الكتّاب السياسيين من هم أقدرمني على الحديث عن تلك الأحداث السياسية، وأنا أفضّـل قصراهتماماتي على الشؤون الاقتصادية، والمعيشية، المحلية، ولكن إذا كان لابد من الكتابة عن تلك الأحداث، فسأدّعي أن لكل تلك الثورات أسبابا اقتصادية، ولكن زاد عليها موضوع الحريات الشخصية، وحرية الرأي.

وللتوضيح فإنني أستطيع إبراز العلاقة الاقتصادية بين ما حدث في تونس، ومصر، وما يجري حالياً في بقية الدول العربية الساخنة، وهي باختصار تقع تحت ثلاثة عناوين رئيسة: البطالة، والتضخم، والفساد، واسمحوا لي أن أفصّـل:-

1 – البطالة: كم هو عجيب وضع الدول العربية في اشتراكها في ظاهرة ارتفاع نسبة جيل الشباب من مجموع السكان، ومع ذلك لا أحد يلتفت إلى قضية إحداث فرص عمل، بل إن الظاهرة السائدة في كثير من البلدان العربية، هي التمديد لمن يصل إلى مرحلة التقاعد، ويبقى الشباب في الشارع بدون عمل، دونما اكتراث من أصحاب القرار!! ومن ثم تنفجر الفقاعة في وجه الحاكم، ويحاول، وبعد عقود من الحكم، وبعد فوات الأوان، أن يقول "فهمتكم" وهي كلمة ستدخل التاريخ، مثلما نسب إلى الملكة ماري أنطوانيت، زوجة الملك الفرنسي لويس السادس عشر، عندما شاهدت متظاهرين خارج قصر فرساي، يتظاهرون بسبب نقص الخبز، وتساءلت: إذا لم يكن الخبز متوفراً، فلماذا لا يأكلون الكعك؟!

2 – التضخم: الدول العربية تعاني من حقيقة أن مواطنيها غير سعيدين في حياتهم، لأنهم مشغولون بتوفير أساسيات متطلباتهم المعيشية المكلفة، أما الحديث عن توفير مسكن، فهي بالنسبة لأغلبهم من رابع المستحيلات، ومن قبيل أضغاث الأحلام.

3 – الفساد: ساعدت وسائل التقنية، والاتصالات الحديثة، في كشف ما كان يصعب معرفته من أوجه الفساد، فدول الشرق الأوسط معروفة بأن تكاليف عقودها، ومشاريعها، ومشترياتها، هي الأعلى، مقارنة بغيرها، ومن ثم أصبح بالإمكان تحديد حجم العمولات المدفوعة، بدون وجه حق، للمستفيدين الشرق أوسطيين، ووكلائهم.

الخلاصة هي أن البطالة، والتضخم، والفساد، هي المحركات الرئيسة لكل تلك الزلازل، ولا يستخدمن أحد فزاعة التدخلات الأجنبية المزعومة، لتبرير ما حدث، ويحدث، فتلك أسطوانة مشروخة، ومستهلكة، ولم يعد المواطن العربي يصدقها.

أصلحوا، يصلح الله أمركم.