يتزايد القلق بين أولياء الأمور في الصين يوما بعد يوم من ضيق الطاقة الاستيعابية للجامعات الصينية عن توفير كمية كافية من المقاعد لأبنائهم بعد تخرجهم من التعليم الثانوي، حيث أنه وفقا لحدود الطاقة الاستيعابية الحالية لا يتمكن 4 مليون طالب، بغض النظر عن مستويات تحصيلهم أو ذكاءهم من الالتحاق بالجامعات الصينية، ولتحديد من له الأحقية في الالتحاق بالجامعة على جميع الطلبة ان يجتازوا اختبارا قاسيا يسمى اختبار "gaokao" والذي يعادل الاختبار البريطاني "A-level"، والذي على أساس نتائجه تتحدد ما إذا كانت ستتاح الفرصة للشخص بأن يدخل الجامعة أم لا. في مجتمع مثل الصين، من المؤكد انه على أساس نتيجة هذا الاختبار سوف تتحدد الآفاق المستقبلية المتاحة أمام الطلبة في الصين، حيث سيتحدد وضعهم الاجتماعي والمهني ومستقبلهم ومستقبل أسرهم بشكل عام، وذلك في ضوء التحولات الهيكلية التي تجري في سوق العمل حاليا في الصين، والذي أصبح يعتمد بدرجة كبيرة على قوى المنافسة.
وجود 6 مليون مقعد فقط في الجامعات الصينية يحمل مخاطر كبيرة لكافة الطلبة المسجلين في التعليم الثانوي، حيث أن احتمال ان يدخل أي شخص منهم الجامعة لا يزيد عن (60%). اختبار الـ "gaokao" أصبح "بعبع" الأسر حاليا في الصين، وهو باختصار قلب النظام التعليمي حاليا، فهو الوسيلة التي من خلالها يقدم النظام التعليمي الصيني الفرصة للأشخاص العاديين بأن ينقذوا أنفسهم من الفقر باستخدام مهاراتهم في مجال التعليم، فخوض هذا الاختبار بنجاح يمكن أن يحول الأسرة من أسرة فقيرة إلى أسرة غنية، أو أن يحول أسرة غنية إلى أسرة فقيرة، خصوصا في ظل ضيق الفرص المتاحة أمام الفرد لتغيير فرصه في الحياة في مجتمع موجه مثل الصين، في الوقت الذي تتضاءل فيه فرص إرسال الأبناء للتعلم في الخارج في هونج كونج أو في الولايات المتحدة، حيث ان الجانب الأعظم من الشعب الصيني لا يمكنه تحمل تلك التكاليف، ومن ثم يعد الاختبار احد الآليات الهامة في الحراك الاجتماعي في الصين. حيث ينظر الآباء اليوم إلى أبناءهم على أساس أنهم أحد الأصول التي يمكن الاعتماد عليها عند التقدم في العمر، وذلك في ظل نظام ضعيف للضمان الاجتماعي، ولذلك تحرص الأسر الصينية اليوم، مهما كان ضعف مستوى دخلها، على الادخار من هذا الدخل لكي تؤمن لأبنائها فرصة الحصول على دروس خاصة إضافية لكي ترفع من احتمالات وفرص خوض أبناءها هذا الاختبار بنجاح. في بكين تتجمع آلاف الأسر وقت هذا الاختبار أمام معابد بوذا طالبة المساعدة الإلهية (حسب المعتقدات البوذية)، ويديرون طواحين الصلاة آملين في أن يتمكن أبناءهم من خوض الاختبار بنجاح.
نتيجة تصاعد الضغوط على الأسر وخشية من الاختبار، الذي أصبح احد أسس الحياة في الصين المعاصرة، تبذل السلطات في الصين جهودا جبارة للتأكد من أن الاختبار يسير بيسر، ويتم التحفظ على أوراق الأسئلة تحت الحماية المسلحة، بينما تعاقب السلطات من يقوم بتسريب هذا الاختبار عقابا شديدا، كما تقوم السلطات بإرسال رسائل نصية على الهواتف النقالة تدعو الناس بعدم التشويش على الطلبة في أماكن الاختبار من خلال الصياح أو استعمال آلات تنبيه السيارات، كم توقف المرور في المناطق المحيطة بأماكن الاختبار لتمكين الطلبة من الوصول إلى مكان الاختبار بسهولة.
بقي ان أشير إلى ان هناك انتقادات توجه إلى اختبار الـ الـ "gaokao" على انه اختبار يقيس درجة حفظ الطلبة، ولا يعتمد على قياس قدرات الطلبة على التخيل والإبداع، مثلما هو الحال في الاختبارات التي نجريها في بلادنا العربية.
المصادر: http://www.guardian.co.uk/education/2008/jun/08/internationaleducationnews.highereducation
http://www.bestcollegesonline.com/blog/2011/02/13/10-shocking-stats-on-chinas-college-system/
على الرغم انني لا اتفق معك نوعاً ما في ما تكتبه عن الصين ... الا انني لا اتفق معك وبشكلاً صريح ومباشر لكتابتك هذه النقطة ........................................................((( بقي ان أشير إلى ان هناك انتقادات توجه إلى اختبار الـ الـ “gaokao” على انه اختبار يقيس درجة حفظ الطلبة، ولا يعتمد على قياس قدرات الطلبة على التخيل والإبداع، مثلما هو الحال في الاختبارات التي نجريها في بلادنا العربية ))) ..................................................... هل اصبحنا افضل من الصين في اختباراتنا او في تعليمنا
قال الإمام الرحبي في متن الرحبية: فاحفظ فكل حافظ إمام.