تعرض العالم في فترة السبعينيات الى موجات تضخمية عنيفة جعلت البعض يصف تلك الحقبة بفترة التضخم المرتفع، والذي بلغ في بعض الحالات نسبة 25%. وعلى الرغم من أنه منذ بداية العقد الماضي واسعار النفط ترتفع حتى بلغت حوالي 150 دولارا في 2008، إلا انه مع ذلك لم يشهد العالم تلك الموجات المرتفعة من التضخم التي شهدها في السبعينيات مرة أخرى، عندما بلغ سعر النفط حوالى 12 دولارا تقريبا، فما هو السبب وراء ذلك؟
الاجابة في منتهى البساطة تكمن في الانجاز الهائل الذي حققه العالم في كفاءة استخدام الطاقة، والموضحة في الشكل التالي الذي نشرته الإيكونيميست عن تطور كمية الطاقة المستخدمة لتوليد وحدة من الناتج في مختلف دول العالم (أطنان النفط اللازمة لتوليد ألف دولار من الناتج المحلي الاجمالي). لاحظ من الشكل أن كفاءة استخدام الطاقة كانت منخفضة جدا في فترة السبعينيات (ارتفاع كمية النفط اللازمة لتوليد ألف دولارا من الناتج)، ولذلك عانى العالم من تضخم مرتفع مع صدمة اسعار النفط في تلك الفترة، حتى استطاع العالم ان يحسن من تكنولوجيا الانتاج الموفرة للطاقة، لاحظ أيضا من الشكل ميل عدد الوحدات المستخدمة من الطاقة لا نتاج وحدة من الناتج (ألف دولار) يميل نحو التراجع حتى بلغ مستويات دنيا، حاليا، ويتوقع ان يستمر في التراجع حتى 2030، استنادا الى تقرير من شركة بريتش بتروليوم "Energy Outlook 2030", كما يوضح الشكل التالي.
المصدر: http://www.economist.com/blogs/dailychart/2011/01/energy_use
ولكن ما الذي دفع بالعالم نحو هذا الاتجاه؟ بعد ان قام العرب بقطع امدادات النفط عن الولايات المتحدة واوروبا في عام 1973 بقيادة الراحل الملك فيصل بن سعود، طيب الله ثراه، لتأييد مصر وسوريا في حربهما ضد العدو الصهيوني، شعر الغرب بالقوة الاستراتيجية التي تملكها الدول النفطية، خصوصا بعد ان قامت تلك الدول بحملات عامة لتأميم تسهيلات انتاج النفط بها والتحرر من سيطرة الشركات النفطية (أو ما كانت تسمى بالأخوات السبع). فاقترح الداهية هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي السابق، فكرة انشاء منظمة دولية للطاقة International Energy Agency لتكون بمثابة اتحادا للمستهلكين بهدف مواجهة منتجي النفط، ومحاولة تخفيض الاستهلاك العالمي من الطاقة، والبحث عن مصادر بديلة لها، ورفع كفاءة استخدام الطاقة، ولذلك اصبح معيار "موفر للطاقة Energy saving"، أحد المعايير التي يجب ان يحققها اي اختراع جديد او عملية جديدة للإنتاج، واصحبنا نرى علامة (موفر للطاقة Energy saving، أو نجم طاقة Energy star) على كل منتج تقريبا بين يدينا. وبدأت دول العالم ترصد الميزانيات الضخمة لتطوير تكنولوجيا بديلة توفر استخدام الطاقة، ونتيجة لهذه الجهود انخفضت كمية الطاقة المستخدمة لتوليد وحدة الناتج المحلي الاجمالي على النحو الذي نراه أعلاه.
يعطيك العافيه دكتور محمد وياليت تكتب مقال يوضح عن تقديرك لخسائر الاقتصاد المصري من بدايه 25 -1 إلى اليوم لأن الفضول يدفعني لمعرفه كم مليون تخسره مصر في اليوم !!
أشكرك جزيل الشكر يا د. إبراهيم. الحقيقة اليوم وأنا أناقش بعض زملائي في ظاهرة تلوث الهواء وثاني أكسيد الكربون والاحتباس الحراري. بينت لهم أن الغرب يكذبون علينا. مشكلة الاحتباس الحراري وزيادة ثاني اكسيد الكربون وهمية. التساؤل: لماذا يزيد بترول العرب الاحتباس الحراري وتغير المناخ ولا يزيده فحم أمريكا والصين؟ الجواب أصبح أكثر وضوحا بعد قراءة المقال
دكتور محمد اسمح لي ان اخالف تقرير BP الرأي قليلا وبعض النتائج المبنية عليه من المؤكد ان العالم استطاع ان يحقق ارتفاعات ملحوظة في الناتج القومي مقارنة بكمية استهلاك الطاقة . ولكن بالنظر الى الجهة الاخرى من العملة المعدنية نرى التالي: 1) مع مرور الوقت يتباطىء منحنى الرسم ليصبح افقيا 2) الرسم يتجاهل دول مثل السعودية التي تستهلك كميات مقاربة للسعودية. وعند ادراج دول جنوب الصحراء الافريقية ونموها المطرد . اعتقد اننا سوف نرى منحنيات تشابه الصين في ال 50 وال 40 3) هنالك خلط كبير في التقييم . فكما تعلم احتساب الناتج على الطاقة في عملية النقل مثل ناتج الخدمات في مشوار تاكسي مقارنة بسيارة تسير بالكهرباء لنفس المسافة فحسابات الناتج سوف تتضمن الكثير من التقنية والعمالة والمهارات الهندسية والالات المتخصصة والتي سوف تظهر فرق كبير بين الطاقة و الزيادة في الناتج . 4) اعتقد انه مع الثورة الالكترونية التي شهدناها في التسعينات من القرن الماضي قد صنعت نقلة نوعية في استهلاك الطاقة. الا أن حدود العقول البشرية وقوانين الثرموداينامكس قد استنفدت الحلول السهلة لتخفيض استهلاك الطاقة وبداءنا نصطدم بعوائق صعب تخطيها .
اسف قصدت "تستهلك كميات مقاربة للهند"
شكرا يا دكتور على هذا المقال
الله يعيطك العافية دكتور محمد نتيجة التقدم التكنولوجي ... اصبح بالامكان تقليل الهدر الذي كان يحدث سابقا في مجال توليد الطاقه وشخصيا ارى ان المستقبل سوف يحمل اخبارا ممتازة ... فكلما تقدم الوقت اصبح بالامكان زيادة كفائة الانتاج شكرا لك