بدأت المخاوف من التضخم تجتذب الانتباه بعد أسبوع ارتفعت فيه المخزونات والسلع بينما تراجعت مخاوف الديون في منطقة اليورو بعد المزايدات الناجحة على السندات من قبل بعض أكثر أعضاء المنطقة هشاشة من الناحية الاقتصادية.
وقد اكتسبت الزيادة التي حققها اليورو مقابل الدولار (4%) – والتي كانت تبدو حتى يوم الخميس مجرد قفزة مؤقتة في السباق- سرعة إضافية عقب الملاحظات الحادة التي أبداها كلود تريشيه محافظ البنك المركزي الأوروبي بخصوص التضخم. ويبدو أنها أدت إلى زيادة فرص ارتفاع أسعار الفائدة في زمن يقل عما كان السوق يتوقعه بكثير. فقد ارتفع معدل التضخم الأوروبي إلى 2.2% في شهر ديسمبر، وهي أسرع زيادة له منذ عام 2008م، وتجاوز الآن سقف نسبة 2%.
وقد قضى مؤشر سوق المال الصينية الرائد على مكاسب العام بعد إعلان من بنك الصين الشعبية عن ارتفاع آخر في معدل احتياطي البنك. وسيكون ذلك أحد الموضوعات التي قد تحدّ التوقعات بشأن ارتفاع أسعار السلع في عام 2011م. فقد ارتفعت أسعار السلك الاستهلاكية الصينية بنسبة 5.1% في شهر نوفمبر، وهي أعلى زيادة منذ عام 2008م، بعد الارتفاع الكبير في تكاليف الأغذية. أما السلع الأساسية – التي كان كثير منها قد شهد تراجعاً خلال الأسبوع الأول من شهر يناير- فقد عاودت انطلاقتها مع تسارع مؤشر رويترز جيفرز سي آر بي، إذ بلغ تراجعاً بنسبة 50% تقريباً عما كانت عليه المبيعات من أواخر عام 2008م إلى عام 2009م. وقد أدت المنافسات الشديدة بين المنتجات الزراعية ومنتجات الطاقة إلى ارتفاع المؤشر بنسبة 2.3% عند إعداد هذا التقرير.
استردت أسعار الطاقة عافيتها بعد فورة الشراء أثناء الأسبوع الأول من شهر يناير على خلفية الاضطرابات العديدة التي شهدها العرض. وكان بمقدور تقرير بشأن التسرب الذي شهده خليج المكسيك العام الماضي أن يؤذن بحقبة جديدة وأكثر تكلفة للحفر قبالة الشواطئ مع تأخير بعض المشروعات نتيجة لذلك، فقلت كميات المعروض في السوق الأمريكية.
ويبدو أن خام برنت الأوروبي مهيأ لأن يكون أول خام يختبر مستوى المائة دولار مع استمرار الارتفاع البارز في صفقاته مقارنة بخام غرب تكساس. وقد وصل خام برنت هذا الأسبوع إلى 98.85 دولارا للبرميل مع ارتفاع سعر عقود مارس بمقدار ستة دولارات. وكان يقف وراء هذه الزيادة الكبيرة التوقفات التي شهدها العرض والطقس البارد في أوروبا مضافا إليه ارتفاع مستويات المخزون في كشنج التي تمثل مركز تسليم خام غرب تكساس.
ولا يزال النقاش مستمرا بشأن كون سعر خام برنت يمثل الموقف الراهن للطلب العالمي مع التهديد الشديد الذي تتعرض له مكانة خام غرب تكساس باعتباره المعيار العالمي. وما يبدو واضحا هو أن الطلب العالمي قد ارتفع بقوة خلال الربع الأخير من عام 2010م ولا تزال توقعات النمو لعام 2011م تشير باتجاه حدوث زيادة عالمية في الطلب. وفي ظل قدرتها الزائدة، فإن منظمة الأوبك ليست في عجلة من أمرها لفتح الصنبور وتمسك بمفتاح تصرفات السعر على مدار الأشهر القادمة.
ولا يزال مستوى التسعين دولارا يمثل محور خام غرب تكساس وتوفر الارتفاعات الأخيرة عند مستوى 92.60 مقاومة بينما يمكن أن نجد الدعم في الانخفاضات التي شهدها شهري ديسمبر ويناير عند مستوى 87.10. وقد كافحت الفضة والذهب لاكتساب المزيد من قوة الدفع خلال الأسبوعين الأخيرين. وأدى تراجع المخاوف بشأن ديون الدول الأوروبية والمكاسب التي حققتها سوق المال وتحول التركيز باتجاه السلع الموسمية– مثل الطاقة والمعادن الأساسية- إلى إزالة جزء من أقوى دعم شهدناه خلال الأشهر الست السابقة. وقد شهد وضع المضاربات في المعدنين على المدى الطويل انخفاضاً مستمرا على مدار الأشهر الثلاث الماضية، بينما شهدت الاستثمارات في صناديق المؤشرات هي الأخرى انخفاضاً، وإن كان صغيرا.
تراجع أداء الفضة عن الذهب بنسبة ثلاثة بالمائة مؤخراً واستقر حاليا عند مدى 28 إلى 30 دولاراً، بينما تمت صفقات الذهب في مدى بين 1.350 و 1400 دولار. وأي تراخٍ بين هذين الانخفاضين سيزيد من مخاطر تدهور الوضع.
أثار تقرير وكالة التنمية الأمريكية بشأن العرض والطلب الزراعي يوم الأربعاء جولة أخرى من ارتفاع أسعار الذرة وفول الصويا والقطن، مع استمرار مستويات المخزون العالمي في التضاؤل. وتناقصت نسب المخزون المهيأ للاستخدام إلى انخفاض مخزون الذرة إلى 15 عام وانخفاض مخزون فول الصويا إلى 30 عاما. ويستهلك الطلب القوي على الإيثانول الآن قرابة 40% من إنتاج الولايات المتحدة من الذرة، ومن المتوقع أن هذا الطلب لن يشهد أي تراجع إلا إذا ارتفعت أسعار الذرة فوق 8 دولارات للبوشل، بارتفاع بنسبة 25% تقريبا عن المستويات الراهنة. أما الطلب القوي المتوقع على زيت فول الصويا فسوف يؤدي إلى انخفاض مخزون فول الصويا إلى أدنى المستويات خلال ثلاثين سنة وقد يؤدي هذا إلى الترشيد الغذائي أو ارتفاع الأسعار.
ومن وجهة نظر الأمن الغذائي، حمل التقرير عددا من الأنباء السارة. فالأرز والقمح اثنان من أهم الحبوب، حيث يمثل الأرز الوجبة الرئيسة الثابتة لملايين من الناس في آسيا. وقد زادت وكالة التنمية الأمريكية توقعاتها بشأن حصاد الأرز وخفضت من توقعاتها بشأن الطلب في وقت يتوافر معروض القمح في السوق. وقد أدى ذلك إلى تراجع أداء القمح عن الذرة بأكثر من خمسة بالمائة منذ نهاية العام، في اتجاه يمكن أن يستمر على مدار الأشهر القادمة.