المشكلة إدارية!

09/01/2011 10
سليمان المنديل

قبل خمس عشرة سنة انخفضت أسعار برميل النفط إلى (9) دولارات، وبلغ مستوى الدين العام أكثر من (90%) من الناتج المحلي، ومن ثم لم يعد بمقدور الحكومة القيام بأي إنفاق رأسمالي، وكان كل الجهد منصباً على تدبير رواتب موظفي الحكومة.

ورغم ذلك الوضع المالي الصعب، فقد كانت هناك شريحة من الناس، أنا منهم، تشعر بأن مشكلتنا هي إدارية، وليست مالية، لأن اقتصاداً يمتلك ربع الاحتياطي العالمي من النفط، بإمكانه التعافي، إذا قام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة. والواقع أنه نتيجة لتلك الأزمة، فقد بدأ الحديث عن الإصلاح الاقتصادي، وأنشئ المجلس الاقتصادي الأعلى، وبدأ حديث حول التخصيص، وأنشئت هيئة الاستثمار، وهيئة السوق المالية، ولكننا اليوم، وبالرغم من أن الخزينة العامة تنوء بالودائع النقدية، فإن الواقع يؤكد أن مشاكلنا إدارية، وسأعرض ثلاثة أمثلة مختلفة منها:-

1 – بعد مرور عام على غرق جدة، تعود الأمطار لتغرق المزيد، وتطالعنا الصحف بأخبار المسؤولين يتحدثون عن "دراسات" لإيجاد نفق تصريف هنا، وهناك!! وكان يتوقع، ومنذ أحداث العام الماضي، أن يبادر إلى دعوة خبراء هولنديين، إلى القدوم بطائرة خاصة، وتقديم الحلول وهم الذين تقع بلدهم تحت مستوى سطح البحر، وقد حموها منذ مئات السنين، أو خبراء آخرين، فكثير من الدول التي تحظى بأمطار استوائية، قد أوجدت حلولاً، كان يمكن استقدام خبرائها على عجل!! ألم أقل إن المشكلة إدارية؟!!

2 – مشكلة التضخم أصبحت مقلقة، وتطالعنا الصحف بأخبار أن المسؤولين في المناطق سيتحرون عن أسبابها!! ماذا عسى أولئك المسؤولون أن يفعلوا أكثر من أن يكتبوا تقارير توضح أن أسعار المواد الاستهلاكية قد زادت بنسبة كذا؟ وأن تملك السكن أصبح عصياً على الكثير من المواطنين!! والسؤال هنا: كيف تحولت قضية اقتصادية يفترض أن تجند لها كل القدرات الاقتصادية، على المستوى الوطني، إلى عملية تحرٍ محلية؟! ألم أقل إن المشكلة إدارية؟!!

3 – يلام العقاريون على أنهم يكتفون بتخطيط أراضيهم، وبيعها بيضاء، وبذلك لا يساهمون في حل مشكلة السكن، ويفترض أنه كان بإمكانهم الاستثمار في إسكان اقتصادي مطلوب. ولو أجريت استفتاءً مع أولئك العقاريين، لحصلت على إجابة موحدة، وهي أن الصداع المرتبط بمحاولة تحصيل الإيجارات، هو كفيل بقتل أي فكرة استثمارية، ومتى فكر قلة منهم بالاستثمار في السكن، فهم سيبحثون عن الشركات، وجنسيات غير سعودية، والسبب هو أن السلطات التنفيذية قد توقفت عن القيام بدورها في تحصيل حقوق الملاك، من المستأجرين، وكل ذلك يدفع ثمنه المواطن الملتزم، الباحث عن سكن، ولا يجد من يؤجره!!

قضية مرتبطة بذات الموضوع، تبرز من خلال الإجراء الإداري القائم حالياً، وهو لو قام المستأجر بإغلاق العقار، واختفى، فالمالك، ولكي يستعيد عقاره، وليس بالضرورة لتحصيل باقي مستحقاته، فإن عليه التقدم إلى الشرطة، والتي يفترض في حال تعاونها، أن تحيل الموضوع إلى المحكمة الكبرى (نعم المحكمة الكبرى!!)، وإن كان المالك محظوظاً، فستخرج لجنة ثلاثية، ثالثها العمدة (وهو ذلك المخلوق الأندر من الديناصور)، وتفتح العقار، وتسلمه للمالك، وخلف الله على باقي الإيجار!! ألم أقل إن المشكلة إدارية؟!!