وأخيرا تم يوم أمس إضفاء صبغة قانونية، رسمية وفعلية لمشروع خط أنابيب الغاز «نابوكو»، ووٌقع رؤساء الوزراء التركي والنمساوي والبلغاري والمجري والروماني على إتفاق لإقامة خط الأنابيب الرابط بين آسيا الوسطى والإتحاد الأوربي.
وتقوم شركة نابوكو غاز بايبلاين إنترناشيونال (Nabucco Gas Pipeline International GmbH) بتطوير المشروع وهي شركة مشتركة بين كل من «إم أو إل» المجرية للطاقة و«ترانزجاز» الرومانية و«بوتاس» التركية و«بلجارغاز» البلغارية و«آر دبليو إي» الألمانية و«أو إم في» النمساوية للطاقة التي تمتلك شركة الإستثمارات البترولية الدولية (آيبيك) -والتابعة لحكومة أبوظبي- حصة فيها. وقد لاقى نابوكو تجاوباً من كثير من الدول لاسيما من طرف الإتحاد الأوربي، ذلك أنّ الخط (نابوكو) سيساهم بشكل كبير في خفض اعتماد الإتحاد الأوربي على الغاز الروسي، خاصة بعد الأحداث الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا التي أثرت سلبا على إمدادات الغاز إلى أوربا.
ويحضى مشروع «نابوكو» أيضا بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، كما يُحتمل أن يضخ "خط أنابيب الغاز العربي" -المزمع إنشاؤه- الغاز عبره (نابوكو) إلى أوربا، إلى جانب ذلك لا يُستبعد أن يكون خطا لنقل الغاز الإيراني أيضا.
هذا وجاء مشروع «نابوكو» منافسا لمشاريع أخرى للغاز كمثل أنبوب «ساوث ستريم» الذي تنفذه مجموعتا «غازبروم» الروسية و«إيني» الإيطالية، والذي سيربط روسيا ببلغاريا عبر البحر الأسود.
ويبدو أنّ شركات من سوق أبوظبي لن تغيب عن المشروع حيث أعلنت شركة دانة غاز، المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية، وشركتها الشقيقة نفط الهلال، في مايو الماضي عن توقيع اتفاقية شراكة وتحالف مع شركة " OMV أو أم في " ، النمساوية والمدرجة كمجموعة متكاملة للنفط والغاز، وشركة "MOL أم أو أل" للنفط والغاز المجرية والمدرجة كمجموعة متكاملة للنفط والغاز أيضا، بهدف الاستثمار في قطاع الغاز بإقليم كردستان العراق الذي تستثمر به دانة غاز، لأجل إيصال إمدادات الغاز من كردستان إلى أوربا عبر نابوكو.
وستدفع شركتا «أو.إم.في» النمساوية و«أم.أو.إل» المجرية الشريكتان في الخطة 350 مليون دولار إلى «دانة غاز» وشركتها الأم «نفط الهلال» مقابل حصة 10 بالمئة في «نفط اللؤلؤة» وهو مشروع للغاز في منطقة كردستان العراقية والمملوك مناصفة لـ «دانة» و«نفط الهلال».
وستعطي «ام.او.ال» 3 بالمئة من أسهمها لكل من «نفط الهلال» و«دانة»، وفي المقابل ستحصل «ام.او.ال» أيضاً على 10 بالمئة في «نفط اللؤلؤة». وتجعل الصفقة «دانة» جزءاً من شبكة دولية وتتيح لها إمكانية الدخول إلى السوق الأوروبية الكبيرة، حيث يرى محللون أنه من المتوقع أن تبيع «دانة غاز» المزيد من الغاز في أوربا بسعر أعلى منه في العراق من خلال برنامج خط أنابيب «نابوكو»، وهو ما يعطي دفعة كبيرة لإيراداتها، لاسيما وأنّها دخلت في شراكة مع شريكان أوروبيان ("أو أم في" و "أم أو أل") يعرفان سوق الغاز الأوروبية بصورة جيدة.
هذا وأذكر على الهامش، بعيدا عن التفاصيل الإقتصادية للمشروع ومن باب للملاحظة فقط أنّه تمت تسمية المشروع بإسم نابوكو نسبة لأوبيرات كلاسيكية أوربية تحمل نفس الإسم وذلك تأكيداً على الطابع الأوروبي للمشروع، وكانت الأوبيرات من تأليف الملحن الإيطالي غيوسيبي فيردي وهي التي شهرته في القرن التاسع عشر.
يجدر بالذكر أنّ أصل كلمة نابوكو يعود إلى جذور عربية وهي كلمة إيطالية النطق مختصرة لإسم الحاكم البابلي نابوخاذ نصر (Nebuchadnezzar)، الذي حكم بابل للفترة(605-563)ق.م. وهو من غزى القدس وأخرج اليهود منها وأنهى مملكة اليهود، واشتهر بلقب "مقيم المدن" وبنى الحدائق المعلقة- أحد عجائب الدنيا السبعة- في مدينة بابل لزوجته التي كانت تحن إلى موطنها الجبلي.
ويبدو أنه في كلتا الحالتين وحسب المعنيين للكلمة (نابوكو)، فإن أوربا تريد أن تنهي تعلق مصيرها بالغاز الروسي كما أنهى نابوخاذ نصر مملكة اليهود.