شهد عام 2010 ثاني أعلى متوسط لأسعار النفط الاسمية، حيث بلغ متوسط سعر خام غرب تكساس نحو 79 دولارا للبرميل. وكان عام 2008 قد شهد أعلى متوسط لأسعار النفط في تاريخ الصناعة: نحو 100 دولار للبرميل. الغريب في الأمر أننا الآن في الأيام الأخيرة من العام ومازال هناك خلاف كبير حول معدلات نمو الطلب العالمي فيه، حيث إن الفرق بين تقديرات ''أوبك'' وتقديرات وكالة الطاقة الدولية أكثر من مليون برميل يوميا. لذلك يجب توخي الحذر عند قراءة توقعات الهيئات المختلفة للطلب والعرض والأسعار لعام 2011.
المصدر: تقارير البنوك والمنظمات المذكورة في شهر ديسمبر 2010.
أسعار النفط بين 78 دولارا و100 دولار
يوضح الجدول البياني المرفق توقعات 19 مؤسسة من كبار بيوت المال العالمية والمنظمات المختلفة. ولا يتضمن الجدول منظمة الأقطار المصدرة للنفط ''أوبك'' ووكالة الطاقة الدولية لأنهما لا تقومان بنشر توقعاتهما للأسعار. وقبل النظر في هذه الأسعار لا بد من التذكير أن أي توقعات تعتمد على الفروض المستخدمة في هذه التوقعات، وأن جودة هذه التوقعات تعتمد على مدى صحة أو جودة الفروض.
ويتضح من هذه الأسعار أن هناك توقعا عاما بأن أسعار النفط سترتفع، ويتضح أيضا أن هناك تفاوتا كبيرا في هذه التوقعات. ففي الوقت الذي يتوقع فيه خبراء شركة دبليو إيتش بي إنيرجي أن يكون متوسط السعر لخام غرب تكساس في حدود 78 دولارا للبرميل في العام المقبل، يتوقع خبراء بنك جولدمان ساكس أن يبلغ متوسط الأسعار 100 دولار للبرميل، بينما تتوقع إدارة معلومات الطاقة في وزارة الطاقة الأمريكية أن يصل متوسط أسعار النفط إلى 85.17 دولار للبرميل. هذا يعني أن الفرق بين أدنى سعر متوقع وأعلى سعر متوقع هو 22 دولارا للبرميل. ولعل أهم ما في هذه التوقعات أن استطلاعي «رويترز» و«بلومبرج» لتوقعات عشرات الخبراء والمحللين يشيران إلى أن هناك إجماعاً على أن أسعار النفط سترتفع، حيث بلغ متوسط توقعات استبانة رويتر وبلوومبرج 84 دولارا للبرميل، وهذا أعلى من متوسط السعر في عام 2010 بخمسة دولارات للبرميل، ويقترب من متوسط توقعات الأسعار لعام 2011 والبالغ 86.35 دولار للبرميل. ولكن إذا نظرنا إلى متوسط الأسعار المستقبلية وفقا لبيانات نهاية الأسبوع الماضي نجد أنها أعلى من أغلب توقعات الخبراء والمحللين، حيث بلغ متوسط السعر نحو 90 دولارا للبرميل.
ولكن، أي هذه التوقعات أقرب إلى الصحة؟ إن أي رأي قد أذكره لن يكون أكثر من توقع، مثله مثل كل التوقعات الأخرى، لهذا لن يفيد رأيي في هذا الموضوع. إلا أن هناك حقائق لا جدال فيها تجعل تصديق التوقعات المرتفعة صعبا منها:
1- وجود طاقة إنتاجية لدى دول ''أوبك'' تتجاوز خمسة ملايين برميل يوميا، والتي ستلقي بظلالها على أسعار النفط وتمنعها من الارتفاع الكبير. وهنا لا بد من التذكير أنه بناء على معدلات الذبذبة التاريخية في أسعار النفط فإن تحقيق متوسط قدره 100 دولار للبرميل في عام 2011 يعني ارتفاع أسعار النفط في بعض الأحيان إلى 120 دولارا أو أكثر، وهو أمر لا يمكن أن يحدث في ظل الظروف الحالية.
2- استمرار أزمة الديون في بعض الدول الأوروبية وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي في المنطقة.
3- استمرار ضعف الاقتصاد الأمريكي.
4- الخوف من الآثار السلبية للسياسات المالية والنقدية الصينية على الاقتصاد الصيني.
5- الخوف من ردة فعل المستهلكين إذا ارتفعت أسعار النفط بشكل كبير في وقت مازال فيه معدل البطالة في الولايات المتحدة في حدود 9 في المائة.
6- تلاشي آثار ''التيسير الكمي'' والحوافز الضريبية على الاقتصاد مع مرور الزمن.
ختاما، لا شك أن لارتفاع أسعار النفط آثاراً إيجابية في الدول العربية بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص، إلا أن المشكلة التي سيعانيها عامة الناس هي استمرار معدلات التضخم في الارتفاع. المشكلة أن إنفاق المزيد للتعويض عن الآثار السلبية للتضخم كرفع الرواتب وزيادة المكافآت لن تحل المشكلة، بل ستزيد الطين بلة. رفع قيمة الريال مقابل الدولار لن يخفض التضخم. ورغم اقتناع الخبراء بأن تخفيض الإنفاق الحكومي وعرض النقود هو الحل لتخفيض التضخم، إلا أنها ليست خيارات مثلى عندما تقوم الدولة ببناء البنية التحتية والمشاريع التنموية. الحل الوحيد هو زيادة إنتاجية العمال والموظفين.. وهنا نعود لقصة البيضة والدجاجة. لهذا فإن ارتفاع أسعار النفط يعني بالضرورة ارتفاع معدلات التضخم.
بارك الله فيك د. انس .... مواضيعك جدا مفيده
جزاك الله خير
"وجود طاقة إنتاجية لدى دول ”أوبك” تتجاوز خمسة ملايين برميل" ربما هذا الذي جعل السعودية تخزن النفط في اليابان. ذكرت ان حل التضخم الحتمي بسبب ارتفاع النفط هو زيادة انتاجية العمال والموظفين بصراحة يادكتور انس لم افهم كيف يمكن ذلك