الأزمة الاقتصادية إلى أين ؟

20/11/2010 8
خالد عبدالله

عزيزي القارئ هذا الكلام يتحدث عن فكرة في تصور الكاتب يتبناها قد تجانب الصواب فلا تكن حبيس أفكار غيرك اطلع على ما كتب وعند كل فكره ترى أن لها اثر على قراراتك قل ماذا لو حدث العكس ويبقى أنها تعبر عن رأي كاتبها وليست توصية ببيع أو شراء.

شاهدنا نتائج بعض الشركات الايجابية حول العالم للربع الثالث وشاهدنا بعض المؤشرات الاقتصادية الايجابية لدى بعض الدول ويبقى ومن وجهة نظري أن هذا ردة فعل طبيعية للهبوط الحاد في نوفمبر 2007 والذي استمر حتى الربع الأول من 2009 م ولازال للازمة الاقتصادية في نظري بقية.

الهبوط الحاد جعل الكثير من الناس يتوقفون عن الشراء طمعا بالمزيد من الهبوط وعلى اثر ذلك كان هناك طلب تحت الانتظار متراكم فلما حصل الارتداد والصعود زاد الطلب كردة فعل طبيعية للتوقف عن الشراء فترة الهبوط الحاد، أيضا هناك سيولة تبحث عن الفرص الاستثمارية القصير أو بالأصح تتجه للمضاربة كون الاستثمار مخيف وغير واضح المعالم حتى الآن لدى كبار المستثمرين مما يجعل هذا الطلب الحالي قصير المدى وليس قوة شرائية فعلية طويلة المدى ومن هنا يتضح أن الأثر الايجابي للمؤشرات الاقتصادية ونتائج الشركات سيكون قصير المدى وليس طويل المدى.

أيضا هناك عناصر أخرى دعمت نتائج الشركات الايجابية، كدعم الحكومات في الأزمة من خلال الإنفاق الحكومي بالدعم المباشر للشركات أو من خلال الإنفاق على التجديد والإحلال والبنية التحتية. وتراكم المخزون أثناء الهبوط الحاد وتقليل التكاليف من خلال تسريح عاملين وإلغاء بعض العناصر غير المربحة والخفض الكبير للفائدة.

جميع هذه العناصر وغيرها ساعدت على إعطاء نتائج ايجابية للشركات وانعكست أيضا على المؤشرات الاقتصادية بالإيجاب.

وفي نظري القابل للخطأ والصواب لن تستمر الايجابية وما هي إلا ردة فعل طبيعية كما أسلفنا وسيعود السوق للهبوط مرة أخرى وستتدهور النتائج كون الأزمة لازالت مستمرة.

وقد استبدل الأزمة بالتصحيح كون التصحيح انسب فنحن شهدنا فترة رواج انتهت عام 2007 م بعد أن شهدنا توسعات ضخمة ووصلت الإنتاجية لمستويات قياسية في الصناعة والتقنية والخدمات وارتفاع في الأصول من عقار وغيره وارتفاع في السلع وارتفاع في متوسط الأجور وأطروحات كبيرة من شركات في مجالات كثيرة وارتفاع في الإقراض أدى إلى ارتفاع المعروض من قبل المنتجين وزيادة التكاليف عليهم وشدة المنافسة بينهم. 

وفي المقابل ارتفاع الأسعار والتضخم الكبير الحاصل أدى إلى ضعف القوة الشرائية (ضعف الطلب) من قبل الأفراد وزيادة حدة تذبب الأسعار ضاعفت خسائر الطبقة المتوسطة وساعدت في تلاشيها.

بداء التصحيح في نوفمبر 2007 وشهدنا هبوط أسعار حاد بقية عام 2008 نتيجة لهذه العوامل بعد أن وصلت الأسواق ذروتها أو قمتها، وشهدنا مع التصحيح زيادة في البطالة وزيادة في خسائر الطبقة المتوسطة مما ينتج عنه مزيد من ضعف القوة الشرائية والتي لازالت مستمرة في الضعف حسب المعطيات التي أراها.

أيضا شهدنا زيادة في الادخار ونظرة تشاؤمية من المستثمرين (لن نجد مستثمرين يقدمون على فتح خطوط إنتاج جديدة بل حتى الموجودة الآن غير مغرية بسبب شدة المنافسة وضعف هامش الربح, أيضا لن نجد مقرضين ومؤسسات مالية تقرض بسبب النظرة السلبية لوضع الاستثمار واحتمالية التخلف عن السداد).

لذلك خبر ضخ السيولة من الفدرالي الأمريكي والتوقيت الحالي غريب جدا كون الناس متجهة للادخار فمهما ضخ من سيولة ستتجه للادخار وان اتجهت بعض السيولة للاستثمار لن تتجه للسوق الأمريكي قد تتجه شرقا أي لن تدعم أسعار الشركات ولن تدعم التوظيف وتقليص البطالة.

وارى عدم جدوى الدعم الغير محدود للأسواق فهي تفاقم الوضع إلا إذا كان هذا الخبر يخفي امرأ ما كدعم الشركات المالية لديهم كي تجد فرصة لبيع بعض أصولها  كون هذا الخبر يقلق المستثمرين وقد يقبلون على الأصول التي يجب الابتعاد عنها الآن لما تحمله من مخاطرة حالية والتخلي عن النقد الذي هم بأمس الحاجة له الآن.

ومن وجهة نظري الخاصة أن ضخ السيولة غير مناسب في ظل ارتفاع الأصول مما يزيد الأعباء مستقبلا وأن التقشف الذي تمارسه أوربا أفضل كونه يتماشى مع مقتضيات الأزمة ولو كان متأخرا في بعض الدول لان السيولة ستكون أكثر جدوى بعد الأزمة حيث تنخفض قيمة الأصول وتساعد السيولة مستقبلا بدعم البحث والابتكار ودعم الشركات والتوظيف.

وها نحن الآن في نوفمبر 2010 وأسعار بعض السلع والأصول تقترب بعضها من قمة 2007 وبعضها تجاوز ذلك وبعضها لم يواكب الصعود كون كل سلعه من السلع وكل سوق من الأسواق له خصائصه المستقلة عن الأسواق الأخرى مما يساعد في جذب السيولة من عدمها فما شهده الشرق متمثلا في الصين يختلف عن الدول الأوربية وما شهده الذهب يختلف عن ما شهده البترول وهكذا.

وبناء على:

1- التذبذب الحاد الذي يدل على عدم الاستقرار

2- التضخم الذي أرى انه لازال مرتفع جدا

3- البطالة الكبيرة

4- الرؤية السلبية من قبل المستثمرين (من خلال التخوف من الدخول في مشاريع طويلة المدى والتوجه للادخار والمضاربة السريعة)

5- شح الإقراض

6- صعود الأسواق والسلع جماعيا

جميعها تجعلني أرجح مواصلة الهبوط وان التصحيح لازال مستمرا ولا يوجد بوادر لنهاية الأزمة حتى الآن.

بل إن هذا الصعود الذي شاهدناه عام 2009-2010 ما هو إلا موجة صاعدة قصير في موجه هابطة كبرى لازالت مستمرة لان الهبوط والصعود لا يكون في وتيرة واحدة بل يتخلله موجات معاكسة بين فترة وأخرى.

وأتوقع كتوقع شخصي من خلال بعض العوامل الأساسية والاستعانة بالبيانات التاريخية للأسعار وتحليلها تحليلا فنيا أن يكون للدولار صعود قوي مقابل العملات الأخرى، ومؤشر الداو للسوق الأمريكي يستهدف 3700 يزيد أو ينقص ألف نقطة، والذهب يستهدف 470 دولار يزيد أو ينقص 100 دولار، والبترول 27 دولار يزيد أو ينقص 10 دولار، وسابك (الشركة السعودية للصناعات الأساسية) 27 ريال يزيد أو ينقص 10 ريال.

التصحيح على المدى البعيد جيد رغم ما يصاحبه من خسائر مالية وفقد للوظائف على المدى القصير لكن مردودة على المدى البعيد ايجابي كونه يقلل من أسعار الأصول ويجعلها مجدية استثماريا ويجعل التضخم في حدوده الطبيعية مما يقوي القوة الشرائية ويحفز الدول والشركات لدعم الابتكار وإيجاد الحلول والتوظيف ويقلل من التذبذب الحاد للأسعار ويجعلها تستقر مما يزيد من حجم الطبقة المتوسطة ما لم يتواكب التصحيح مع سياسات غير مسئولة تزيد من آثاره.

فليس هناك ما يمنع هذه الدورات الاقتصادية كليا من أن تسير صعودا أو هبوطا قد نعطيها منشطات أو مثبطات مؤقتة كرفع وخفض الفائدة وسياسات أخرى هنا وهناك لكن يبقى أن  لها دورات طبيعية نتيجة لتفاعلات الطبيعة الإنسانية وحاجاتها المتعددة مع الموارد المحدودة في الأرض فتحفيز البشر للابتكار واستغلال الموارد استغلال امثل لتلبية الاحتياجات المتعددة والبحث عن العيش الكريم لن يأتي إلا لوجود حاجة دافعة لذلك وفي المقابل البعد عن الابتكار والبعد عن استغلال الموارد استغلال امثل نتيجة طبيعية للوفرة والترف وعدم الحاجة. والله اعلم