تابعنا خلال نهاية تداولات الأسبوع الحالي هبوطاً في مؤشرات الأسهم الأمريكية نتيجة عدة عوامل كان على رأسها التخوف من رفع أسعار الفائدة الصينية نتيجة تسارع نمو التضخم السنوي في أسعار المستهلكين خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول والتي فاقت التوقعات ببلوغها مستوى 4.4% مع وجود توقعات بإستمرار هذا الإرتفاع خلال الشهور القليلة القادمة وهو الأمر الذي دفع مؤشر بورصة "شنغهاى" الصينية إلى الهبوط بأكثر من 5% مخلفاً آثاراً سلبية على تحرك مؤشرات الأسهم حول العالم وكذلك أسعار السلع.
كذلك عودة أزمة الديون السيادية الأوروبية إلى فرض نفسها على الساحة، حيث تشير التوقعات إلى أن أيرلندا التي إستمرت تكاليف التأمين على ديونها في الإرتفاع باتت قاب قوسين أو أدنى من طلب إنقاذ مالي بغض النظر عن الرفض القطعي الذي أكدته وزارة المالية بأن البلاد لم تطلب مساعدة أحد فاليونان فعلت نفس الشيء من قبل ثم رضخت في النهاية للواقع بتدخل صندوق النقد مع الإتحاد الأوروبي من أجل تفعيل خطة إنقاذ بقيمة 110 مليار يورو خلال مايو/آيار الماضي.
وبغض النظر عن مسببات هبوط الأسواق الخبرية، فإننا إذا نظرنا لتحرك مؤشر "داو جونز" فنياً خلال الفترة الماضية سنجد أن المؤشر قطع شوطاً صعودياً إستحق بعده بعض الراحة وإلتقاط الإنفاس، خصوصاً بعد القفزة القوية التي أعقبت قرار البنك الفيدرالي يوم الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي بتفعيل برنامج التيسير النقدي الثاني من أجل منع الإقتصاد الأمريكي من الدخول في دوامة الركود ومحاولة خلق وظائف جديدة وهي الأسباب المشكوك فيها إلى حد كبير خصوصاً إذا علمنا أنه تم إضافة 874 ألف وظيفة فقط في الفترة ما بين ديسمبر/كانون الأول 2009 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2010 أى حوالي 10% تقريباً من عدد الوظائف التي تم فقدها خلال عامي الركود 2008/2009 والتي ناهزت 8.4 مليون وظيفة، وهي الفترة التي شهدت الأثر الضعيف للتيسير النقدي الأول بقيمة بلغت 1.7 تريليون دولار أو تجاوزتها.
فنياً مؤشر "داو جونز" دخل منطقة التشبع الشرائي -أو تأكد دخوله بمعنى أدق- على الفريم اليومي لمؤشر RSI بسبب الصعود القوي يوم الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني بإضافة 224 نقطة لرصيده كرد فعل لخبر ضخ 600 مليار دولار حتى منتصف عام 2011، وهي المرة الأولى التي يدخل فيه المؤشر هذه المنطقة "التشبع الشرائي" منذ أبريل/نيسان الماضي، وعلى الرغم من أننا لانستدل دائما بدخول هذه المنطقة على حتمية جني الأرباح أو حتى التصحيح إلا أنه أتى بالتزامن مع متابعة الإحتمالية القائمة لتكون نموذج"Pipe top" أى الأنبوب العلوي على الفريم الأسبوعي بمستهدف يصل إلى 10673.
أنا أقول هنا "إحتمالية" لأن النموذج لا يتحقق إلا بالإغلاق أسفل أقل نقاطه عند 11062 وهي النقطة الأدنى في شمعة المنتهي في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، والنموذج سلبي التوجه يظهر في نهاية موجة صعودية يتكون من شمعتين متجاورتين على الفريم الأسبوعي تحديدا وليس اليومي حسب وجهة نظر "توماس بلكوسكي" صاحبة موسوعة نماذج الشارتات وإن كان له بعض الإستثناءات –حسب ما أعتقد- لكن موضع نقاشها ليس هنا.
يشترط في الشمعة الأولى أن تفتتح عند أدنى نقطة أو بالقرب منها والإغلاق يكون عند حدها الأعلى أو بالقرب منه أما الشمعة الثانية فتكون العكس تماماً بالإفتتاح عند أعلى نقطة والإغلاق عند أقل نقطة أو بالقرب منها ويا حبذا لو كان جسم الشمعة الثانية مختفياً تماما وراء ظل الشمعة الأولى " inside day"، كما يشترط أن تكون الشمعان منفردتان بمعنى أن تظهران كأعلى نقطة في الساحة السعرية حولهما لماذا؟؟
لأن وجود شمعتين بهذه المواصفات لكن داخل منطقة سعرية بين شموع متعددة ولا يظهران كأعلى نقطة بهما قد يعني اننا في منطقة عرضية ليس إلا مما يُضعف النموذج ويقلل فرص تحققه، ويتم التأكد من النموذج بالإختراق والإغلاق أسفل أقل سعر به ويتم حساب المستهدف بطرح أعلى قمة من أدنى قاع ثم يُطرح الناتج من أدنى قاع.
هذا بالنسبة للمدى القريب أما فيما يتعلق بالمدى الأبعد فإن نقطة 11250 التي أغلق فوقها المؤشر الأسبوع الماضي المنتهي في الخامس من نوفمبر/تشرين الأول ثم عاد وهبط دونها بإغلاق الأسبوع المنتهي يوم الثاني عشر من نفس الشهر تعد محورية وهامة في تحركه حيث أنه إذا أغلق المؤشر "شهريا" فوقها فإن هناك إحتمالية بتخطى مقاومات أخرى تجاه مستهدف 12500 والله أعلى وأعلم.