حتى لايكون هذا حال أسواقنا المالية...!!!

31/10/2010 3
د . جمال شحات

انظر الى اسواقنا المالية فى مصر والسعودية ودبى بشكل مستمر ودائم واعقد الكثير من المقارنات بينها وبين الاسواق المالية فى لندن وباريس وطوكيو ونيويورك..!!

الاحظ كما يلاحظ الكثيرون غيرى ممن يعقد هذا المقارنات على الكثير من الفروقات او لنقل المفارقات..!!

والسبب بديهى وستجد الجميع يقول لك ان سبب هذه الاختلافات ان اسواقنا المالية ناشئة بينما الاسواق المالية الغربية ناضجة ومتقدمة ..!!

وليس هذا السبب الوحيد بل ان سلوك المتعاملين هنا يختلف عن سلوك المتعاملين هناك ..!!

وهذه المقارنة تكون على مستوى جناحى اى سوق مالية ... اعنى على مستوى المتداولين  من ناحية وعلى مستوى الجهات والهيئات التنظيمية من ناحية اخرى.

فقد يتمسك بعض  المتداولين والمستثمرين عندنا بأسهمهم الخاسرة لفترات طويلة، ويعود ذلك بدوافع وأسباب مختلفة، ولكن السبب الرئيسي هو الفشل في التخلص من تلك المراكز الخاسرة مبكرا‎.

والأسباب التي تدفع المضاربين للاحتفاظ بأسهمهم الخاسرة هي أسباب نفسية في المقام الأول، وهنا تكمن الخطورة. وقد يخدعهم الأمل والطمع ويدفعهم لذلك. وربما حاول هؤلاء المضاربون إقناع أنفسهم بأن السهم سوف يعود للارتفاع مرة أخرى‎ .

وخلال فترة انتعاش السوق لا يهتم الناس كثيرا للبقاء أو الخروج رغم انخفاض أسهمهم بنسبة عشرة أو خمسة عشر بالمائة، بل أنهم ربما اشتروا المزيد من الأسهم. ورغم أن الوقت كاف للخروج بخسارة ضئيلة إلا أنهم يرفضون بيع أسهمهم الخاسرة‎ .!!

ولذلك فبدل ان  تظل خسارتهم  محدودة فتجد خسائرهم تتعاظم بل وتصبح خسائر فادحة ولا يستطيعون التخلص منها...!!

بينما المتعاملون فى الاسواق المالية الغربية يضعون خططا او استراتيجيات عند دخولهم لشراء سهم معين او الاحتفاظ به وليس الدخول بعشوائية ..!!

وهناك طريقة  مهمة جد يتبعونها لدرجة أن بعضهم يضعها أمام جهاز الحاسب الخاص به أو على مكتبه وهى (Cut your loses) وهي أنك إذا خسرت ما يزيد على عشرة بالمائة مثلا في أحد الاستثمارات، فعليك بيع ما بحوزتك من الأسهم، فأنت خسرت بالفعل ولهذا فإنك تبيع الأسهم. وتستطيع أن تقوم بعمل أمر إيقاف خسارة عندما ينخفض السعر بمقدار عشرة بالمائة عن سعر الشراء الذي اشتريت به الأسهم أو عمل مذكرة بذلك. والنقطة الأساسية هي أنك تتصرف عندما تخسر أسهمك ولا تبقى متفرجا. بل إن بعض الخبراء يوصون بذلك عندما تصل الخسارة إلى ثمانية بالمائة فقط. وحتى لو كانت الشركة تبدو قوية لكن السهم يتراجع (لأسباب غير معروفة) فإن رد الفعل الوحيد هو استخدام قاعدة (10%).

وبالطبع فهناك استثناءات، فإذا اشتريت أحد الأسهم بسعر يبدو أنه رخيص ثم تذبذب السعر قبل أن تفقد نسبة العشرة بالمائة، فيمكنك أن تتمسك بهذا السهم، خاصة إذا توقعت أرباحا مستقبلية‎.

وهذه القاعدة مصممة لمنع المستثمرين والمتعاملين غير الواعين من تحويل الخسارة الصغيرة إلى خسارة كبيرة. والمقصود من ذلك ان الكثيرين من المتعاملين فى الاسواق المالية العالمية يضعون خططا للدخول أو الاستثمار وكذلك خططا للخروج من الاستثمارفى احد الاسهم  ولا يتبعون نظرية القطيع الا فيما ندر وهو عكس الاسلوب المتبع عندنافى معظم اسواقنا المالية بل اننا نجد التوصيات على سهم معين او المجموعات او ما يعرف بالجروبات هى التى تسيطر على سلوك المتعاملين دون دراسة الاسواق المالية او ما يعرف بالتحليل الفنى او التحليل الاساسى بل جل همهم معرفة اى الاسهم سيرتفع او ايها سينخفض دون ادراك للسبب اوالاسباب التى دفعت لهذا الهبوط او الصعود ...!!

ولكن يجدر الاشارة الى ان هذا الامر كان فيما مضى غالبا على سلوك المتعاملين ولكن مع النضج الحادث قد يكون هذا الاسلوب قد اختلف بعض الشىء...!!

وعلى الجانب الاخر وهو سلوك هيئات سوق المال فى اسواقنا المالية تجدها لاتستفيد من التجارب لاسواق المال العالمية والناضجة ..!!

وهو ما يتضح كثيرا فى عدم توافر معايير الافصاح والشفافية ووضع الضوابط الرقابية الكفيلة بحماية المستثمرين والمتعاملين وخاصة صغارهم.!! وهم من انشئت تلك الهيئلت لحمايتهم ..!!

ولعل اوضح مثال لذلك الاكتتابات التى تتم فى اسواقنا لشركات ورقية لم تمارس نشاطا ولم تبدأ عملا وقد خسرت نصف راسمالها او اكثر قبل ان تبدأ ( اعنى معظم شركات التامين )..!!

وكذلك الاكتتابات التى تتم بعلاوات اصدار مبالغ فيها بصورة واضحة  ( ومعظمها من الشركات العائلية )..!! والدليل على ذلك انخفاض سعرها عن سعر الاكتتاب بقيم كبيرة قد تصل للنصف او الثلث خلال فترة وجيزة من انتهاء الاكتتاب ...!! فلمصلحة من يتم هذا ..؟ ولمصلحة من يغض الطرف عن هذا الاسلوب؟!! ولعل العبء الاكبر يقع على عاتق الهيئات الرقابية وهيئات سوق المال..!!

ان جناحى اى سوق مالية هما المتعاملون والهيئات الرقابية والتنظيمية. واذا اتبعنا الاساليب غير الرشيدة من قبل الجناحين المذكورين سيتم تعميق الازمة لدى اسواقنا المالية ..!! وسيستمر الضعف الحاصل وستستمر هشاشة الاسواق المالية  لدينا ..!!

ان المطلوب ان يتم ويستمر توعية المتعاملين فى اسواقنا المالية باتباع الاساليب العلمية فى الاستثمار وان تتم توعيتهم بصورة مستمرة ..!! وان تقوم الهيئات الرقابية والتنظيمية لدى اسواقنا المالية بتعظيم دور معايير الافصاح والشفافية لديها.

بالاضافة الى وضع العقوبات الرادعة لمن يسىء استخدام اسواقنا لتحقيق مصالح شخصية تضر باسواقنا المالية وتؤدى الى زعزعة الثقة والاستقرار فيها .!!

وهذا مما لاشك فيه لايؤدى الى تعميق الاسواق وهو احد اهم مطالبنا ... ولكن للاسف نطالب بتعميق الاسواق ونفعل ما يؤدى الى تسطيح الاسواق ( ان صح هذا التعبير )!!

اى ان مستوى الممارسات من جناحى اى سوق ( وهما المتعاملون والجهات التنظيمية )تضعف الاسواق وتبعدها عن العمق المطلوب.!!

ان تعميق اسواقنا المالية مطلب هام ومشروع ولكنه يتطلب منا ان يسعى الجميع لهذا العمق ... وحتى ذلك الحين لابد من تعميق الممارسات.

وحتى لا نشتكى من ضعف الاسواق .. ونبكى على اسواقنا المالية ... وحتى لايكون هذا حال اسواقنا المالية ..!!!