هرطقة الإعلام في عالم الإقتصاد

30/10/2010 7
دانهيل

في أحد القنوات التلفزيونية سألني مقدم برنامج الفقرة الاقتصادية عن رأيي في حركة السوق خلال الأيام الماضية فأجبته وتوسعت في الشرح لأتطرق لوضع شركة من شركات السوق وأثرها على التوجه العام، وفاجأني المذيع بسؤاله الثاني مباشرة وسألني عن أثر تلك الشركة على توجه السوق. بصراحة تلعثمت في البداية وترددت هل ما أسمعه صحيح أم قد أظن ذلك ونحن عالهواء ويجب أن أكون مستعداً لأي سؤال فاضطررت أن أجاوب بطريقة أخرى.

مقدم البرنامج المغلوب على أمره لا يملك إلا ورقة واحدة وفيها عدد من الأسئلة ومهمته أن ينهي تلك الأسئلة بوقت البرنامج، وأيضاً هو غير مهتم بأجوبة الضيف حتى لو احتاج الأمر أن يسأل سؤالاً تمت الإجابة عليه ضمن سؤال سابق.

وفي مرة من المرات كنت أتباع برنامجاً اقتصادياً في قناة فضائية أخرى وكان سؤال أحد المشاهدين عن شركة الكهرباء وهل هي جيدة، فما كان جواب الضيف الخبير الاقتصادي إلا أن سأله هل تستطيع أن تستغني عن الكهرباء في البيت، فرد المشاهد بالنفي طبعاً، فأكد له الخبير لذا فالشركة ممتازة.

والآخر يؤكد ويجزم ويتحدى بأن السوق سيرتفع بعد أسبوع (اسبوع اجازة العيد الذي أعلنت فيه دبي عن أزمة الديون) والى الآن مازال البحث جارياً عنه في القنوات الفضائية.

هذا شيء قليل من الاعلام المرئي، أما الإعلام المقروء فاللعبة أكبر من ذلك. وشعارهم الرئيسي (ضع اعلانك ننشر رأيك). فهذا واحد من كتاب صفحة اقتصادية في جريدة يومية يهاتفني يوماً ويعرض أن نقوم برعاية صفحة الاقتصاد التي يقوم بنشرها أسبوعياً. تلك الصفحة التي استمتع بقرائتها نظراً للعدد الهائل من الأخطاء فيها حيث انها صفحة مختصة باحصائيات استثمارية معينة. وحين قابله الجميع بالرفض، فما كان منه الا أن يشن هجمة اعلامية على مدراء الاستثمار ووصفهم بأنهم سبب الخسائر، وفعلاً زاد من استمتاعي بقراءة الصفحة وبنفسي حزناً أكبر على من هم خارج الكواليس، لكن للأسف لم أعد أرى صفحته بعد شهر من هجمته القوية ولم نسمع عنه خبراً بعد ذلك.

سؤالي الذي اطرحه دائماً، ماهو دور الإعلام ؟ وماذا قدم لجمهور المشاهدين فيما يخص جوانب الاستثمار وأسواق المال؟

والمصيبة أن تكون عكس ذلك وأن يكون الإعلام الإقتصادي هو من قام بتشتيت أفكار المتعاملين في الأسواق بتركيزهم على نقاشات لاتغني ولا تسمن وغرضهم منها فقط الظهور بشكل المدافع عن حقوق الضعفاء والمساكين. وحتى لو كانو كذلك فلم ينجحو في وضع من هم أهل لذلك. ولذلك أيضاً فلن أستغرب إذا رأيت عدد المقبلين على المنتديات الاقتصادية في الإنترنت أكثر من المتابعين للبرامج والمقابلات الإقتصادية على القنوات الفضائية. ولن أستغرب أيضاً اذا خرجت من لقاء تلفزيوني ليلحق بي معد البرنامج ويسألني عن معنى ربحية السهم أو مكرر الربحية.

ولا تفاجئ عزيزي متابع البرامج والمقابلات الإقتصادية إذا نقل مقدم البرنامج سؤال من أحد المشاهدين عن رأي ضيف الحلقة حول الأداء المالي لشركة التأمينات الإجتماعية والمدرجة (حسب كلام مقدم البرنامج) في قطاع شركات التأمين وبكل ثقة.

وبين كل ماسبق ضاع الجزء الذي يجب أن يقدم لهم كل الإحترام والتقدير في سعيهم نحو تحقيق رسالة الإعلام المحايد بعيداً عن استغلال عواطف المشاهدين لحساب مصالحهم المادية.