حتى هذه اللحظة، أطاح الطرح المتوقع لما يُسمى "التيسير الكمي 2" بالدولار في مواجهة العملات الأخرى، ليثير بذلك المخاوف من أن يكون لهذه الجولة الثانية تأثير مُزَعزِع لاستقرار الاقتصاد العالمي. هذا وقد خسر الدولار أكثر من عشرة بالمائة من قيمته مقابل اليورو في شهر واحد فقط في ظل قيام بنك واحد فحسب من البنوك العالمية الـ 45 بتوقع هذا الضعف المُتجاوِز للحد على مدار هذه الفترة الزمنية القصيرة.
وقد كان التأثير على أسواق السلع واضحا للغاية حيث واصلت المعادن النفيسة ارتفاعها إلى أرقام قياسية جديدة، وذلك حيث أن المزيج المُكوَّن من التوقعات بتضخم مستقبلي مرتفع ومعها ضعف الدولار هو أمر قد أوجد الدعم اللازم للانتقال إلى منطقة جديدة على منحنى السلع.
وقد ارتفع مؤشر مكتب أبحاث السلع "رويترز جيفيريز سي.آر.بي." بقوة الشهر الماضي، وذلك في ظل تحرك عدد قليل من الأسواق فحسب في الاتجاه المعاكس. وقد أظهرت العديد من السلع من قطاعات مختلفة تحقيقها لعوائد تجوزت العشرة بالمائة. ونجد أن مؤشر مكتب أبحاث السلع "رويترز جيفيريز سي.آر.بي." مع وجود عشرة أسواق أسفله قد دخل إلى منطقة الإفراط الشرائي ليزيد بذلك من احتمال حدوث التصحيح. وفي الوقت الحاضر، فلا زال الدولار يمتلك المفتاح لأية تحركات في الفترة القريبة المقبلة.
وتجدر الإشارة أيضا إلى الفروق في الأداء داخل القطاعات، وذلك في ظل تربُّع الذرة كأكثر سلعة لافتة، والتي قد تفوقت في الأداء على القمح بحوالي 19 بالمائة في شهر واحد فقط، وزادت على ذلك لاحقاً.
هذا وقد صعد الذهب، والفضة بخاصة، إلى مستوى أعلى هذا الأسبوع مع تحسن الفضة للأسبوع الثامن على التوالي، الأمر الذي يعتبر بمثابة أفضل فترة لها منذ العام 2006. وقد هبطت أسعار الفائدة الفعلية، التي هي عبارة عن أسعار الفائدة الاسمية مطروحا منها التضخم، وذلك بينما تسببت أخبار "التيسير الكمي 2" وضعف الدولار اللاحق في قيام السوق برفع توقعاته المستقبلية للتضخم.
ويعتبر كلا المعدنين الآن - من الناحية الفنية – واقعين تحت الإفراط الشرائي البالغ، تماماً مثلما الدولار واقع تحت الإفراط البيعي البالغ، ولكن إلى أن يصبح لدينا أخبار إضافية من بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي، فليس هناك من دافع لتقليل المخاطرة في هذا القطاع مع تطلُّع ارتفاعات الذهب إلى تحقيق 1,400 للأونصة طالما ظل الدولار ضعيفا. وتتواجد منطقة الدعم عند النقطة المنخفضة للأسبوع الماضي بواقع 1,325 يعقبها 1,300.
وقد استقر الآن سعر النفط الخام ضمن نطاقه الجديد بين 80 و 85 دولار. كما توقف هذا الأسبوع الارتفاع القوي المُسجَّل من نقطة الـ 70 دولار المنخفضة، والذي كان مدفوعا بضعف الدولار، حجم الطلب الصيني القوي ومؤشرات الانخفاض في مستويات الاختزان الأميركية. ولم يرغب المتداولون في إضافة المزيد لمراكزهم طويلة الأمد بالفعل قبل رؤية توضيحات إضافية حول موضوع "التيسير الكمي 2" وتأثيره اللاحق على الدولار.
وقد اجتمع وزراء منظمة الدول المُصدِّرة للنفط "أوبك" هذا الأسبوع وقرروا الإبقاء على أهداف الإنتاج كما هي دون تغيير، ولكن في الوقت ذاته حثّوا الدول الأعضاء بالمنظمة على التقيد بحصصها الإنتاجية المتفق عليها منذ ديسمبر 2008. وحالياً، تتراوح معدلات التقيد بالحصص الإنتاجية المتفق عليها حول 60 بالمائة، وهي نسبة تعتبر إلى حد ما أعلى من القراءات الأخيرة إلا أنها لا تزال أدنى تماماً من المستويات المقبولة، وذلك في ظل كون نيجيريا وأنغولا أسوأ المنتهكين لقرارات الحصص الإنتاجية. ويرى وزراء المنظمة بأن السوق العالمي مُزوَّد جيدا بالنفط الخام وبأن الأسعار موجودة عند مستويات مقبولة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء.
وقد قام مديروا الصناديق، مثل: صناديق التحوط، تقريباً بمضاعفة مركزهم طويل الأمد في خام غرب تكساس الوسيط الأسبوع الماضي على خلفية التراجع الأخير فوق 80 دولار. وعلى ذلك الأساس، فإن التراجع تحت 80 دولار الآن يحمل مخاطرة التصفية طويلة الأمد حيث أن الكثيرين لا يرغبون في الاحتفاظ بمراكز غير مربحة لأمد طويل. وكذلك، فإن التحرك أعلى من 84.50 هو أمر ينبغي أن يضمن صعود الزخم به نحو 87.15، وهو أعلى رقم متحقق في شهر أبريل.
وبالتحول إلى السلع الزراعية، فقد خرجت وزارة الزراعة الأميركية بصدمة كبرى على السوق الجمعة الماضية عندما خفَّضت بشكل حاد من توقعاتها بالنسبة لإنتاج الذرة وفول الصويا. علماً بأن الطقس الحار المشهود في شهر أغسطس قد أعقبته أمطار غزيرة، الأمر الذي قلَّل من إنتاج المحاصيل على امتداد منطقة الغرب الأوسط للولايات المتحدة. وما أعقب ذلك يوم الاثنين كان بمثابة أكبر ارتفاع ليوم واحد في سلعة الذرة منذ العام 1973 حيث ارتفعت إلى أقصى حد مسموح به بنسبة 8.5 بالمائة لِتُسجِّل بذلك أدنى قليلا من المستوى النفسي عند 6 دولارات للبوشل.
وتتوقع وزارة الزراعة الأميركية تقلُّص المخزون الاحتياطي من الذرة - بحلول سبتمبر 2011 - إلى أقل مما يكفي لأربعة أسابيع بواقع 900 مليون بوشل، وهذا المستوى هو الأقل على مدار 14 عاما. هذا وقد أضافت وكالة حماية البيئة الأميركية هذا الأسبوع مزيدا من الضغط على مستقبل المعروض حيث أفصحت عن ارتفاع مقدار الإيثانول الممزوج مع الجازولين من عشرة إلى خمسة عشر بالمائة بالنسبة للسيارات التي يبلغ عمرها أقل من أربعة أعوام.
ويبدو مستقبل القمح أفضل إلى حد ما، وذلك برغم الإنتاج الضائع من روسيا هذا الصيف، وهذا قد أدى إلى تحقيق فرق في الأداء يقارب 19 بالمائة الشهر الماضي. ويبقى حجم الطلب الصيني قويا، خاصة على فول الصويا. ومن شأن الارتفاع الأخير المثير في سعر الذرة أن يُغرِي مزارعي الولايات المتحدة بتحويل الإنتاج بعيدا عن فول الصويا، الأمر الذي يُقلِّل بذلك من حجم المعروض منها ويرفع من أسعارها.
وعلى صعيد فني، فقد وجدت سلعة الذرة منطقة المقاومة باتجاه 6 دولار للبوشل، ويود المتداولون الفنيون أن يسدوا الفجوة القائمة في السعر بين 528.25 و 554.5، والتي بزغت عند ارتفاع السوق عالياً الجمعة الماضية.
ولا يزال يتردد الحديث عن أزمة الغذاء العالمية، وذلك انطلاقاً من الارتفاعات القوية في الأسعار وسط المنتجات الزراعية في الأشهر القليلة الماضية. وقد ارتفعت الثلاثة مؤشرات الفرعية "إس آند بي جي.إس.سي.آي."، التي تغطي المنتجات الغذائية، بنسبة تتراوح بين 18 و 28 بالمائة هذا العام حتى يومنا هذا، وذلك بشكل رئيسي نتيجة للظروف الجوية غير المواتية في المناطق الزراعية مضافاً إليها الانتعاش الذي تشهده الاقتصاديات الناشئة، الأمر الذي أدى إلى حدوث تغير في عادات المستهلكين.
ويتوقع محللو سلع اللحوم ارتفاع أسعار اللحم البقري ولحم الخنزير والدواجن حيث أن المنتجين سوف يكونون مضطرين إلى تحميل التكلفة المرتفعة للعلف على الأسعار، وذلك بينما يتضاءل حجم المعروض من الذرة والشعير. ويعتبر تعداد قطيع المواشي الأميركية حالياً هو الأقل منذ العام 1973 ويقترب عدد خنازير المزارع من أقل تعداد لها على الإطلاق. علماً بأن أحد الأسباب وراء هذا الانخفاض هو نتيجة لسعر مكون العلف الرئيسي، والذي أصبح أعلى بنسبة 70 بالمائة من المتوسط على مدى عشر سنوات.
رائع ... هذه هي التقرير المهمة