بدأ العمل فعليا بخطة التنمية التاسعة بعد أن تم اعتمادها بقرار من مجلس الوزراء والخطة التي تنتهي في العام 2014 تحمل معها توجهات الإنفاق الحكومي خلال المرحلة القادمة مما يشكل نظرة مستقبلية عن الاقتصاد السعودي خلال المرحلة القادمة ومعروف أن الخطط تبنى من خلال رؤى تضعها القطاعات الحكومية كافة بحسب احتياجاتها المستقبلية كقطاعات التعليم والصحة والخدمات بشكل عام ثم تقوم وزارة الاقتصاد والتخطيط ببلورة كل المعلومات في إطار خطة منظمة تستهدف تحقيق كل متطلبات المرحلة القادمة مع دورها الفاعل في تقديرها للطريقة التي سيتم من خلالها تنفيذ كل ما جاء فيها
وبحسب الخطة فإن أبرز ما فيها اهتمامها بتنمية الكوادر البشرية من خلال رصد نصف مقدرات الإنفاق التي تقارب 1.5 ترليون ريال على خطط التعليم والتدريب وتهيئة المنشآت والبنى التحتية لهم مما يعكس اهتماماً واضحاً بتقوية دور العنصر البشري في دعم التنمية الاقتصادية وتأهيل المجتمع بشكل متطور لمواكبة تطورات العصر المعتمدة على التقنية والتطور التكنولوجي ويدعم نجاحاً مثل هذه الخطوة وجود قرابة 25 جامعة حكومية مع فروع لها بمختلف المناطق وتوسع كبير بنسب الاستيعاب وكذلك آلاف المعاهد والمدارس المنتشرة بكافة المناطق مما يعني أن جزءاً كبيراً من البنية التحتية لتأهيل الشباب موجود فعلياً مما يساعد على تنفيذ هذا الجزء المهم بسهولة أكبر يدعم ذلك أيضاً برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي والذي استوعب إلى الآن أكثر من 80 ألف طالب وطالبة وتم تمديده لسنوات خمس قادمة مما يضاعف من حجم الأرقام الأخيرة.
بينما رأت الخطة أن متوسط دخل الفرد السعودي حقق في آخر سنة من الخطة الثامنة العام الماضي 46.2 ألف ريال وهو حاصل قسمة الناتج المحلي على عدد السكان وفي آخر إحصاء سكاني جرى ببداية العام الحالي فإن عدد السكان سجل 27 مليون نسمة بين مواطنين ومقيمين مما يعني أن الناتج بلغ 1406 مليارات ريال وترى الخطة أن معدل النمو المستهدف بالمتوسط يستهدف خلال الخطة التاسعة 5.2% وبذلك فإن آخر سنة لها يفترض أن يبلغ الناتج المحلي قرابة 1800مليار ريال وبحسب الدخل المستهدف للفرد فإن عدد سكان المملكة سيكون بذلك التاريخ قرابة 33 مليون نسمة وهذه زيادة كبيرة تعكس نسباً عالية من النمو السكاني يفوق مليون نسمة سنوياً ومن الواضح أن جزءاً كبير منها سيكون من خلال الوافدين حيث يتم إصدار قرابة مليون تأشيرة سنوياً نظراً للحاجة الماسة للعمالة لتلبية احتياجات المشاريع الحكومية التي تنفذ حالياً والمتوقع إقرارها مستقبلاً وهنا فإن حجم الضغط على الخدمات العامة سيكون كبيراً ويتطلب توسعاً أكبر بالإنفاق خصوصاً في مجال تأمين السكن وباقي الخدمات المرتبطة بها وسيكون هناك ضغط على وسائل النقل وشبكة الطرق العامة خصوصاً أن وسائل النقل العامة ما زالت محدودة داخل المدن مما يتطلب تركيزاً أكبر عليها ودعم الاستثمار بها كونها تمثل أفضل الحلول لفك الاختناقات المرورية وكذلك نفقات توسيع وصيانة شبكة الطرق.
قدرت الخطة حجم الإنفاق بمعدل سنوي يقارب 300 مليار ريال وهذا يعني أن الاقتصاد السعودي سيستمر بتحقيق معدلات تشغيل كبيرة وفتح فرص وظيفية وكذلك استثمارية في قطاعات الإنتاج والخدمات وهذا بدروه سيشكل عامل جذب أكبر للمستثمرين وتجهيز مسبق من قبلهم لدراسة الفرص الكبيرة التي تتولد سنوياً مع هذا الإنفاق الكبير ويتوقع أن يكون تحفيز الاستثمار سهلاً نظراً للاحتياطات المالية الكبيرة التي تتمتع بها المملكة حالياً والتي تفوق تقديرات الخطة التاسعة بكاملها حيث يصل حجم الاحتياطيات إلى أكثر من 1600 مليار ريال بخلاف أن العام الحالي وهو الأول للخطة يقارب على الانتهاء وأسعار النفط تفوق 70 دولاراً بالمتوسط مما يعني إمكانية تحقيق فائض مالي وبالتالي يدعم بشكل كبير إمكانية تحقيق الخطة للكثير من أهدافها القادمة كون العنصر المالي وهو الأساس بإمكانية تنفيذها متوفر.
ويبقى العنصر البشري الركيزة المهمة الثانية هو الأكثر تحدياً بتحقيق أهداف الخطة حيث ما زالت معدلات البطالة عالية بالرغم من حجم الفرص الوظيفية التي يفتحها الاقتصاد سنوياً بينما ترتفع أعداد الوافدين بشكل كبير وترى الخطة أن معدلات البطالة ستنخفض إلى النصف بنهايتها ويبقى ذلك أقل من الطموح حيث يفترض أن يكون هناك إعادة دراسة لواقع سوق العمل لدينا واحتياجاته من الخارج وتسهيل دخول الشباب إليه أكثر مما هو قائم حالياً.
بينما سيبقى أبرز تحدٍ متمثل في القدرة على تنفيذ مليون وحدة سكنية حسب الخطة فما يتم بناؤه من خلال الدعم المقدم من الجهات الحكومية كصندوق التنمية العقاري ومشاريع هيئة الإسكان لن يصل إلى ربع تلك الأرقام المستهدفة وبالتالي فإن الدور الأبرز سيقع على عاتق القطاع الخاص وهذا يتطلب سرعة أكبر في إقرار الآليات التنظيمية والتشريعية والتمويلية التي تدعم الوصول إلى تلك الأرقام الكبيرة حيث يتطلب ذلك بناء 200 ألف وحدة سكنية سنوياً وهي أرقام ليس من السهولة الوصول لها فهي تتطلب قدرات وخبرات عالية يجب معرفة إمكانية توفرها بالقطاع الخاص وهل سيكون هناك اتجاه لاستقطاب شركات أجنبية قادرة على المساهمة في تنفيذ هذا العدد الكبير من الوحدات سنوياً.
خطة التنمية وضعت إطاراً عاماً للفترة القادمة ومن الواضح أن قدرات الاقتصاد ستتطور بشكل ملفت وتتطلب جهداً كبيراً لتنفيذها والاستفادة من الفرص التي ستتاح من خلال قراءة توجهات الإنفاق والتركيز على الاستثمار بها كما تتطلب ربطاً أكثر وضوحاً بين ما يمتلكه الاقتصاد من قدرات إنتاجية كافية لتلبية احتياجات تلك الخطة وكذلك القدرة على التحكم بمعدلات التضخم لأن زيادة الإنفاق سترفع من نسبة وهذا بدروه قد يفرز آثاراً سلبية على إمكانية تحقيق أهداف الخطة إذا ما ارتفع بشكل كبير خلال المرحلة القادمة لأنه سيؤثر على الاستمرار بتوسع الإنفاق الحكومي وذلك بالحد منه وكذلك سيؤثر على معدلات النمو الحقيقية عند المقارنة بينهما وسيكون له تأثير قوي على مؤشر أسعار تكاليف المعيشة وإنفاق الفرد داخل الاقتصاد وقدرته على الادخار.
بإعتقادي المتواضع، أن أكبر تحدٍ لأهداف الخطة هو تحقيق معدل نمو سنوي 5.2% للنائج المحلي بالأسعار الثابتة (أو 10.2% بالأسعار الجارية مع معدل تضخم 5%)!!!.. ذلك أن أي نسبة نمو بالأسعار الثابتة تقلُ عن معدل نمو السكان (المقدر بـ 3.2%) سيساهم في خفض مستوى معيشة المواطنين!!!!
ما الفائدة من خطة التحفيز اذا المستفيد الاساسي من فرص العمل المتاحة عند انشاء هذه المشاريع هم العمالة الاجنبية؟