معلومات مفيدة للمستثمرين يجب الإفصاح عنها (2): تقرير مناقشة الإدارة للنتائج المالية

18/07/2010 7
د. أحمد المزروعي

استطرادا للحديث عن المعلومات الضرورية التي يجب أن تقوم الشركات المساهمة المدرجة بالافصاح عنها وذلك حتى تكون أعمال هذه الشركات وتطورات نشاطها شفافة إلى أقصى حد ممكن (راجع المقال السابق) ، فإنه يمكن الاشارة الى العديد من الاجراءات التي تقوم بها الشركات عادة في الأسواق المتطورة وفي العادة يكون ذلك بشكل متطلبات من قبل الجهة التنظيمية بالسوق أو بشكل تطوعي من قبل الشركة نفسها ، وسنناقش في هذا المقال والمقالات القادمة عددا من هذه الإجراءات:

1 – تقرير مناقشة الإدارة للنتائج المالية: تقوم الشركات المدرجة في العادة بإلقاء الضوء على نتائجها المالية الفصلية والسنوية وكيف تحققت هذه النتائج وأسباب زيادة أو نقص المبيعات وارتفاع التكاليف وانخفاضها كما تلقي الضوء أيضا على حجم الطلبيات بنهاية الفترة وتوقعاتها بشكل عام للفترات القادمة من حيث اسعار المنتجات أو العوامل الأخرى حسب نشاط الشركة..

ويتم ذلك بطرق متعددة ففي الأسواق الامريكية والأوروبية يتم ذلك عبر عقد مؤتمر صحفي (Conference Call) مباشرة بعد إعلان النتائج يقوم فيه الرئيس التنفيذي والمدير المالي بالإجابة على اسئلة المحللين وتدور المناقشات حول نتائج الفترة الحالية والمستقبلية ... ليس ذلك فحسب ولكن الشركات المدرجة مطالبة ايضا باصدار تقرير فصلي يسمى (Form 10) ويشتمل على مناقشة للإدارة لجميع تطورات الإعمال للفترة المنتهية وللتوقعات المستقبلية ويبلغ حجم هذا التقرير لبعض الشركات عشرات الصفحات ويندر أن يكون للقارئ اي استفسار مهم بعد قراءة التقرير حيث يتم تفصيل وشرح كل بند من بنود الميزانية وحجم المبيعات وتوزيعها الجغرافي ونسب النمو لكل منتج واسبابه وأسعار البيع والعوامل التي اثرت عليها وتفصيلا لنتائج كل وحدة انتاجية بالشركة وتطورات استثمارات الشركة ووضع السيولة والمديونية ولماذا تراجعت او ارتفعت هوامش الربح ...... الخ

وتقوم الشركات الكبيرة ذات التداول العالي متطوعة بعمل تحديث لتوقعاتها في منتصف كل ربع مالي (Mid Quarter Update) تلقي فيه نظرة على أعمالها وما إذا كان هناك تغير ايجابي أو سلبي عن التوقعات التي قدمتها سابقا ، وفضلا عن ذلك فإنه في اي وقت من الربع المالي تقوم الشركة بالإبلاغ عن اي تغير جوهري في نتائجها المتوقعة إما ايجابيا (Positive Surprise) أو سلبيا (Warning)..

يلقي كثير من المتعاملين باللوم على مؤسسات التقييم المحلية حين تعطي توقعاتها لنتائج الشركات خصوصا عندما يكون هناك تفاوت كبير في التوقعات فمثلا مؤسسة تقييم تتوقع ارباحا للشركة الفلانية بـ 500 مليون ريال وشركة أخرى تتوقع 200 مليون ريال وثالثة ربما تتوقع 700 مليون ، ورغم أن المشكلة في جزء منها تعود إلى عدم كفاءة المحللين الذين يعملون بهذه الشركات ولكن اللوم يجب أن يكون في المقام الأول على الشركات المدرجة نفسها التي لاتقدم معلومات كافية بخصوص تطور أعمالها بحيث يصبح تقدير النتائج بطريقة معقولة أقرب للمستحيل حتى بالنسبة لأفضل المحللين والخبراء..

السوق الوحيد في المنطقة الذي يتوجب على الشركات المدرجة فيه اصدار تقرير خاص بمناقشة مجلس الإدارة للنتائج الفصلية هو "سوق مسقط" وتم تشريع ذلك في أعقاب الانهيار الكبير الذي لحق بسوق مسقط في نهاية التسعينات من القرن الماضي ، ولكن للأسف فتقرير المناقشات الذي تصدره الشركات في سوق مسقط يكون في العادة روتينيا ولا يلقى الإهتمام الكافي بل أنه في كثير من الأحايين تكون الصياغة شديدة الركاكة نظرا لترجمتها من اللغة الانجليزية للغة العربية..

والغريب جدا في هذا السياق أن أسواقا أكبر مثل السعودية و دبي  توجد فيها هيئات منظمة للسوق منذ 5 سنوات وأكثر وبالرغم من ذلك لم تفطن هذه الهيئات لأهمية هذا الاجراء والطلب من كل شركة مدرجة أن تقدم تقريرا فصليا يناقش فيه مجلس الادارة تطور أعمال الشركة ويجب أن يتضمن هذا التقرير أمورا جوهرية حسب نشاط كل شركة ، والجدول التالي يوضح مثالا لبعض المعلومات الجوهرية للبنوك والشركات التي تعمل في قطاعات صناعية بشكل عام:

بطبيعة الحال المثالين أعلاه يمكن تطبيقهما على قطاعات أخرى من السوق بحيث يتمكن المستثمر من معرفة ماذا يدور في الشركة بشكل أكثر شفافية بدلا من احتكار مثل هذه المعلومات لكبار المتنفذين بالشركات المساهمة..

وشخصيا اتمنى أن يكون فرض مثل هذه التقرير من قبل  الهيئات المنظمة لأسواقنا على جميع الشركات المدرجة في أقرب وقت ممكن ، فمن غير المعقول أن يكون حجم أسواقنا بمئات المليارات ولا نجد فيه مثل هذه الأنظمة التي تتوفر في اسواق أقل حجما وتطورا...