إقرار مجلس الشيوخ الأمريكي لنظام الإصلاح المالي يعطي الضوء الأخضر للعمل به بعد أن يوقعه الرئيس الأمريكي خلال أيام قليلة قادمة، وهذا التنظيم الجديد والذي أثار جدلاً واسعاً ومعارضة شديدة من الداعمين لحرية النظام المالي لن يقف تأثيره على أسواق المال الأمريكية بل ستتخطاها إلى أسواق السلع وعلى رأسها النفط.
فالقانون الجديد ارتكز على خطوط عريضة تدخل فيها تفصيلات واسعة احتاجت إلى 2300 صفحة لضمها، أي جبل من الأوراق، ويبرز منها زيادة سلطة الرقابة الاتحادية على البنوك بشكل واسع وعلى صناديق التحوط المحرك الرئيس للمضاربات بالأسواق العالمية وعلى شركات التأمين وحتى وكالات السيارات، فهو بذلك يضع السلطات في موقف تحركات كل تلك الجهات منعاً لحدوث تضخيم بحجم الأموال التي ستلحق الضرر بكل تلك الجهات حتى يتسنى التدخل بالوقت المناسب، وسيعمل عشرة أعضاء في مجلس رقابي يضم البنك الفيدرالي من بينهم على متابعة دقيقة لكل جهة تخضع لرقابتهم حتى يتم الاستيلاء عليها وتفكيكها، إذا لزم الأمر عندما تتعرض للمخاطر الحادة فلن يكون هناك دعم يأتي من دافعي الضرائب بعد اليوم ومن يريد إنقاذ نفسه عليه رفع رأس ماله فقط.
ويهدف القانون أيضاً لحماية المستهلكين من خلال وكالة خاصة تراقب أي منتجات مالية تقدم لهم بهدف حمايتهم كالرهون العقارية وبطاقات الائتمان وغيرها كما تبرز قاعدة فولكر والتي ستحد من مضاربات البنوك بالأسواق المالية حيث لن تستطيع القيام بذلك من أموال المودعين بل من رؤوس أموالها ومن شأن ذلك أن يقلص حدة التذبذبات بأسواق المال والسلع بشكل عام لأن حجم المال الذي يتم تدويره سينخفض بشدة وهنا يجب أن نركز على نقطة هامة تخص أسواق النفط فيه لن تشهد الكثير من التقلبات كما كان يحدث خلال السنتين الأخيرتين، وهذا بدوره سيجعل الأسعار أكثر قرباً من واقع السوق الفعلي لكنه يخفف من إيرادات شركات النفط نظير ثبات الأسعار نسبياً والذي قد يظهر أثره خلال السنوات القادمة على الاستثمار بالقطاع النفطي من خلال تقليص حجم الاستثمار به مما يعني أنه سيحد من القدرة على زيادة الإنتاج وسينعكس ذلك مجدداً على الأسعار بارتفاعها بعد سنوات عندما يزداد الطلب على حساب العرض وسيندرج ذلك على كل أسواق السلع من معادن وسلع غذائية أيضاً.
ومن المهم أيضاً أن القانون دخل في مسألة ضبط سوق المشتقات المالية التي لعبت الدور الأبرز في حرق تريلونات الدولارات في السنوات القليلة الماضية بشكل يمنع تكرار ما حدث في المستقبل حيث كانت لعبة المشتقات أكبر من أن يتحمل حسابها العقل البشري، وسيكون المستثمرون على موعد مع زيادة في صلاحياتهم حيال التصويت والتدخل في إدارة الشركات العاملة بالقطاع المالي على حساب حجم قدرة المسئولين بتلك الشركات المعمول بها حالياً، وسيكون لذلك دور في تقليص حجم المكافآت التي يحصلون عليها فلم يعد هناك مغريات كما السابق لدى المديرين لتحقيق ثروات طائلة من خلال مزاياهم التي كانوا يحصلون عليها، فالكثير من الأمور أصبحت خارج سيطرتهم وأهمها تحديد حجم الحركة المتاحة بإدارة شركاتهم ومصادر دخلها.
القانون أقر 60% من الخبراء والمحليين الأمريكيين بأنه سيحد من المخاطر بشكل كبير ويضبط أداء الأسواق والمؤثرين به ولكن البقية ترى في ذلك إضعافاً قسرياً لدور القطاع المالي في نشاطاته التي تطورت خلال العقدين الماضيين بشكل كبير جعل اقتصاد أسواق المال يصل إلى ثلاثة إضعاف الاقتصاد الحقيقي، لكن الحقيقة تبقى في أن التكنولوجيا الحديثة هي من أسهم بزيادة نشاط القطاع المالي عالمياً، فسهولة العمل بالأسواق عبر الوسائل الحديثة لعبت الدور الأهم بسرعة تدفق النقد والتي قابلها ابتكارات متنوعة من قبل المؤسسات المالية لاستيعاب تلك الأموال وإغرائها على الدخول بالأسواق من كافة بقاع الدنيا متماشية بذلك مع نمط العولمة الاقتصادية، وبالتالي البحث فقط في ضبط التعاملات المالية وإصلاحها لن يحقق إلا جانباً واحداً من حماية الأسواق بينما سيبقى للتكنولوجيا دورها البارز بنقل تلك التعاملات إلى أسواق أخرى ستكون أكثر انفتاحاً ولكنها ستصبح أكثر خطورة، مما يعني تجدد الأزمات من جديد، فاليوم لم يعد هناك مشكلة في دولة واحدة فقط يتم حلها دون تأثير على باقي العالم، ولعل درس أزمة آسيا المفروض أنه كان درساً واضحاً للحقيقة القائلة بأن زمن العولمة يعني العدوى السريعة، فلابد من أن تكون عمليات الإصلاح والضبط دولية وإلا فنحن على مواعيد جديدة لأزمات ستتكرر في فترات قصيرة وليست متباعدة كما في السابق.
يعني بتصير الأسهم زي العقار!! نم عليها انتظر التوزيعات!!!
خبر طيب ومعناته ان كثير من بنوك العالم بتحول المضاربات الى الدول الناشئة ومنها دول الخليج لاجل تلعب بالاسواق لان مالها حسيب ولا رقيب ......