تعرضنا في الحلقة السابقة للعوامل الأساسية التي يذكر المؤرخون أنها تشكل المناخ الذي ساد في الولايات المتحدة في عقد العشرينيات من القرن الماضي, الذي أحاط بالسوق قبل انهيار 1929، وساعد بالتالي على تكون فقاعة أسعار الأسهم في ''وول ستريت''. اليوم أتناول مسار الانهيار الذي حدث، والمسببات المباشرة له، وتبعاته.
تشير جميع المراجع التاريخية إلى أن يومي الخميس 24 تشرين الأول (أكتوبر) والثلاثاء 29 تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1929 هما اليومان اللذان شهدا الانهيار، وغالبا ما يطلق على هذين اليومين الأيام السوداء, غير أن الأحداث التي أدت إلى انهيار السوق كانت قد بدأت بالفعل قبل هذا التاريخ. فقد كانت وسائل الإعلام تتحدث من وقت إلى آخر عن وجود قدر هائل من المضاربة المفرطة في السوق، وبحلول عام 1929 كان كثير من المراقبين يعتقد أن أسعار الأسهم ارتفعت بصورة كبيرة، وقد تم تعزيز هذا الإحساس من خلال التقارير التي ترد في وسائل الإعلام وتصريحات المسؤولين الكبار، بما في ذلك مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ومجلس الشيوخ، وتصريح وزير المالية سنودن Snowden عن انتشار حمى المضاربة في الولايات المتحدة، الأمر الذي هيأ الجمهور لتصديق هذه التصريحات، وكانت النظرة العامة هي أن السوق فيها كثير من المضاربة المفرطة، لدرجة رفع الأسعار إلى مستويات لا تدعمها أي توزيعات للأرباح على الأسهم في السوق. غير أنه تجدر الإشارة إلى أن السوق لم تكن تنتشر فيها الممارسات غير القانونية أو التصرفات غير الأخلاقية على نحو كبير، على الرغم من الاهتمام الذي حظيت به مثل هذه القضايا من قبل المحللين لاحقا، كما لم تكن عمليات البيع على المكشوف كبيرة إلى الحد الذي يؤثر في السوق .. لكن ما الذي دفع بالسوق نحو الانهيار؟
كان تركيز الصحافة المالية في هذا الوقت على القروض المفرطة التي يقوم السماسرة بمنحها تحت نظام ''الشراء بالمارجن'', الذي ينظر إليه على أنه أحد الأسباب الأساسية للأزمة، الذي لم يكن مراقبا بواسطة الحكومة في العشرينيات، بل كان مسيطرا عليه تماما من قبل سماسرة السوق الذين يهتمون أساسا بمصالحهم الخاصة. كان متوسط الهامش نحو 50 في المائة بالنسبة لسعر الأسهم بشكل عام قبل تشرين الأول (أكتوبر) 1929، وبالنسبة لبعض الأسهم كان الهامش يصل إلى 75 في المائة، غير أنه بحلول نهاية تشرين الأول (أكتوبر) كان الهامش قد انخفض إلى 25 في المائة في المتوسط لتشجيع عمليات الشراء وإيقاف الانهيار في السوق. غير أن نظام الشراء بالمارجن ساعد كثيرا من المستثمرين على تكوين محافظ من الأسهم، وذلك باستخدام أموال مقترضة كوقود للمضاربة، مع استخدام الأسهم كرهن، وكان عدد كبير من المستثمرين في السوق مقترضين لأموالهم وفقا لنظام الشراء بالمارجن، ويعمل نظام المارجن بشكل جيد في حالة واحدة هي استمرار اتجاه الأسعار في السوق نحو الارتفاع ، غير أنه عندما تأخذ أسعار الأسهم في التراجع عن حد معين، فان السماسرة يأخذون في التخلص من الأسهم (الرهن) تجنبا للخسارة التي يمكن أن تلحق بهم إذا انخفضت القيمة السوقية لها عن إجمالي الائتمان الذي تم منحه للمشتري بنظام المارجن (القرض + الفائدة + عمولة السمسار)، لذلك يزداد حجم عمليات البيع بصفة خاصة مع تلاشي الآمال في تعافي المؤشر، الأمر الذي يعقد الأوضاع على نحو كبير.
شهد عام 1929 مجموعة من الأحداث التي أدت إلى انفجار فقاعة الأسهم في سوق نيويورك، فقد أخذت السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في التشدد (الحد من، ورفع تكلفة، الائتمان)، انطلاقا من الرغبة في حماية السوق من المضاربة، وتم ذلك أساسا من خلال الإقناع الأدبي للبنوك، فضلا عن ممارسة ضغوط مباشرة على السماسرة للحد من عمليات الائتمان التي تتم لتمويل شراء الأسهم. كما قام ''الاحتياطي الفيدرالي'' برفع معدل الخصم من 3.5 في المائة إلى 5 في المائة خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى تموز (يوليو)، وإلى 6 في المائة في آب (أغسطس)، وبسبب أن المستوى العام للأسعار في الولايات المتحدة كان يميل نحو التراجع، فقد كانت معدلات الفائدة الحقيقية أكبر من المعدلات الاسمية، وهو ما يعكس ارتفاع تكلفة الائتمان من الناحية الحقيقية في هذا الوقت، وفي أيلول (سبتمبر) قام بنك إنجلترا برفع معدل الخصم من 5.5 في المائة إلى 6.5 في المائة، حيث كانت لندن تخسر في تحركات الذهب إلى نيويورك، نتيجة للاستثمارات في سوق نيويورك, وذلك رغبة منها في تخفيض هذه الاستثمارات. من ناحية أخرى في 29 أيلول (سبتمبر) أتت أخبار سيئة إضافية عن انهيار إمبراطورية هارتي Clarency Hatry الصناعية في المملكة المتحدة، وهو ما رفع درجة عدم الثقة بالسوق. أكثر من ذلك أدت زيادة العوائد على الاستثمار في المملكة المتحدة إلى إشاعة عدم الاستقرار في السوق الأمريكية في أوائل تشرين الأول (أكتوبر).
وتذكر الكتابات أن من الأسباب الأساسية التي أدت إلى الانهيار، إضافة إلى عمليات الشراء بالمارجن، انتشار الشركات القابضة في قطاع المرافق العامة (مثل الغاز والكهرباء)، والتوسع الكبير في صناديق الاستثمار، الأمر الذي أدى إلى إشعال المشتريات من أسهم هذه الشركات، ففي 1929 كانت القيمة السوقية لأسهم شركات المرافق العامة أكثر من ثلاثة أضعاف قيمتها الدفترية، حيث كانت القيمة السوقية لشركات المرافق العامة نحو 14.8 مليار دولار، أو ما يقارب 18 في المائة من القيمة السوقية للأسهم في سوق نيويورك، ومن ثم مثلت تلك الشركات قطاعا مهما داخل السوق, وبالتالي كانت قادرة على إحداث تأثيرات جوهرية فيها، ولذلك لم يكن من المستغرب أن تقود هذه الشركات عمليات انهيار السوق لاحقا.
في تشرين الأول (أكتوبر) 1929 تجاهلت السلطات طلبا لشركة بوسطن أديسون للإنارة بتقسيم قيمة السهم الخاص بالشركة، وذلك تخوفا من احتمال أن يتعرض السهم لعمليات مضاربة عليه نتيجة لذلك، خصوصا أنه في هذا الوقت كان ينظر إلى قيمة هذا السهم على أنها مبالغ فيها بصورة غير مبررة، فضلا عن وجود اتهامات للشركة بتحقيق أرباح احتكارية. غير أن الأوضاع سارت على نحو أسوأ في 28 تشرين الأول (أكتوبر) 1929, حيث تم إقرار قانون الضريبة الجمركية الجديد والمعروف بقانون Smooth-Hawley، الذي كثيرا ما يشار إليه على أنه سبب رئيس للانهيار الذي حدث في سوق المال، بل الكساد الكبير الذي تلاه فيما بعد. كانت نسبة الصادرات الأمريكية إلى الناتج القومي لا تتعدى 7 في المائة، في الوقت الذي لم تكن هناك شواهد تشير إلى أن شركات الاستيراد والتصدير تعاني أكثر من غيرها في السوق نتيجة الانهيار، ومن ثم لم تكن هناك حاجة ماسة إلى إصدار مثل هذا القانون، وقد قضى التشريع برفع التعريفة الجمركية على الواردات الأمريكية بنحو 50 في المائة، تفرض على نحو 20 ألف سلعة مستوردة، وذلك لحماية الصناعة المحلية الأمريكية، الأمر الذي أدى إلى صب مزيد من الضغوط على الاقتصاد العالمي، ومن ثم فقدان الثقة بسوق وول ستريت.
على الرغم من أن الكتابات تعزو بداية الانهيار إلى يوم 24 تشرين الأول (أكتوبر)، إلا أن أيام 3 و4 و16 تشرين الأول (أكتوبر) كانت قد شهدت أيضا انخفاضات في الأسعار، ففي بداية تشرين الأول (أكتوبر) أخذت تدفقات المعلومات تنبئ عن وجود أخبار سيئة عن عمليات تنظيم قطاع المرافق العامة، ومنذ منتصف تشرين الأول (أكتوبر) بدأت الضغوط على أسهم شركات المرافق في الاتساع، وأدت عمليات بيع أسهم المرافق العامة من 16 إلى 23 تشرين الأول (أكتوبر) إلى إضعاف الأسعار، ما دفع إلى تكثيف عمليات التخلص من أسهم تلك الشركات، وفي يوم 23 تشرين الأول (أكتوبر) بدأت السوق تهوى وبدأت موجات البيع على نطاق واسع في الانتشار إلى درجة نشرت الذعر بين المتعاملين مع تهاوي أسعار الأسهم، حيث تم عرض 8.2 مليون سهم للبيع، ومن بين 87 مليار دولار هي القيمة السوقية للأسهم انخفضت القيمة السوقية في هذا اليوم بأربعة مليارات، أي 4.6 في المائة.
شهد يوم الخميس الأسود البداية الحقيقية للأحداث، حيث حمي الوطيس وانتشر الذعر بين المستثمرين، وفي ظل تهاوي الأسعار تم عرض 12.9 مليون سهم للبيع. وبدأت مكاتب السمسرة تغرق في فيضان طلبات البيع، لدرجة أن عملية الإعلان عن الأسعار المناسبة في السوق أصبحت مسألة شبه مستحيلة، وتحولت عمليات البيع إلى ذعر واضح بين المضاربين، حيث لا تتوافر المعلومات عن الأسعار. حاولت بنوك نيويورك في هذا اليوم إيقاف الانهيار في الأسهم بمنح مليار دولار كائتمان لوقف تراجع الأسعار، حيث نجحت مثل هذه الخطة في 1907، غير أن الخطوة لم تنجح هذه المرة واستمرت الأسعار في التهاوي. كانت ولاية ميتشجان أكثر الولايات تأثرا في يوم الخميس الأسود من أي ولاية أخرى، فقد انهارت أسهم شركات السيارات والتعدين، وكان إنتاج السيارات قد بلغ أقصى مستوياته عام 1929, حيث تم إنتاج خمسة ملايين سيارة، وبحلول عام 1932 انخفض الإنتاج إلى 1.3 مليون سيارة أي بنحو 75 في المائة أقل من قمته في 1929.
كان متوسط مؤشر داو جونز الصناعي في 3 أيلول (سبتمبر) 1929 قد بلغ قمته عند 381.2 نقطة مقارنة بـ 100 نقطة في 1926، وفي نهاية تعاملات يوم الخميس 24 تشرين الأول (أكتوبر) انخفض المؤشر إلى 299.5 نقطة، أي بنسبة انخفاض 21 في المائة من أعلى قمة بلغها المؤشر في هذا العام، وفي هذا اليوم الأسود انخفض المؤشر بـ 33 نقطة، أي بنسبة 9 في المائة، وكي نتعرف على فداحة الخسارة لا بد أن نعلم أن هذا الانخفاض كان يمثل ثلاثة أضعاف حجم التعامل اليومي للأشهر التسعة الأولى من العام.
كان يوم الثلاثاء 29 تشرين الأول (أكتوبر) يوما أسود آخر، حيث ازدادت مبيعات الأسهم على نحو غير مسبوق، فقد تم عرض 16.4 مليون سهم للبيع في هذا اليوم، وهو رقم قياسي في هذا الوقت في الولايات المتحدة لم يتم كسره لاحقا سوى بعد 40 عاما تقريبا، أي في 1968، في هذا اليوم فقط خسرت السوق نحو 14 مليار دولار من قيمتها، وفي هذا الأسبوع بلغ إجمالي الخسارة 30 مليار دولار، بينما خسرت 29 شركة مرافق عامة، 5.1 مليار دولار في الشهر، وكانت هذه الخسارة، بكل المقاييس، أكبر خسارة لصناعة من الصناعات المتداول أسهمها في السوق.
تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن انهيار 1929 غالبا ما يعزى إلى تشرين الأول (أكتوبر) من العام نفسه، إلا أن أكبر الخسائر الأساسية التي تعرضت لها البورصة تحققت في السنتين التاليتين. فبحلول 13 تشرين الثاني (نوفمبر) انخفض المؤشر إلى 198.6، وهي أدنى قيمة بلغها في 1929، وبعد انهيار تشرين الأول (أكتوبر) استعاد المؤشر بعض خسائره، وإذا نظرنا إلى قيمة المؤشر في أيلول (سبتمبر) 1929، حيث بلغ 386 نقطة، وإلى قيمته في نهاية 1929، التي بلغت 248.5 نقطة، فإن السوق تكون قد خسرت 36 في المائة من قيمة الأسهم المتداولة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من السنة.
باختصار شهدت الأيام السوداء حمى غير مسبوقة للبيع من قبل المستثمرين وبكميات هائلة من الأسهم، إنه الذعر نفسه الذي يتكرر في كل أزمة، حيث يحرص كل مستثمر على التخلص من أسهمه في أسرع وقت ممكن قبل تراجع الأسعار، فتكون نتيجة سلوك المستثمرين هذا انهيارا يطول القطيع بأكمله. لو أن المستثمرين تعقلوا بعض الشيء وهدأت تحركاتهم، فإن الانهيار يمكن تجنبه، لكن كما أن السباق المحموم نحو الشراء هو الذي ينفخ الفقاعة، فان الاندفاع غير المنظم نحو البيع هو الذي يؤدي إلى الانفجار المدوي لها. الغريب في الأمر أن المستثمرين دائما ما يلومون الأوضاع السائدة على أنها المسؤولة عما حدث، مع أنهم هم الذين خلقوا الفقاعة، وهم أيضا الذين قاموا بفقعها، ولو هدأ المستثمرون قليلا، وانخفض التدافع نحو البيع، فان الثقة يمكن أن تُدعم في السوق ويمكن تجنب الانهيار، لكن كيف يمكن ضبط نفسية هذا العدد الهائل من أفراد القطيع؟ استمر مؤشر داو جونز في التعافي في الربع الأول من 1930، حيث ارتفعت قيمته إلى 294 في 17 نيسان (أبريل) 1930، غير أنه بدءا من هذا الشهر أخذ المؤشر في التراجع مرة أخرى بشكل مستمر حتى بلغ أدنى قيمة له في تموز (يوليو )1932. كان مسار الانخفاض في مؤشر داو جونز الصناعي العام بعد 1929 حادا، من متوسط يساوي 290 في 1929 إلى 225.8 نقطة في 1930، أي بانخفاض 22.1 في المائة عن السنة السابقة، ثم إلى 134.1 نقطة في 1931، بانخفاض 40.6 في المائة عن السنة السابقة، ثم إلى 79.4 نقطة في 1931 بانخفاض 40 في المائة أخرى عن السنة السابقة، وكان الانخفاض الحادث في 1932 متوافقا مع التطورات الاقتصادية العالمية باعتبار أن عام 1932 شهدا ركودا على مستوى العالم، ليعكس المؤشر بذلك التطورات في النشاط الاقتصادي ومستويات توزيعات الأرباح، وعند انتهاء الانهيار في 1932، كانت الأسهم في سوق وول ستريت قد خسرت نحو 91 في المائة من قيمتها التي بلغتها في قمة أيلول (سبتمبر) 1929. لم يحدث في التاريخ أن تهاوت أسعار الأسهم إلى هذا الحد الخطير. إنها بالفعل تطورات استحقت أن يطلق عليها الانهيار العظيم، فقد استغرق الأمر ربع قرن من الزمان قبل أن يرتفع مؤشر داو جونز إلى مستوى 381 نقطة مرة أخرى عام 1954.
أدى انهيار 1929 إلى تحول الأزمة من أزمة مالية تتصل بأسعار الأسهم ومؤشر سوق الأوراق المالية وأصول المؤسسات المالية في الولايات المتحدة، إلى أزمة اقتصادية تأثرت فيها مستويات الإنتاج والدخول والتوظف، ثم إلى ركود طويل المدى، حيث استمر أثر هذا الانهيار في الاقتصاد الأمريكي أكثر من عشر سنوات، بل لم يقتصر تأثير هذا الركود فقط على الولايات المتحدة، وإنما امتد ليشمل كل دول العالم تقريبا.
لقد أدى تطبيق قانون الضريبة الجمركية المعروف بقانون Smooth-Hawley، السابق الإشارة إليه، إلى تأثر أعمال الشركات في الخارج بسبب الضريبة، وبدأت الحكومات الأجنبية في الانتقام من الولايات المتحدة من خلال تبني إجراءاتها الحمائية الخاصة بها، وأخذت البنوك في العالم في الانهيار، وعندما تقوم بفرض ضريبة على الغير، فلا تندهش عندما يقوم الغير بفرض ضريبة عليك أيضا، ونتيجة لذلك أخذت المشتريات الأجنبية من المنتجات الأمريكية في التراجع، بصفة خاصة المنتجات الزراعية، التي فقدت نحو ثلث أسواقها الخارجية، وبدأ المزارعون في إعلان إفلاسهم، فقد كان بوشل القمح الذي يباع في 1929 بدولار يباع في 1932 بـ 30 سنتا فقط، وأخذت البنوك الزراعية في الانهيار بمعدلات تاريخية. وعلى مدى الفترة من 1930 حتى 1933 أغلقت تسعة آلاف بنك أمريكي أبوابها، وعلى الرغم من أن سوق الأوراق المالية كانت قد كسبت بعض الدعم، كما سبقت الإشارة، إلا أن تطبيق القانون أدى إلى تراجع السوق بعد ذلك بلا هوادة.
ترتب على تراجع مستويات التجارة الدولية نشوء حرب للتعريفة الجمركية بين دول العالم، وهو ما غذى الحرب العالمية الثانية بعد عدة سنوات، حيث أدى تقييد التجارة إلى جعل عملية دفع التزامات ألمانيا عن تعويضات الحرب العالمية الأولى التي تم إقرارها بمقتضى اتفاقية فرساي مسألة شبه مستحيلة، وكما تقول الحكمة القديمة، ''عندما تفشل السلع في أن تعبر الحدود فإن الأسلحة ستفعل ذلك''، وأخيرا في عام 1934 قام الرئيس روزفلت بتخفيض هده التعريفة الجمركية سيئة السمعة.
هذا هو باختصار شديد مسار مجريات الأحداث الذي صاحب انهيار 1929، الذي حاولت فيه أن أجمع معظم الأحداث التي أدت أو صاحبت أو تلت انهيار 1929. في أعقاب اندلاع الأزمة كتبت صحيفة ''الإكونوميست'' ''إن هناك أمل في أن يستفيد العالم من انفجار الفقاعة المتضخمة لقيم الأسهم الأمريكية''. بالطبع كان من الممكن أن يستفيد العالم من الانهيار، لكن بشرط واحد هو أنه يتعلم من مثل هذه الأزمات، لكن الذي حدث أن العالم لم يتعلم أبدا من انهيار 1929، أو من أي أزمة مرت به قبل ذلك أو بعده، وتتالت الأزمات واحدة تلو الأخرى في أنحائه كافة. بقي أن أشير إلى أنه على الرغم من مرور أكثر من 80 عاما على نشوب أزمة 1929، إلا أن الكتابات عن الانهيار العظيم ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.
في الحلقة القادمة ـ إن شاء الله ـ أعرض لأزمة أخرى ذات تفاصيل غريبة بعض الشيء، إنها أزمة سوق المناخ التي حدثت في الكويت، التي دائما ما أطلق عليها أزمة أو فقاعة الورق. هذا إن أحيانا الله.
رائع جدا دكتور محمد بارك الله في جهودك ، وزادك علما وايمانا
رائع ,,, متابعين لك يا دكتور محمد ... بارك الله فيك
Thanks for the info Wish you all the best