قبل أيام عدة، أعلنت شركة دار الأركان للتطوير العقاري إبرام اتفاقية مبادلة معدل ربح ثابت إلى معدل ربح متغير تتعلق بنحو 50 في المائة من إصدارها الرابع من الصكوك الإسلامية، والذي تم إصداره في شباط (فبراير) من العام الحالي 2010م بقيمة إجمالية بلغت 450 مليون دولار أمريكي (ما يعادل 1.7 مليار ريال سعودي)، حيث شكل هذا الإعلان مفاجأة للأوساط المالية في المملكة في ظل الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة حالياً (تحديداً في دول منطقة اليورو) والغموض الذي يكتنف اتجاهات أسعار الفائدة خلال المرحلة المقبلة.
من وجهة نظري، أعتقد أن إبرام هذه الاتفاقية بعد أربعة أشهر فقط من إصدار الصكوك يدل على ارتكاب إدارة الشركة خطأ جوهريا عند إصدارها هذه الصكوك لأول مرة، خصوصاً أن أسعار الفائدة لم تشهد تغيراً منذ أكثر من عام، حيث كان الأولى ومن البداية أن يتم الإصدار بمزيج من معدل الربح المتغير إلى جانب معدل الربح الثابت بدلاً من إصداره كاملاً بمعدل ربح ثابت، وبالتالي فإن ما تقوم به الشركة حالياً هو بالتأكيد أمر غير مألوف في الأوساط المالية، وما يؤكد ارتكاب هذا الخطأ هو تحمل الشركة الآن تكاليف مالية أتت على شكل ''عمولة مبادلة'' لم يتم الإفصاح عنها!!
ما يهمنا هنا هو أن صياغة الإعلان توضح أن شركة دار الأركان تعاني ارتفاع تكلفة التمويل وهي الآن تستهدف تخفيض هذه التكلفة وهذا بلا شك توجه إيجابي، لكن السؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا هو:
هل إبرام هذه الاتفاقية سيحقق للشركة أهدافها أم أنه سيعقد الأمور لأسوأ من ذلك؟
للإجابة عن ذلك، يجب أن نضع في الاعتبار أن الشركة تستهدف من الاتفاقية تخفيض تكلفة التمويل بنسبة تقديرية تصل إلى 2 في المائة تقريباً (الفارق بين معدل العمولة الثابتة عند 10.75 في المائة ومعدل العمولة المتغيرة عند سعر السايبور + 7.95 في المائة) وإذا ما احتسبنا عمولة المبادلة فإن التخفيض سيصبح أقل من 2 في المائة، وهي بالتأكيد نسبة تخفيض قليلة لا تتناسب مع المخاطرة الكبيرة المرتبطة بها، حيث تشير توقعات الاقتصاديين إلى وجود احتمالات عالية لارتفاع أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة مما يدل على أن الأفضل في هذا الوقت هو أن تتحول اتفاقيات مبادلة أسعار الفائدة من أسعار متغيرة إلى أسعار ثابتة وليس العكس كما في حالتنا هذه.
إضافة إلى ما سبق، هناك عاملان مهمان يجب أن نضعهما في الاعتبار أيضاً وهما:نسبة ارتفاع أسعار الفائدة والفترة الزمنية اللازمة لذلك،حيث إنه في حال ارتفاع أسعار الفائدة لأكثر من 2 في المائة خلال أقل من عامين مثلاً فإن ذلك سيرفع من تكاليف التمويل بدلاً من تخفيضها وهو ما قد يعقد الأمور بالنسبة للشركة ويضعها في مواقف محرجة، إلا أنني بشكل عام أستطيع القول إن التقييم الحقيقي لهذه الاتفاقية سيحتاج إلى أعوام عدة (قد تصل إلى انتهاء صلاحية هذه الصكوك بعد أقل من خمسة أعوام) في حين يبقى التساؤل مطروحاً:
هل كانت الشركة بحاجة لأخذ هذه المخاطرة الكبيرة في سبيل تحقيق خفض متواضع لتكاليف التمويل؟
تخبطٌ في تخبطٍ أشدُ منه!!! .. وهناك تصوران لهذا التخبط على الأقل: 1) أما أن تكون إدارةُ الشركة واعيةٌ جداً لما تفعلُ بهيكلةِ تمويل أعمالها .. وبالتالي فأن التفسيرَ الأقرب لهذا التخبط هو حصولُ القائمين على هذه القرارات الغريبة على كوميشن مغري لتنفيذها!!!!... 2) أو أن تكون إدارةُ الشركة جاهلةٌٌ جداً لما تفعلُ بهيكلةِ تمويل أعمالها .. وبالتالي فألأمر سيؤدي بالشركة إلى نتائج كارثية خلال 2-3 سنوات!!!! .. وصدقَ القول الحكيم (إن كنتَ لا تدري فتلك مصيبةُ... وإن كنت تدري فالمصيبةُ أعظمُ)!!!!!
متوسط تكلفة التمويل الكلية على الشركة خلال 2010 إلى 5 في المائة. وأكد القصير أن هذه الاتفاقية تأتي في سياق الاستفادة من معدلات الربح المتغيرة المنخفضة السائدة حالياً، مؤكداً في الوقت ذاته أن الشركة تحتفظ بحقها في إنهاء هذه الاتفاقية عند صعود سعر سايبور إلى معدلات تراها الشركة لا تتناغم مع مصالح المساهمين واستراتيجية دار الأركان المستقبلية، مؤكداً في الوقت ذاته أن إجمالي ديون ''دار الأركان'' لا يتجاوز 33 في المائة من أصول الشركة، 53 في المائة فقط من حقوق المساهمين، وهذا يعكس بدوره السياسة المالية الفاعلة للشركة والإدارة المحكمة للعمليات التشغيلية. تصريح في صحيفة الرياض الخلاصه ان مقال الاستاذ محمد العمران جانبه الصواب