مع مطلع تموز (يوليو) المقبل ستخضع ثلاثة قطاعات تتضمن القطاع الحكومي، الصناعي، والقطاع التجاري إلى تعريفة استهلاك كهربائي أعلى مما سبق تبعاً لتصريح المهندس عبد الله الحصين وزير المياه والكهرباء ورئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج يوم السبت 5/6/2010.
ويهدف رفع تعريفة استهلاك الكهرباء على هذه القطاعات بحسب تصريح المهندس الحصين إلى تشجيع القطاعات الصناعية والتجارية إلى إزاحة أحمالها عن فترات الذروة وتقديم أسعار محفزة لهم خارج أوقات الذروة في فترات معينة من السنة, التي تشهد ضغطا كبيرا على الطاقة الكهربائية’’, تبعاً للتقرير الشامل للزميل علي آل جبريل في «الاقتصادية» يوم الأحد 6/6/2010.
وكما يبدو، فقد تم إقرارتسعير لاستهلاك الكهرباء حكومياً، تجارياً، وصناعياً بهدف التفريق بين استهلاك الكهرباء بين هذه القطاعات بعضهامع بعض ومع القطاع السكني والوصول إلى معادلة تضمن توزيع جهد إنتاج وتوزيع الكهرباء بين هذه القطاعات.
وتبعاً للإعلان فقد تم رفع تعريفة الاستهلاك الحكومي والتجاري لشرائح مع تسعير ديناميكي للقطاع الصناعي. لذا، فإن الاستهلاك الحكومي سيسعر بنحو 26 (هللة / ك. و. س.) بغض النظر عن شريحة الاستهلاك بينما يتم تقسيم تعريفة استهلاك الكهرباء للقطاع التجاري إلى ثلاث شرائح تنتهي بنحو 26 (هللة / ك. و. س.) للشريحة التي تستهلك أكثر من 8000 (ك. و. س.) وتتناقص إلى 20 (هللة / ك. و. س.) إلى الشريحة بين 4001 و8000 ( ك. و. س.) ثم انخفاضاً إلى 12 (هللة / ك. و. س.) للشريحة التي تستهلك بين 1- 4000 (ك. و. س.). أما تعريفة استهلاك الكهرباء للقطاع الصناعي فتنقسم إلى تصنيفين، الأول التعريفة الموسمية للمصانع ذات العدادات الكهروميكانيكية حيث تبلغ التعريفة 12 هللة لصغار المشتركين و14 هللة لكبار المشتركين من أول تشرين الأول (أكتوبر) إلى نهاية نيسان (أبريل) في كل الأوقات وترتفع إلى 15 (هللة/ ك. و. س.) لجميع المشتركين من أول أيار (مايو) حتى نهاية أيلول (سبتمبر).
والتصنيف الثاني هو التعريفة المتغيرة للمصانع ذات العدادات الرقمية, حيث تنطبق التسعيرة الموسمية نفسها من أول تشرين الأول(أكتوبر) حتى نهاية نيسان (أبريل), بينما تتغير من أول أيار (مايو) إلى نهاية أيلول (سبتمبر) لتبلغ عشر هللات خارج أوقات الذروة و 26 هللة في أوقات الذروة و15 هللة في باقي الأوقات.
وبتناول الأسعار الجديدة لتكاليف استهلاك الكهرباء يلاحظ تخصيص تعريفة أكثر تفصيلاً وديناميكية للقطاع الصناعي مقارنة بالتعريفة الثابتة للقطاع الحكومي والمقننة تبعاً لشرائح الاستهلاك للقطاع التجاري. هذا التمييز بين هذه القطاعات الثلاثة يعد منطقيا, خصوصاً أن القطاع الصناعي هو الأكثر اعتماداً واستهلاكاً للكهرباء مقارنة بالقطاعات الأخرى أخذاً في الحسبان هدف توزيع الجهد الكهربائي وتعظيم العائد منه.
لذا، جاء التفصيل في التعريفة لتتناسب مع حجم المصنع المستهلك للكهرباء وإمكانية تطبيق التعريفة المتغيرة بينما تم تحديد شرائح للاستهلاك التجاري لكبر حجم القطاع وتواضع حجم الاستهلاك مقارنة بالقطاع الصناعي, حيث إن المصانع تتمتع بالمرونة في أوقات التشغيل والإنتاج في المدن الصناعية بينما تحدد ساعات عمل القطاع التجاري فترات استهلاك الكهرباء وكميته بصورة تقلل من المرونة السعرية للتجاوب مع رفع تعريفة الاستهلاك.
أما التسعيرة الموحدة للقطاع الحكومي فتعتبر بمثابة دعم للشركة السعودية للكهرباء,خصوصاً أن التسعيرة جاءت عند الحد الأعلى للقطاعات الأخرى في أوقات الذروة وضمن أعلى الشرائح التسعيرية للقطاع التجاري.
ويعتبر استثناء القطاع السكني من رفع تعريفة الاستهلاك مهماً لعدم زيادة أعباء الإنفاق المباشرة على المواطنين على الرغم من التخوف من بروز بعض الضغوط التضخمية التي يتم تمريرها من القطاعين التجاري والصناعي إلى المستهلكين النهائيين من خلال عكس ارتفاع تكلفة الكهرباء في تسعير السلع النهائية, خصوصاً من خلال الخدمات والمنتجات المحلية التي تفتقد إلى بدائل أو التي تقل فيهاالمنافسة.
لذلك، من المهم للقطاعات التجارية والصناعية, خصوصا دراسة تغيرات تكلفة استهلاك الكهرباء الجديدة وتأثيراتها في التكاليف الكلية والبدء بالتخطيط لعمليات الإنتاج وتشغيل المصانع بصورة تؤدي إلى رفع معدلات الكفاءة والإنتاجية للاحتفاظ بالميزات التنافسية, وبالذات أمام المنافس الأجنبي لكون التميز بين المتنافسين في السوق المحلية للصناعات التي تعتمد بشكل كبير على الكهرباء كمصانع المياه والألمنيوم سيكون بقدرتها على التأقلم وتخفيف أثر رفع تعريفة الكهرباء على قوائمها المالية والحفاظ على رضا الزبائن والعملاء.
وأخيراً، من الواضح جداً أن رفع تعريفة استهلاك الكهرباء لا تهدف في المقام الأول إلى تحقيق عوائد مادية بل إلى الدفع نحو توزيع استهلاك الكهرباء وطنياً على مدار اليوم وتحفيز قطاع الأعمال على استغلال أوقات خارج الذروة للتمكن من ضمان استمرارية توفير التيار الكهربائي لكل القطاعات بما فيها القطاع السكني على مدار الساعة ودون انقطاع. لذلك، وعلى الرغم من أن رفع تعريفة الكهرباء على ثلاثة قطاعات متوقع له أن يعود على الشركة السعودية للكهرباء بنحو 3.1 مليار ريال تبعاً للتقديرات، إلا أن الشركة كحال غيرها من شركات النفع العام المزودة للكهرباء في العالم لا تستطيع الاستمرار والاستثمار في تطوير الطاقة الإنتاجية والتوليد والنقل والتوزيع دون وجود دعم حكومي مباشر أو غير مباشر, وهو ما حصل ويحدث الآن عن طريق التسعيرة الحكومية المرتفعة نسبياً، ومتوقع له أن يستمر مستقبلاً أيضاً.
أخي الكريم د. قصي الخنيزي شكراً على هذا المقال الرائع ... والذي اتفق معك على ما جاء في خاتمته ... علماً بأني بصدد كتابة موضوع يدور حول نفس الأفكار لكن من وزاوية مختلفة تهتم في مدى إنعكاس التغير في التسعير على ربحية الشركة بالمستقبل . مع تحياتي أخوك