ما زالت السلع تشهد تقلبات مختلطة في ظل عودة الغاز الطبيعي إلى الأضواء في خضم التوقعات بموسم أعاصير نشط. وما برحت ظروف الأسواق المالية الصعبة في منطقة اليورو تدل على أن الطريق إلى الأمام سيكون وعراً، حيث تقوم البنوك حالياً بإقراض البنك المركزي الأوروبي سيولتها الفائضة بدلاً من أن يقرض بعضها بعضا، وهو ما يشبه الوضع الذي سبق انهيار بنك ليهمان براذرز. وقد ارتفع هامش عائد السندات أجل 10 سنوات بين السندات الحكومية الألمانية وبعض السندات الحكومية الأوروبية الجنوبية إلى مستويات لم نشهدها منذ عام 1997 مع استمرار المستثمرين في تجنب المخاطر.
وما زالت البيانات الاقتصادية من الولايات المتحدة تشير في الاتجاه الصحيح، ولكن وتيرة خلق الوظائف لا تُظهر سوى تحسناً بطيئاً، وقدجاءرد الفعل يوم الجمعة سلبياً من أسواق الأسهم والسلع تجاه هذا بعد صدور تقرير البطالة الأمريكية الشهري يوم الجمعة.
وما فتئت السلع تكافح لمعاودة اكتساب بعض الزخم بعد الخسائر الباهظة التي تكبدتها خلال شهر مايو. والغاز الطبيعي هو السلعة الوحيدة التي شذت عن المجموع، حيث ارتفع بأكثر من 10 في المائة خلال الأسبوع الماضي وبلغ في هذه الأثناء أعلى مستوى له منذ ثلاثة أشهر. وأظهر آخر التقارير حول المخزون تزايد المخزونات بدرجة أقل من المتوقع، وهو ما تسبب في تجاوز المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم عند 4,54 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية ارتفاعاً.
عزز الطقس الحار في الشمال الشرقي ومنتصف قارة الولايات المتحدة الأمريكية الطلب على الكهرباء المولدة بالغاز لتشغيل المكيفات. علاوة على ذلك فإن الأخبار الصادرة عن الحكومة بشأن ضرورة أن يعيد منتجو الغاز الذين يسعون إلى التنقيب في خليج المكسيك تقديم خطط تتوافق مع اشتراطات السلامة والاشتراطات البيئية الجديدة في أعقاب كارثة تسرب النفط من منصة بي بي وفرت دعماً للأسعار كذلك.
وقد بدأ الآن موسم الأعاصير الأطلنطي لعام 2010 مع توقع مركز التنبؤات المناخية التابع للإدارة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي موسماً يتراوح بين "النشيط وبالغ النشاط"، وهو يتوقع بالتحديد ما بين 8 و14 إعصارا، من ضمنها ما بين 3 و7 يمكن أن تكون أعاصير كبيرة. وفي خضم هذه الملابسات، ينبغي أن تظل أسعار الغاز الطبيعي مدعومة على امتداد فصل الصيف.
بدأ المركز المضاربي القصير في بورصة نيويورك التجارية (نايمكس) في التناقص فيما يخشى البائعون على المكشوف حدوث ارتفاعات حادة في الأسعار مثل التي سجلها الغاز الطبيعي في موسم 2005 عندما تسبب إعصارا ريتا وكاترينا في دمار شامل وفوضى في صناعة الغاز الطبيعي.
من منظور تقني، يمكن أن يجد الغاز الطبيعي الدعم عند مستوى 4.5 دولار أمريكي للمليون وحدة حرارية بريطانية، على أن يشير التحرك فوق المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم في شهر التسليم القريب عند 4.54 دولار أمريكي إلى زخم ارتفاع نحو 5.05 في البداية.
حصلت أسواق الطاقة على دفعة إلى الأمام من بيانات البطالة الصادرة يوم الجمعة بعد أن أظهر تقرير أن مخزونات البنزين الأمريكية تراجعت تحت وطأة زيادة الطلب إلى 20 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى له منذ يناير 2009. وتواصل التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة تحسنها، مما أدى إلى معاودة دخول المستثمرين إلى السوق بعد أن اضطروا إلى تقليص تعرضهم للمخاطر خلال شهر مايو.
من منظور تقني، من الممكن أن نجد المقاومة عند 75.80 دولارا أمريكيا للبرميل بتصحيح بنسبة 38.2 في المائة من البيع المكثف الذي شهدناه مؤخرا، يعقبه المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم عند 76.78 دولارا أمريكيا للبرميل قبل حدوث تصحيح بنسبة 50 في المائة عند 78.50 دولارا أمريكيا للبرميل. وأي تحرك دون مستوى 70دولارا سيكون دلالة على رفض المشاعر الإيجابية مع محاولة أخرى نحو منتصف الستينيات. وما زال الدولار يلعب دورا مهما في تقرير سعر النفط الخام، حيث أدى تحرك سعر صرف الدولار الأمريكي دون 1.21 يورو يوم الجمعة إلى إضعاف الأسعار نوعا ما، مما يدل على أن السوق ستبقى حبيسة النطاق مؤقتا.
شهد الذهب جنيا للأرباح هذا الأسبوع ولكنه تمكن على الرغم من ذلك في التشبث بالدعم عند مستوى 1197.5 دولارا أمريكيا للأوقية، وهو ما يمثل تصحيحا بنسبة 50 في المائة للارتفاع الذي حدث مؤخرا. حدوث إغلاق دون ذلك المستوى من شأنه أن يكون علامة على تصحيح أعمق في اتجاه 1166 دولارا أمريكيا للأوقية يعقبه الدعم طويل المدى عند 1137 دولارا أمريكيا للأوقية. التدفقات الاستثمارية إلى صناديق الذهب المتداولة في البورصة تتواصل دون توقف حيث وصل إلى ذروة قياسية جديدة تبلغ 64.5 مليون أوقية، وهو ما يلقي الضوء على الشهية القائمة للذهب ولكنه يبرز أيضا زيادة خطر حدوث تصحيح كبير آخذين بعين الاعتبار الفشل في اختراق مستوى 1250 دولارا أمريكيا للأوقية خلال الارتفاع الذي حدث مؤخرا.
وما دام النفور من المخاطر الناشئ عن أزمة الدين الأوروبية مستمراً، فينبغي أن يستمر الذهب في الحصول على الدعم. ولكن في الوقت الحالي، يبدو ضبط النفس على ما يرام.
ونتناول الآن السلع الأخرى بإيجاز: انخفض سعر الأرز الخام بنسبة تزيد على 10 في المائة على مدى الأسبوعين مما أدى إلى استمرار البيع المكثف المتواصل منذ ديسمبر من العام الماضي. وقد انخفض هذا الأسبوع إلى مستوياته في أغسطس 2007 حيث جرى التعامل فيه دون 11 دولارا أمريكيا لكل هندردويت في مجلس شيكاغو للتجارة. وقد شهد موسم المحاصيل الأمريكي بداية قوية صاحبته وفرة في الإمدادات العالمية وضعف في الطلب. أما الدعم فهو عند 10.50 دولار أمريكي لكل هندردويت والمقاومة عند 11.42 دولارا أمريكيا لكل هندردويت.
اخترقت أسعار عقود الذرة تسليم الشهر المقبل مستوى دعمها الأخير انخفاضاً متجهة نحو تراجعها الأسبوعي الثاني فيما أظهر التقرير تسريع عمليات الزراعة وتحسن ظروف المحاصيل. كما أن نسبة عالية من الذرة التي تمت زراعتها بالفعل كانت في حالة جيدة أو ممتازة. وينبغي أن تؤدي التنبؤات بطقس حار الأسبوع القادم إلى الإبقاء على الأسعار مدعومة، ولكن التوقعات ما زالت سلبية حيث تمخضت قوة سعر صرف الدولار عن فقدان الصادرات تنافسيتها. وتتوقع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة أن يكون إنتاج الذرة العالمي في 2010 عند 835 مليون طن، ارتفاعا من 815 طنا في 2009. أما الدعم الآن فهو عند قاع سبتمبر البالغ 333.75 سنتاً للبوشل للعقد تسليم شهر يوليو ومستوى المقاومة عند 354 سنتا للبوشل.
ويجري التعامل في الكاكاو في بورصة لندن قرب رقم قياسي لم يبلغه منذ 33 عاما بعد أن ارتفع بنسبة 20 في المائة منذ منتصف شهر مايو، حيث أدت الأمطار الغزيرة في ساحل العاج، التي تمثل 40 في المائة من إمدادات العالم، إلى تقليل إمدادات الكاكاو في ظل نضال المشترين لتغطية متطلباتهم.
بعد أن أخفق النحاس عالي الجودة في اختراق مقاومة المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم عند 316 دولارا أمريكيا للعقد، اخترق مستوى الدعم عند 290 دولارا أمريكيا للعقد يوم الجمعة قبل أن يأتي الدعم من قاع شهر فبراير 285 دولارا أمريكيا للعقد. وهذا المعدن عرضة- أكثر من أي سلعة أخرى - للتحركات في أسواق العملة. كما أن القلق من مواصلة الصين سياسة التشدد في الإقراض لكبح اقتصادها لا يقدم العون لمشاعر المستثمرين كذلك.