كتبت هنا في ألفا بيتا بتاريخ 8 مايو الماضي موضوعا بعنوان " قائمة التدفقات النقدية تضع علامات استفهام على أداء بعض البنوك في الربع الأول 2010م ؟؟؟ هل تواجه أزمة !!!" تحدثت فيه عن مصادر التدفقات النقدية للبنوك المدرجة في السوق المالية السعودية خلال الربع الأول من هذا العام وقد أشرت به إلى أن بعض من هذه البنوك حقق تدفقات نقدية سلبية من أنشطة التشغيل وتزامن ذلك مع تحقيق تدفقات إيجابية من أنشطة الاستثمار وبطبيعة الحال هذا مؤشر سلبي وخطير للغاية إذا لم يتم تقديم حلول جذرية لهذه المشكلة في أسرع وقت ممكن فربما نواجه أزمة ثقة بالنظام المصرفي بالمملكة ككل لا سمح الله !!! خاصة عند استمرا هذه الإشكالية لدى تلك البنوك وهذا ما يجعلنا نتخيل أنه قد يكون هناك أزمة تلوح في الأفق فقد أذهب في يوم من الأيام للبنك الذي أتعامل معه ولا أستطيع سحب أموالي المودعة لدية !!!
وما شدني لكتابة هذا الموضوع هو ما نقلته وكالة رويترز مؤخراً عن رئيس مجلس إدارة أحد البنوك السعودية المدرجة بالسوق المالية السعودية والذي أشار إن الجهات الحكومية السعودية يتعين عليها تعزيز عملية الإقراض عن طريق وضع ودائع طويلة الأجل في بنوك البلاد لأن معظم الطلبات على القروض طويلة الأجل بينما معظم الودائع لدى البنوك هي ودائع ذات آجال قصيرة. وهذا يعني أن البنوك تستجدي الحكومة السعودية لتضخ بها ودائع طويلة الأجل تمكنها من موازنة وضبط عملياتها التشغيلية التي أخفقت القطط السمينة بتلك البنوك عن تحقيقها !!!
وقبل أن نعرف هل هناك أزمة ثقة متبادلة بين البنوك أم لا !!! دعونا نلقي نظرة على الجدول التالي والذي يوضح الأرصدة لدى البنوك والمؤسسات المالية الأخرى - بملايين الريالات السعودية - في القوائم المالية للبنوك المدرجة بالسوق المالية السعودية :-
فمن الجدول السابق يتضح لنا أنه في نهاية الربع الأول من هذا العام انخفض حجم ودائع البنوك المتبادلة فيما بينها وبين البنوك والمؤسسات المالية الأخرى بنسبة 20% لتصل إلى حوالي 59 مليار ريال بينما كانت في نهاية عام 2009م تبلغ حوالي 73 مليار وقد كان انخفاض حجم هذه الأرصدة متباين بين البنوك المدرجة بالسوق فنجد أن البنك العربي الوطني خفض إيداعاته بالبنوك والمؤسسات المالية الأخرى بنسبة 45% لأنه واجه انخفاض في حجم الأموال المودعة لدية بحوالي 5 مليار ريال خلال الربع الأول ثم احتل بنك الجزيرة المرتبة الثانية بنسبة 41% لأنه أيضاً واجه انخفاض في حجم الأموال المودعة بحوالي 2,9 مليار ريال .... إلى أخره. وبطبيعة الحال أن انخفاض حجم رصيد هذا البند في قائمة المركز المالي للبنك أو المصرف هو لتدعيم موقف رأس المال العامل حتى يكن من السهل مواجهة ضغط انخفاض حجم الودائع الجارية قصيرة الأجل إذا لم يتمكن البنك من استقطاب ودائع طويلة أجل لدية سواء كانت من مستثمرين أو من بنوك ومؤسسات مالية أخرى أو حتى ودائع حكومية طويلة أجل.
وخلاصة القول .... أن التصريح السابق لرئيس مجلس إدارة أحد البنوك المدرجة بالسوق المالية السعودية وما يوضحه الجدول السابق يجعلنا نفكر جدياً في احتمالية وقوع أزمة ثقة بالنظام المصرفي بالمملكة والتي من الممكن أن تحدث إذا لم يتم تداركها وإيجاد الحلول المناسبة لها من الآن قبل فوات الأوان فعلى الرغم من ثقتي الكبيرة في أن مؤسسة النقد العربي السعودي لن تسمح بوقوع مثل هذه الكارثة إلا انه يجب عليها التفكير مجدداً في إعادة النظر برفع نسبة الوديعة النظامية على الودائع الجارية وإيجاد صيغ أخرى لتدعيم الإقراض الاستثماري طويل الآجل في البنوك. أما نحن البسطاء فلنحذر من القطط السمينة !!! فلديها المقدرة على التنبؤ أكثر منا.
لا تنس ان بند الاستثمار الخارجي زاد في الفترة الماضية وخاصة في ظل ان سعر الفائدة في دول اخرى اعلى من السعودية ... فمن البديهي ان البنوك والافراد والمؤسسات الاخرى ستعمل على نقل ودائعها الى اماكن تستفيد اكثر.