كلما صدرت بيانات جديدة عن الناتج المحلي الإجمالي، رحت ابحث في المدى الذي وصلت إليه جهود الدولة في مجال تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط الذي كان يشكل حتى بداية التسعينيات مانسبته 70بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي (وذلك قبل بدء عصر الغازمن حقل الشمال). ورغم تضاعف الكمية المنتجة من النفط في التسعينيات إلى أكثر من 800 ألف ب/ي إلا أن حصته في الناتج المحلي الإجمالي قد تراجعت بالتدريج إلى أن وصلت في عام 2009 إلى أقل من22%، كما انخفضت حصة قطاع النفط والغاز معاً إلى 46.2% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ 59% في عام 2005. فإلى أين وصلت جهود تنويع مصادر الدخل في قطر؟ هذا ما أبحثه في هذا المقال من واقع البيانات التي صدرت مؤخراً عن جهاز الإحصاء عن بيانات الناتج المحلي الإجمالي للعام 2009.
أشير بداية إلى أن مساهمة قطاع النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية قد بلغت 165.3 مليار ريال مقارنة بـ 215.1 مليار ريال في عام 2008، وأن هذا التراجع جاء نتيجة انخفاض سعر برميل النفط من 94 إلى 61 دولاراً للبرميل. ويلاحظ أن حصة النفط ومشتقاته قد انخفضت من 117.5 مليار إلى 77.8 مليار، فيما انخفضت حصة الغاز من 97.6 مليار إلى87.5 مليار ريال. وبهذا تكون مساهمة قطاع النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي قد انخفضت إلى 46.2% مقارنة بـ 53.4% في عام 2008، و56.7% في عام 2007، و 59.1% في عام 2006، و58.8% في عام 2005، فما هي القطاعات التي زادت مساهماتها في الناتج المحلي الإجمالي، وبمعنى آخر أين انصبت جهود التنويع؟؟
أولاً: جاء قطاع الخدمات الحكومية في المرتبة الثانية بعد قطاع النفط والغاز، بقيمة 44.7 مليار ريال وبنسبة 12.5% مقارنة بـ 32.8 مليار وبنسبة 8.1% في عام 2008، و 20.8 مليار وبنسبة 7.1% في عام 2007. هذه الزيادة المطردة في قيمة الخدمات الحكومية تأتي نتيجة لزيادة الخدمات الحكومية في مجالات التعليم والصحة، ولزيادة الرواتب في السنوات الأخيرة.
ثانياً: جاء قطاع المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال في المركز الثالث بقيمة 43.4 مليار ريال وبنسبة 12.1%، مقارنة بـ 38.1 مليار وبنسبة 9.5% بالمائة عام 2008 و 27.3 مليار وبنسبة 9.3% في عام 2007. وتعزى هذه الزيادة في الأهمية النسبية إلى الزيادة التي طرأت على أعداد البنوك وشركات التأمين العاملة في البلاد، وإلى زيادة مداخيلها المعلنة، والزيادة في أنشطة العقارات.
ثالثاًً: احتل قطاع الصناعة التحويلية المركز الرابع بناتج إجمالي مقداره 28.4 مليار ريال، وبنسبة 7.9% مقارنة بـ 37.9 مليار وبنسبة 9.4% في عام 2008، وبناتج 26 مليار وبنسبة 8.8% في عام 2007، وبناتج 20.2 مليار وبنسبة 10.5% في عام 2006. أي أنه رغم الزيادة السنوية الملحوظة في ناتج قطاع الصناعة التحويلية إلا أن حصته في الناتج المحلي الإجمالي قد تراجعت سنة بعد أخرى، لكون الزيادة السنوية في هذا القطاع أقل من الزيادات التي تطرأ على الإجمالي. وعلى ذلك لا يبدو قطاع الصناعة التحويلية بوضعه الراهن قد نجح في تنويع مصادر الدخل، خاصة وأن الزيادة المطلقة التي يساهم بها في الناتج تتطلب زيادة في العمالة المستوردة، وفي عدد السكان وفي ذلك تكلفة مجتمعية عالية، تضغط على قطاعات الخدمات الأخرى فتزداد نواتجها ، مما يقلل من شأن الزيادة في مساهمة قطاع الصناعة.
رابعاً: جاء قطاع التشييد والبناء في المركز الخامس بقيمة 25.8 مليار ريال وبنسبة 7.2% مقارنة بـ 32.5 مليار وبنسبة 8.1% في عام 2008، وبقيمة 21.6 مليار وبنسبة 7.4% في عام 2007، أي أن حصة هذا القطاع قد وصلت ذروتها في عام 2008، ثم تراجعت بعد الأزمة العالمية كقيمة وكنسبة مئوية.
خامساً: جاء في المركزين السادس والسابع على التوالي قطاعي التجارة والمطاعم والفنادق، والنقل والاتصالات بنسبة 6.7% و 6.3% على التوالي وبقيمة 23.9 مليار للتجارة و 22.7 مليار للنقل والاتصالات. والملاحظ أن هذين القطاعين كانا من القطاعات الاستثنائية التي لم تنخفض نواتجها في عام الأزمة في 2009، بل حافظا على تحقيق زيادات سنوية في القيمة وفي النسبة، وكانت نسبتيهما إلى إجمالي الناتج في عام 2005 في حدود 4.8% للتجارة و 3.8% للنقل، أي أن الاستثمار في هذين القطاعين قد حققا قدراً مهماً من النجاح في تنويع مصادر الدخل. واشير بهذا الخصوص إلى أنه في قطاع النقل والاتصالات حدثت طفرة كبيرة من جراء توسع عمليات الخطوط الجوية القطرية، وشركة كيوتيل ودخول فودافون كشركة ثانية، إضافة إلى إنشاء شركة ناقلات. وأما في قطاع التجارة والمطاعم والفنادق، فإن التوسع في هذا المجال لا يخفى على أحد.
سادساً: ظل قطاع الكهرباء والماء في موقع متأخر بين القطاعات رغم ما طرأ عليه من توسع ملحوظ في طاقات الإنتاج ومعدلات الاستهلاك نتيجة الزيادة السكانية، بحيث وصل ناتج هذا القطاع إلى 3.9 مليار ريال في عام 2009، مقارنة 4.3 مليار ريال في عام 2008 و 3.2 مليار في عام 2007، و 2.4 مليار في عام 2006. وظلت نسبة هذا القطاع إلى الإجمالي في حدود 1.1% لأنه ينمو بشكل متناسب مع نمو الناتج ككل.
سابعاً: حافظ قطاع الزراعة وصيد البحر والثروة الحيوانية على موقعه الأخير بين القطاعات بناتج 315 مليون ريال فقط وبنسبة عُشر بالمائة، رغم أهمية هذا القطاع في تحقيق الأمن الغذائي، وما تفرضه الزيادة السكانية المطردة من توسع في استيراد السلع الغذائية، ومن زيادة الضغوط على الأسعار كما حدث مع الأسماك واللحوم في السنوات الأخيرة.
وعلى ذلك فإن تنويع مصادر الدخل قد نجح بالفعل في قطاع الخدمات الحكومية وقطاع المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال، وفي قطاع التجارة والفنادق والمطاعم، وقطاع النقل والاتصالات، ولكن نجاحه في مجال الصناعة التحويلية كان بدرجة أقل، وذلك ما يحتاج على مقال آخر لمناقشته.
جميع القطاعات تعتمد على الدخل النفط والغاز لو نضب البترول هل تتوقع بقاء الاجانب وهم معظم السكان وهل خدمات الحكومه ستستمر في تحصيل فواتير الكهرباء والماء وهل سيجد القطاع العقاري مستاجر القتصاد قائم على دوره قطاع النفط والغاز فاذ انفكت الحلقه الولى توالت القطاعات في التبخر فقط الصناعه هي التي ستستمر فقط
نضب النفط من إمارة دبي، حيث انخفض انتاجها من 400 ألف ب/ي عام 1991 إلى أقل من 30 ألف ب/ي في الوقت الراهن ومع ذلك فإن دبي ظلت في السنوات الأخيرة تحقق معدلات نمو غير مسبوقة، وتفوق ما تحققه أبوظبي،، كما أن البحرين استمرت في تحقيق نمو اقتصادي رغم أنها لا تنتج اكثر من 180 ألف ب/ي. ولا تنسى أن انتاج قطر من الغاز سوف يستمر لأكثر من مائة وخمسين سنة، ومن ثم فلو تدهور إنتاج النفط، فإن مصانعها البتروكيماوية ومجمعات إسالة الغاز سوف تستمر، وستظل الحكومة قادرة على الإنفاق على الخدمات العامة من أيراداتها التي ستجنيها من العاز المسال وسوائله ومن عوائد استثماراتها في الخارج وفي الداخل. ولكن لن يكون هناك نكو بمعدلات قوية كما يحدث هذه الأيام. وشكراً لتواصلك معنا يا جاسم بشير يوسف الكحلوت