بدأت معظم السلع عام 2010 وكأنها جياد انطلقت من خلف حاجز البداية تتسابق للفوز بمكاسب قوية مدعومة بشكل رئيسي بالزخم القوي الذي خلفه عام 2009.
وقد كانت هناك فكرتان أساسيتان بمثابة المحركات الرئيسية لحركة الأسواق حتى الآن؛ الأولى هي القلق من الصحة الاقتصادية لبعض البلدان في ضوء الديون الضخمة التي تراكمت بعد الأزمة المصرفية والثانية زيادة قوة الدولار. وارتبطت هاتان الفكرتان باستقطاب أوروبا لمعظم الاهتمام بشأن الديون السيادية مما أدى لإضعاف اليورو وزيادة قوة الدولار. وأدت العلاقة السلبية بين أسعار الدولار والسلع إلى مواجهة بعض الأسواق لمصاعب مع مواصلة اكتساب الدولار مزيداً من القوة.
أما الفكرة الرئيسية الثالثة والتي ستكتسب أهميتها في وقت لاحق من هذا العام فهي الصين ومدى قدرتها على المحافظة على دفع اقتصادها قدماً. وثمة بوادر مقلقة آخذة في الظهور حيال فقاعة مفزعة في أسعار الأصول وتوسع غير مستدام في البنية التحتية كما أن جولتي تشديد الإجراءات المالية اللتين شاهدناهما حتى الآن سيتبعهما بكل تأكيد جولات أخرى. وإذا ما حصل أسوأ سيناريو نتوقعه، فستعاني أسواق السلع من مصاعب نتيجة ذلك.
ومع نهاية شهر فبراير كان هناك تسع سلع من السلع الاثنين والعشرين الأكثر تداولاً في وضع إيجابي وكان الخشب المنشور وعصير البرتقال في المقدمة في حين جاء الكاكاو والغاز الطبيعي في مؤخرة الركب. أما الأسواق من العيار الثقيل كالنفط الخام والذهب فكلاهما كانا يحومان حول منعطف الصفر مع احتمال بحصول تقدم لجميع هذه الأسواق مع اقترابنا من الربع الثاني.
وقد شاهدنا حالة من الفصل في علاقة السلع بالدولار المذكورة أعلاه مع محافظة كل من سلعتي النفط الخام والذهب على أدائهم الجيد، رغم المحاولات العديدة لخفض أسعارهما. ووفقاً لأسعار اليورو، حقق الذهب رقماً قياسياً جديداً في ارتفاع أسعاره وبلغ خام النفط مستويات كان قد وصلها آخر مرة أواخر عام 2008. وقد اعتمد هذا بداية على شدة برد فصل الشتاء الذي شهده النصف الشمالي من الكرة الأرضية لكنه استند بدرجة أهم على التوقعات بأن النشاط الاقتصادي بين الدول المتقدمة سيواصل تحسنه حيث جاء معظم الزيادة في الطلب حتى الآن من الدول ذات الاقتصادات المتنامية بسرعة (البرازيل، روسيا، الهند، الصين).
وتتراوح أسعار خام النفط ما بين 70 دولاراً و 84 دولاراً وما تزال الصورة الفنية تشير إلى اتجاه صعودي. وإلى أن نشهد تأكيداً جازماً على الانتعاش الاقتصادي، يتوقع أن يواصل السوق التراوح في تداولاته مع احتمال أن يبلغ 85 دولاراً وربما يقفز ليصل إلى 90 دولاراً مما يمثل تعافياً بنسبة 50% من بيع التصفية من عام 2008 إلى عام 2009. ويتمثل الدعم الحاسم في المتوسط المتحرك لمدة 200 أسبوعاً حول 69 دولاراً مع انخفاض طفيف لفترة قصيرة يشير إلى تصحيح أكثر عمقاً.
أما الذهب فلم يفلح في تحدي رقمه القياسي الذي بلغه عام 2009 حيث ظل معظم الوقت يتراوح حول مستوى 1.100 دولار. وقد تخلى صندوق النقد الدولي عن سعيه لتحرير المائة وتسعين طناً المتبقية من أصل 400 طن إلى البنوك المركزية، مختاراً بدلاً عن ذلك تقديمها للسوق المفتوح. بالطبع البنوك المركزية هي ستكون من سيشتري لكنها تفضل مجهولية الهوية التي يمنحها إياها السوق المفتوح. وذكرت التقارير الصين وروسيا والهند كمشترين محتملين وعلى هذا الأساس لا يتوقع أن تسبب زيادة العرض أي أثر سلبي على الأسعار.
ومع توقف التدفقات إلى صناديق المؤشرات المتداولة الخاصة بالذهب، تبدي السوق مزيداً من إشارات الانتعاش في الطلب الفعلي مما سيدفع السوق نحو الارتفاع. وشهد الإقبال على شراء الذهب كملاذ آمن على خلفية المخاوف من الديون السيادية تعديلاً بفعل تحسن قوة الدولار وبالتالي تحول إلى عامل ثانوي الأثر وسيبقى كذلك في المستقبل القريب. ونحن نميل للمضاربة على الصعود على المدى الطويل بالنسبة للذهب، لكننا نعتقد أن المدى القصير سيوفر فرصاً أفضل للشراء من سعر 1.120 دولار أمريكي الذي كان سائداً عند كتابة هذا التحليل.