ߚ 3ߚ 3

08/04/2010 1
محمد العنقري

شكل اعتماد الخطط الخمسية كمنهج لتنمية الاقتصاد والمجتمع السعودي بشكل عام نقطة انطلاق حقيقية نحو رسم معالم النهضة التي تطمح المملكة الوصول إليها وقد كان للنهوض بالصناعة السعودية النصيب الأكبر من الاهتمام منذ الخطة الأولى فتأسس بها ثلاث مدن صناعية في الرياض وجدة والدمام إلا أن الخطة الثانية حملت معها انطلاقة حقيقية لتكثيف بناء المدن الصناعية إلى أن وصلت لأربع عشرة مدينة جذبت استثمارات فاقت 60 مليار ريال وأسس بها قرابة 3000 مصنع يعمل بها حوالي 250 ألف عامل.

وتحمل مناسبة تدشين المدينة الصناعية بسدير برعاية كريمة من رائد التنمية النهضوية بمنطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله كنقطة تحول حقيقية في نقل الصناعة بالمنطقة بشكل خاص وبالمملكة عموما إلى مرحلة جديدة تتواكب مع خطط الحكومة في رفع مستوى مشاركة القطاع الخاص بالاقتصاد الوطني وزيادة نمو الناتج الوطني من خلال تهيئة البيئة المناسبة لتدفق الاستثمار الصناعي للمملكة لقد كانت المدينة الصناعية في سدير حلم يتحقق اليوم بإرادة قوية وتخطيط محكم لنقل الصناعة إلى مرحلة تساهم بها بزيادة الطاقة الاستيعابية للاقتصاد السعودي وفتح آلاف الفرص الوظيفية أمام الشباب السعودي وستخدم هذه المدينة المستثمرين من كافة مناطق المملكة بل وحتى من الخارج حيث أدخلت أعلى المعايير في بنيتها التحتية وتهدف لتنويع المصانع كي تشمل صناعات تقنية متقدمة وتساهم بمواكبة الصناعة السعودية للتقدم العالمي حتى تتطور الصناعة السعودية بما يسمح لها أن تكون الرافد الحقيقي الثاني بالناتج الوطني حيث تقوم المملكة اليوم بتطوير خطوط النقل الحديثة كالسكك الحديدية لتسهيل عمليات النقل وسيمر أحدها بمدينة سدير الصناعية كما سيكون للاستفادة من الثروات الطبيعية التي بدأت عملية تحويلها إلى أن تكون رافدا ثالثا للاقتصاد الوطني من خلال الصناعات التعدينية عاملا مهما لتدفق الاستثمارات لإنشاء مصانع تحويلية للمنتجات ما قبل النهائية لكي تلبي احتياجات السوق السعودي، فالمدن الصناعية شكلت قصة نجاح حقيقية بالمملكة كالجبيل وينبع اللتين اصبحتا مركزين عالميين للصناعات البتروكيماوية بينما لعبت المدن الصناعية التي تشرف عليها هيئة المدن المكان المناسب لقيام مشاريع صغيرة ومتوسطة بجانب الكبيرة منها وتحاكي تجربة المملكة نجاح العديد من الدول التي أصبحت من اكبر الدول العالمية صناعيا كاليابان والصين وكوريا فالإمكانيات الاقتصادية للسعودية كبيرة جدا وتحمل ميزات إضافية من خلال طبيعة المجتمع الذي يشكل الشباب الشريحة الأكبر مما يعني ديمومة الطاقات المنتجة بشكل مستمر مما يشجع على زيادة حجم الاستثمار بالمملكة وهذا ما ساهم بان تكون المملكة اكبر اقتصاد عربي من حيث الناتج الوطني وحجم السوق الاستهلاكي الكبير الذي يستوعب أي زيادة بالإنتاج بل ويتطلب إدخال العديد من الصناعات لتلبية احتياجات المستهلك المحلي بخلاف إمكانية أن تنافس المصانع السعودية بالأسواق العالمية نظرا لما تتمتع به من دعم كبير والمدن الصناعية جزء رئيسي من هذا الدعم.

وبما أن منطقة الرياض المركز الحيوي للاقتصاد السعودي، حيث يقطنها قرابة ثلث سكان المملكة فان الحاجة كانت ماسة لتهيئة البيئة المناسبة لجذب الاستثمار ورغم وجود مدينتين صناعتين فيها إلا أن توسيع نطاق هذه المدن لتكون خارج مدينة الرياض فإنه سيعزز التنمية بالمناطق النائية وسيخفف من الازدحام داخل العاصمة وسيلعب دورا في تحسين دخل المواطنين القاطنين للمناطق المحيطة بالمدينة الجديدة.

انطلاقة مدينة سدير تأتي مع إقرار خطة التنمية التاسعة لتشكل تأكيدا على ما توليه الحكومة للنهوض بالصناعة السعودية والتي منها سيتحقق تحسين دخل المواطنين وتوفير فرص العمل للشباب الذي يرصد ربع الميزانية سنويا لتعليمه وتدريبه لتأتي المدن الصناعية كرافد أساسي يكمل الدور الرئيس لها في خطط التنمية.