هل سنشهد تضخم مؤشر أسعار المستهلكين أم تضخم أسعار الأصول؟ هل ينبغي أن نقلق بشأن التضخم؟ فقد بلغت الاحتياطيات الفائضة لدى المؤسسات المالية الأمريكية حالياً 1.2 تريليون دولار ولم يعلن البنك الفيدرالي حتى الآن عن استراتيجية معقولة لمنعها من دخول الاقتصاد بدفعة واحدة كبيرة. ولقد ساهم عدم الإعلان عن استراتيجية خروج معقولة لمختلف برامج الاستقرار في دفع توقعات التضخم إلى مستويات أعلى.
وفي الوقع، نحن نشك في أن ترتفع توقعات التضخم إلى مستويات أعلى مما هي عليه الآن بسبب عدم الاتساق الشديد في الطريقة التي تدار بها السياسة النقدية هذه الأيام: فالنقود المطبوعة الجديدة تكاد لا تدخل إلى الاقتصاد إلا من طريق النظام المصرفي. ويعد ذلك أحد الأسباب وراء الارتفاع الضخم في أسعار الأسهم كما أنه أحد العوامل المساهمة في استقرار أسعار المساكن في معظم البلدان. كما أن ذلك أيضاً سبب لعدم توقع حصول ارتفاع ملحوظ في مؤشرات أسعار المستهلكين في المستقبل القريب (على مدار 12-24 شهراً)، لكن بما أن عملية التوريق بدأت تشهد انتعاشاً (بطيئاً جداً) من مستويات الحضيض التي انخفضت إليها عامي 2008-2009 (5-10% من مستويات 2006-2007)، فمن المحتمل أن نبدأ برؤية زيادة في الدعم لقطاع الإسكان وحتى قطاع العقارات التجارية.
ويشهد العالم اتساعاً حاداً في الفوارق بين الدول حيث ما تزال بعض الدول تشهد انخفاضاً في أسعار المنازل (الولايات المتحدة وألمانيا واليابان انخفضت فيها الأسعار بنسبة 23% و28% و6% على الترتيب من أعلى مستويات وصلت لها سابقاً) في حين أن بعض الدول بلغت مستويات مرتفعة غير مسبوقة (النرويج، السويد، أستراليا، الصين) وبعض البلدان تشهد ارتفاعاً في الأسعار لكنها ما تزال دون المستويات المرتفعة التي بلغتها سابقاً (انخفضت الأسعار في روسيا بنسبة 33%، كما انخفضت في المملكة المتحدة بنسبة 9.1%، وانخفضت في فرنسا بنسبة 7.5%، وفي كندا بنسبة 2%). ومن المرجح أن تؤدي هذه الاختلافات الكبيرة إلى نتائج إقليمية ووطنية مختلفة جداً بالنسبة لمخصصات الخسائر إلخ. ومن الواضح أن المصارف الأمريكية في وضع حرج يتوقع معه أن تكون خسائرها ضخمة، بينما تشهد توقعات الخسائر بالنسبة للمصارف الأوروبية تحسناً بفضل الاستقرار الكبير لأسواق المساكن الأوروبية بل والتحسن في بعض حالاتها.
تحسن حقيقي للاقتصاد، لكن ببطء ثمة عوامل أخرى تظهر تحسن الوضع الاقتصادي. صحيح أن مستويات استخدام الطاقات الإنتاجية ما تزال منخفضة جداً في معظم العالم، لكنها آخذة في الصعود ببطء. كما أن معدلات البطالة توقفت عموماً عن الارتفاع بل المدهش أنها بدأت تنخفض في بعض البلدان.
ومع أن الاقتصاد العالمي يبدو في مرحلة الانتعاش، إلا أنه يجدر بنا أن نتذكر أن كثيراً من النمو الذي نشهده حالياً يعتمد على برامج الاستهلاك والتحفيز الحكومية. ولكي يكون هناك نمو حقيقي لا بد أن نشهد عودة مسؤولة لعمليات الإقراض التجاري للشركات الصغيرة والمتوسطة. ومما يدعو للأسف أن الإنفاق الحكومي الضخم يستثني هذه الأنواع من الشركات بالتحديد، وهي التي تحقق القدر الأكبر من النمو في الاقتصاد عادةً. وبما أن المصارف التي استحوذت عليها "الهيئة الاتحادية للتأمين على الودائع المصرفية" ما زالت تكلف 30% من حجم الأصول الواجب إقفالها، فإنها ما تزال متورطة بالكذب عموماً بشأن قيمة أصولها حتى أن عضو الكونجرس بارني فرانك طلب مؤخراً شطب القروض لأجل المدعومة بالرهون العقارية "HELOCs" من المستويات القريبة من القيمة الاسمية حالياً، لأن قيمتها الاقتصادية صفر في كثير من الحالات.
استمرار حالة الضعف في الإقراض المصرفي والتوريق ولذلك فإنه ليس هناك ما يدعم الآمال بعودة مباشرة وقوية لعمليات التوريق والإقراض للشركات. فثمة تسارع في هبوط مستوى الإقراض لدى المصارف الأمريكية إذ تشهد القروض غير المسددة انخفاضاً بمعدل 7.99% سنوياً من الذروة التي بلغتها عام 2008 على أن نسبة الانخفاض بلغت 14.22% حتى الآن هذه السنة. وما من أخبار سارة في هذا الخصوص.
الخبر السار الوحيد والذي ربما يكون مهماً إلى حد ما في الربعين الثاني والثالث هو احتمال حصول استجابة قوية للسياسة النقدية المرنة في أسواق المساكن. ولكن حتى مع وجود سياسة نقدية فائقة المرونة، ثمة حد أعلى لنسب السعر إلى الربحية في سوق الأسهم (وهو حد سيتم بلوغه في وقت قريب نسبياً)، لكن ورغم ضعف نمو الدخل الأسري، يمكن لنسبة السعر إلى الربحية في سوق العقارات (السعر/ الإيجار) أن ترتفع عن مستوياتها الحالية.
ونتوقع أن تؤدي التوقعات المتحسنة لأسواق المساكن إلى تعزيز استمرارية التفاؤل المفرط الملاحظ حالياً في سوق الأسهم، والذي يعود لأثر الثروة العام من جهة ولانخفاض مخصصات الخسائر في المصارف من جهة ثانية (رغم أن هذا لم يصبح بعد سبباً يبرر شراء الأوراق المالية). ويرجح أن يستمر هذا التفاؤل حتى النصف الثاني من العام حيث سيصبح أثر الأنظمة المالية الجديدة واضحاً بالنسبة للأوراق المالية (وبالتالي على توقعات الإقراض والتوريق).
تحذيران يلزم التنبه لهما يظهر مؤشر ساكسو بنك الأسبوعي لمؤشرات القوة الأساسية في الولايات المتحدة وكذلك مؤشر ساكسو بنك الشهري لدورة الأعمال العالمية ضعفاً بعد الارتدادة القوية التي شهداها على مدى 12-15 شهراً الماضية. ويعد هذا الضعف إشارة مقلقة مبنية على نتائج واسعة النطاق بصورة تدعو للانزعاج(11 دولة من أصل 13 دولة تظهر تراجعاً على مؤشر دورة الأعمال العالمي). وذلك أحد الأسباب التي تدعو للحذر والتي تجعلنا متشائمين أكثر من كوننا مجتمعين في الرأي.
من افضل ماقرأت قربا وتوصيفا للواقع ... في ظل تزييف الحقائق في وسائل الاعلام حول تحسن الاقتصاد ؟.
ومع أن الاقتصاد العالمي يبدو في مرحلة الانتعاش، إلا أنه يجدر بنا أن نتذكر أن كثيراً من النمو الذي نشهده حالياً يعتمد على برامج الاستهلاك والتحفيز الحكومية.
حتى مع وجود سياسة نقدية فائقة المرونة، ثمة حد أعلى لنسب السعر إلى الربحية في سوق الأسهم (وهو حد سيتم بلوغه في وقت قريب نسبياً)
ونتوقع أن تؤدي التوقعات المتحسنة لأسواق المساكن إلى تعزيز استمرارية التفاؤل المفرط الملاحظ حالياً في سوق الأسهم، ويرجح أن يستمر هذا التفاؤل حتى النصف الثاني من العام حيث سيصبح أثر الأنظمة المالية الجديدة واضحاً بالنسبة للأوراق المالية (وبالتالي على توقعات الإقراض والتوريق).
يظهر مؤشر ساكسو بنك الأسبوعي لمؤشرات القوة الأساسية في الولايات المتحدة وكذلك مؤشر ساكسو بنك الشهري لدورة الأعمال العالمية ضعفاً بعد الارتدادة القوية التي شهداها على مدى 12-15 شهراً الماضية. ويعد هذا الضعف إشارة مقلقة مبنية على نتائج واسعة النطاق بصورة تدعو للانزعاج(11 دولة من أصل 13 دولة تظهر تراجعاً على مؤشر دورة الأعمال العالمي). وذلك أحد الأسباب التي تدعو للحذر والتي تجعلنا متشائمين أكثر من كوننا مجتمعين في الرأي.