التقرير الأسبوعي حول السلع .. احذروا من الرضا عن الذات

21/03/2010 1
ساكسو بنك

خيم نوع من السكون على الأسواق المالية العالمية، وعلى الأخص أسواق الأسهم، في ظل انخفاض معدل التذبذب على مؤشر ستاندرد أند بورز إلى أدنى مستوى له منذ سنتين، إذ بلغ هذا المؤشر خلال شهر مايو 2008 أعلى مستوى له عند 1440 دولارا أمريكيا أعقبها عملية كبيرة من البيع المكثف في الشهور التالية.

يعد مؤشر التذبذب (VIX) مقياسا للخوف من المجهول. وخلال الفترات التي تشهد فيها الأسواق اضطرابا، يرتفع مؤشر التذبذب ارتفاعا حادا على نحو يعكس ارتفاع تكاليف التأمين (شراء حق البيع الآجل) ضد مزيد من الخسائر. وخلال فترات التفاؤل بارتفاع السوق - مثل الفترة التي نشهدها منذ عدة شهور الآن - يكون هناك خوف وحاجة أقل إلى شراء التأمين. وإذا نظرنا إلى التاريخ الحديث، يتبين لنا في حالات كثيرة أنه كلما سجل مؤشر التذبذب رقما دون 20 في المائة (الرقم الآن 16.50 في المائة)، أعقب ذلك بفترة قصيرة عملية كبيرة من البيع المكثف.

هذا الرضا عن النفس يستحق أن نضعه في اعتبارنا ونحن مقبلون على الربع الثاني من عام 2010. ففي ظل استمرار التوقعات الاقتصادية في إعطاء صورة مشرقة، لا توجد هناك إلا بضعة غيوم في الأفق، تتمثل في حالة عدم اليقين الحالية تجاه مشكلات دين اليونان السيادي واحتمال انتشارها إلى البلدان المجاورة، واحتمال ظهور فقاعة في الاقتصاد الصيني، والتكهنات حول كيفية رد فعل الأسواق على الجولة الأولى من إجراءات التضييق التي يتخذها البنك المركزي عندما تطبق فعلا.

في ظل هذه الظروف، شهدت أسواق السلع الرئيسة تعاملات هادئة مع انحراف لم يتغير بالارتفاع. كما ظل النفط الخام على مدى الأسبوعين الماضيين يتحرك صعودا بصعوبة حتى وصل سعر البرميل إلى 83 دولارا أمريكيا، وهو المستوى الذي كان من الصعب اختراقه قبل بلوغ المستوى الهام، أي مستوى 85 دولارا. وقد قررت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" الالتزام بالتخفيضات التي تم الاتفاق عليها في الإنتاج، كما أعربت عن رضاها عن المستويات الحالية، وأشارت أيضا إلى أن الطلب من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بدأ يتحسن، وإن كان ذلك بوتيرة بطيئة.

يمكن للزخم على المدى القصير أن يدفع بالأسعار إلى الارتفاع، والأرجح أنه سيفعل ذلك، ولكن هذه الخطوة ستزيد من احتمال استباق السوق للأحداث مما قد يسفر عن عملية بيع مكثف. وقد عادت مراكز المضاربة الطويلة مقدرة بعدد العقود الآجلة المفتوحة في بورصة نيويورك التجارية "نايمكس" من جديد إلى ما فوق 110000 دفعة بعد أن وصلت إلى أدنى مستوى لها عند 42000 دفعة خلال البيع المكثف الذي شهده شهر فبراير الماضي. وفي مستهل شهر يناير الماضي، وعندما كان الارتفاع الشتوي في ذروته، بلغ مركز المضاربة الطويل مستوى قياسيا عند 135000 دفعة أعقبه مباشرة بيع مكثف بمقدار 15 دولارا أمريكيا في الأسعار.

من منظور تقني، نجد أن حدوث ارتفاع فوق الذروة الأخيرة سوف يستهدف مستوى 85.60 دولارا أمريكيا للبرميل مع احتمال الوصول إلى 90 دولارا أمريكيا للبرميل، وهو ما يمثل حركة تصحيحية بنسبة 50 في المائة للبيع المكثف في 2008 من 147 إلى 33 دولارا أمريكيا للبرميل. ويمكن أن نجد الدعم عند مستوى 79 دولارا أمريكيا للبرميل و77.50 دولارا أمريكيا للبرميل.

ويواصل سعر الغاز الطبيعي تعرضه لانخفاض حاد، حيث بلغ أدنى مستوى له منذ خمسة أشهر عند 4 دولارات أمريكية للمليون وحدة حرارية بريطانية بعد أن انخفض بمقدار الثلث منذ ذروته الشتوية. وقد أدى السحب الأبطأ من المتوقع من المخزونات خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى فائض عند مستوى يزيد بنسبة 4.7 في المائة عن متوسطه خلال خمس سنوات. وتواجه السوق حاليا ضعفا في المشتقات الرئيسية مع زيادة الإنتاج نتيجة ارتفاع عدد مواقع التنقيب والإنتاج وتحسن الكفاءة. وتعمل الشركات حاليا على إيجاد طرق أرخص للإنتاج ومناطق جديدة تنتج فيها.

يدل التوقع بطقس أكثر اعتدالا خلال الأسابيع المقبلة أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تنهي شتاء هذا العام بمخزون وفير وأن إعادة بناء المخزونات سوف تبدأ من مستوى أعلى من الطبيعي. وبالنسبة لشهر التسليم القريب، شهر أبريل، نجد أن الغاز الطبيعي في بورصة نيويورك التجارية على المدى القصير لا يحظى بدعم إلا من مؤشر القوة النسبية الذي يظهر بيعا مفرطا للغاية مما يدل على أن هناك ارتدادا وشيكا. أما بأيّ سرعة سوف يواجَه هذا الارتداد ببيع جديد فهو يمثل السؤال الحاسم حاليا، علما أن المقاومة الهامة الآن هو عند مستوى 4.60 دولار أمريكي للمليون وحدة حرارية بريطانية.

أمضى الذهب الأسابيع القليلة الماضية مدعوما فوق مستوى 1100 دولار أمريكي للأوقية، ولكنه فشل في الوقت نفسه في بذل أي محاولة لبلوغ ذروته الأخيرة عند 1145 دولارا أمريكيا للأوقية. وقد بدأ مركز المضاربة الطويل في قسم كومكس من بورصة نيويورك التجارية يصعد من جديد حيث بلغ 21 مليون أوقية، مقتربا بذلك من رقم ديسمبر 2009 القياسي عند 26 مليون أوقية. ونواصل مراقبة الدولار الأمريكي للتعرف على خيوط تدلنا على التحرك التالي، ونوصي بالاستمساك بالنطاق المذكور سابقا.

أعلنت خدمة موديز للمستثمرين الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة توشكان أن تفقدا تصنيفيهما الائتمانيين (AAA). ولو حدث هذا، فإن الطلب على الأصول الصلبة مثل الذهب سوف يستمر بدعم من المخاوف بشأن مديونية معظم الدول الغربية.

شهد البلاتين ارتفاعا قويا على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث وصل سعر الأوقية إلى 1643 دولارا أمريكيا، أي بفارق شعرة لا غير عن ذروته عند 1657 دولارا أمريكيا للأوقية التي بلغها في يناير خلال نوبة الجنون التي أعقبت الإطلاق الناجح لصندوق البلاتين المتداول في البورصة في لندن. وقد جاء هذا التحرك مدفوعا في المقام الأول بالمستثمرين، مع إحجام المتعاملين الفعليين خوفا من احتمال اضطرارهم لدفع أكثر من 1600 دولار أمريكي للأوقية، وهو ما يمثل الدعم حاليا، يعقبه مستوى 1555 دولارا أمريكيا للأوقية.

أما معظم الأحداث الدرامية خلال الأسبوع الماضي فقد تكشفت في تعاملات السكر، حيث كاد السعر في مرحلة واحدة يشهد سقوطا حرا. فقد انخفض السكر الآن بنسبة 30 في المائة في 2010، ويكاد يحقق واحدا من توقعاتنا العشر المتطرفة لعام 2010، إذْ انخفض سعر عقد السكر تسليم شهر أبريل في بورصة (ICE NYBOT) في مرحلة واحدة إلى أدنى مستوى له منذ سبعة أشهر دون 18 دولارا أمريكيا قبل أن يبدأ الشراء.

بدأ السكر يشهد انخفاضا على خلفية مراجعة تقديرات الإنتاج في البرازيل والهند، وهما أكبر منتجين للسكر في العالم. ولكن المشتقات الرئيسية ما زالت تشير في اتجاه التضييق، حيث يواصل الطلب تفوقه على العرض، كما أن المخزونات العالمية تتجه نحو أدنى مستوى لها منذ 20 عاما. وسوف تحظى البيانات التي ستصدرها هيئة  تنظيم المتاجرة في السلع الآجلة مساء يوم الجمعة المقبل بمراقبة عن كثب من أجل التعرف على مقدار انخفاض مركز المضاربة الطويل. ونوصي الآن بالبحث عن الدعم لسكر مايو رقم 11 عند مستوى 17.55 دولارا أمريكيا، مع ضرورة اجتياز المقاومة عند مستوى 20.50 دولارا أمريكيا قبل أن يتسنى له معاودة الارتفاع.