هل أصبح الاحتيال ظاهرة؟

21/03/2010 3
سليمان المنديل

حب المال متأصل في النفس البشرية، وعند البعض تزيد تلك الغريزة إلى مستوى الجشع، وعند ذلك المستوى، تتولد روح النصب والاحتيال، ويبدو أنه خلال مرحلة الرخاء الاقتصادي، تقل حالات النصب والاحتيال، لأن هناك أملا بتحقيق منافع قادمة، قد تغني عن الجريمة، وتزيد تلك الحالات بشكل أكبر عند حدوث الركود الإقتصادي، أو هكذا تبدو الحال، أو ربما عند حالة الركود، يلتفت صاحب الحلال إلى حلاله بشكل أكبر، ومن ثم يكتشف حالات الاحتيال. ومن يقرأ صحفنا المحلية هذه الأيام، يلاحظ تزايد إعلانات الشركات، والأفراد، بإنهاء عمل مندوبين لها، وبذلك يخلون مسؤوليتهم من تصرفات أولئك المندوبين، وفي نفس الوقت تتناقل الأنباء المحلية أكثر من حالة نصب واحتيال، وسأورد مثالين منها:

1 – خلال الطفرة الأخيرة لإنشاء شركات الاستثمار، حصلت شركة خليجية معروفة على ترخيص لإنشاء شركة وساطة، واستشارات مالية، واستثمار، في المملكة، برأسمال قدره مائة مليون ريال، وأسست الشركة، وبعد ذلك عرضت الشركة على مستثمرين سعوديين إضافيين الدخول معها، وذلك عن طريق مضاعفة رأس المال، ودفع المستثمرون الجدد حصتهم، وكانوا ينتظرون تسجيل الشركة، بعد زيادة رأس المال، وإذا بهم يفاجأون بأن الشركة لم تقم بزيادة رأس المال، بل على العكس، فقد قام المطورون بحل الشركة الأصلية نظامياً، ورحل المطورون بأموال المساهمين الجدد!! ومازال أولئك المساهمون يحاولون استرجاع أموالهم.

2 – حالة أخرى قام فيها اقتصادي سعودي، بتكوين شركة استثمار ووساطة مالية، وفي مثل هذه الحالة، يتهافت رجال الأعمال على ذلك النوع من الشركات، ويعتبرون دعوتهم للمساهمة فيها، هو نوع من التكريم، وعادة ما يقوم المؤسس الرئيسي باختيار أعضاء مجلس الإدارة حسب هواه (كيف لا وهو صاحب الفكرة؟!)، وبعد أشهر اكتشف بعض المساهمين، من غير أعضاء مجلس الإدارة، أن المؤسس الرئيس قد صرف لنفسه ما مجموعه (4) ملايين ريال، ولم تبدأ الشركة عملها بعد، وهناك شكوك بأن الحملة الدعائية التي نفذتها الشركة، وبكلفة (3) ملايين ريال، قد تمت عن طريق شركة للمؤسس مصلحة فيها؟!! وانتهى الأمر بخسارة نصف رأس مال الشركة، وذلك بسبب سوء إدارة استثمار الأموال، والبذخ في المصروفات.

سألني أحد المساهمين في الشركة عن الحل، واقترحت عليه تجميع أصوات تعادل 5% من رأس المال، ثم يطلبون عقد اجتماع جمعية المساهمين، لغرض إثارة الموضوع، شريطة أن يتوثقوا من معلوماتهم.

هل نحن أمام ظاهرة عامة؟ أخشى ذلك، لأن التاجر الذي كان يبيع بضاعته بالآجل لعملائه المميزين، الملتزمين، نتيجة ثقته بهم، أصبح يصرّ على تحصيل القيمة كاملة، ومقدماً، بالرغم من العلاقة التاريخية الجيدة بين الطرفين، وقد لا يقدّر الكثير، التأثير الاقتصادي السلبي الكبير، فيما لو تحول المجتمع إلى مجتمع يتعامل بالنقد فقط، لأن الاستلاف، والتسليف، ضرورة لتوسيع الدورة الاقتصادية، ويؤديان إلى دوران الريال عدة مرات، وهو ما يعود بالنفع على الجميع، ولكن ذلك يشترط وجود نظام قضائي فاعل، يحمي الجميع، في حالة الاختلاف، أو النصب، أو الاحتيال.