في عالم يموج بين التفاؤل الحذر والتحديات الجسيمة، يظهر الاقتصاد العالمي مرونة ملحوظة، وإن كانت هشة، في مواجهة الصدمات المتتالية. فبينما رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 3% لعام 2025، و3.1% لعام 2026، تبقى هذه الأرقام دون المتوسط التاريخي. هذا التحسن الطفيف يعكس قدرة الاقتصاد على التكيف، لكنه لا يخفي التحديات الهيكلية والجيوسياسية التي لا يزال يرزح تحتها.
إن اتفاقيات مؤقتة، كتلك التي أبرمت بين الولايات المتحدة والصين لخفض التعريفات الجمركية، ساهمت في إنعاش التجارة العالمية بشكل محدود، مما يظهر فعالية الدبلوماسية الاقتصادية في تهدئة الأسواق. ومع ذلك، تظل هذه الحلول قاصرة عن معالجة المشكلات الجذرية. كما أن تراجع الدولار الأمريكي دعم الاقتصادات الناشئة، ومنحها هامشاً أوسع للتيسير النقدي، إلا أن هذا الدعم لا يمثل حلاً شاملاً.
في المقابل، لا تزال التحديات الهيكلية تلقي بظلالها على النمو. فالأزمة العقارية في الصين، والتوترات الجيوسياسية، وانخفاض الإنتاجية في الاقتصادات المتقدمة، كلها عوامل تحد من إمكانات النمو. إضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع مستويات الدين العام والعجز المالي في العديد من الدول يضع قيوداً على قدرتها على المناورة.
وعلى الرغم من توقعات صندوق النقد الدولي بنمو اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 3.2% في 2025، مدفوعاً بتحسن صادرات النفط والإصلاحات الاقتصادية، إلا أن هذا النمو لا يمثل انتعاشاً حقيقياً، بل استقراراً مؤقتاً.
ختاماً، يجسد رفع صندوق النقد الدولي لتوقعاته قدرة الاقتصاد العالمي على الصمود، لكنه يسلط الضوء أيضاً على هشاشته. فالمرونة التي أظهرتها بعض الاقتصادات غير كافية لمواجهة التحديات الهيكلية. إن استعادة النمو التاريخي تتطلب تعاوناً دولياً وإصلاحات جريئة، بعيداً عن الحلول المؤقتة، لأن الاقتصاد العالمي، كما يصفه المحللون، "يسير على حبل مشدود".