اختلاف مجالس الإدارة من دولة لأخرى (احادية او ثنائية)

06/05/2025 1
محمد الغملاس

في ظل تزايد الطلب على مزيد من الإشراف والرقابة لحقوق المساهمين في الشركات المساهمة في السنوات الاخيرة، تعد حوكمة المجالس إحدى آليات تحقيق الأهداف وجزءا لا يتجزأ من حوكمة الشركات ومع ذلك لم تحظى قضايا مجالس الإدارة باهتمام كاف في الطرح ورفع درجة الوعي بها، حيث يشكل مجلس الإدارة مركز صنع القرارات والسلطة العليا الإشرافية على الشركة والعقل المدبر خلف نجاح أو فشل سير العمل وفي نفس الوقت هي الجهة المسؤولة عن المساءلة من قبل المساهمين في الجمعية التي انتخبت اعضاء المجلس وقد يسبقها عدد من الخطوات منها فتح باب الترشح لعضوية المجلس من قبل المساهمين او غيرهم.

 لذا يعمل أعضاء مجلس الإدارة كممثلين للمساهمين في الشركة ومستجيبين لمصالحهم، وقد حدد نظام الشركات السعودي الركائز الاساسية لحوكمة المجلس مند صدوره قبل ما يقارب ستون عاما بإلزامية وجود مجلس إدارة إلا انه لم يقيده بنطاق ضيق بل أعطى المجلس أوسع الصلاحيات مع ضبطها وفق النظام الأساسي لكل شركة بما يحكم العلاقة بين المساهمين، مجلس الإدارة، الإدارة التنفيذية وأصحاب المصلحة، كما حدد حد أدنى من الأعضاء لا يقل عن ثلاثة ولم يحدد حد أعلى لعدد الأعضاء في المجلس في نظام الشركات الحديث حيث ترك الأمر الي حجم الشركة وطبيعة نشاطها ونظامها الأساسي في اضافة بعض الخصائص والضوابط لتكوين المجلس على مستوى الشركة بما لا يتعارض مع لائحة الحوكمة للشركات المساهمة كما حدد النظام مدة زمنية لعضوية المجلس لا تتجاوز اربع سنوات مع أحقية المساهم في الرقابة على مجلس الإدارة من خلال الجمعية العامة أو طلب التفتيش على الشركة وفق ضوابط محددة.

 وقد اختلفت بعض الدول في تكوين هيكل مجالس الإدارة للشركة إما من خلال مستوى وأحد فقط ( هيكل احادي مجلس واحد) او مستويين ( هيكل ثنائي مجلسين) ففي دول مثل ألمانيا وهولندا، السويد، فنلندا والصين فيتكون هيكل المجلس في الشركة من مستويين مجلس إشرافي ومجلس تنفيذي ويسمى ذلك بالنموذج الألماني، وفي المملكة العربية السعودية، بريطانيا، إيطاليا، اليابان، فرنسا، استراليا وأمريكا وغيرها من الدول فيتكون هيكل المجلس من مستوى واحد فقط ويسمى ذلك بالنموذج الأنجلو الأمريكي ، ويعزى تأثر حوكمة الشركات الدولية ببعض الممارسات في ألمانيا مثل مفهوم الأعضاء المستقلين في مجلس الادارة كما يعد هيكل مجلس الادارة في ألمانيا مرجعا في نظام الشركات ذي المستويين.

ففي مجلس الادارة ذي المستوى الواحد يشكل أعضاء مجلس الادارة الجانب الاشرافي والتوجيهي في مكان وأحد ويضم أعضاء تنفيذيين، غير تنفيذيين ومستقلين، أما في مجلس الإدارة ذي المستويين فهو نموذج يقسم حوكمة الشركة الي مجلسين منفصلين مجلس الإشراف ومجلس الإدارة لكل منهما مسؤوليات محددة مع تداخل محدود لضمان عملهم بتناغم فيتم الفصل بين الجانب الاشرافي والجانب التنفيذي والوضع المالي فيقوم المجلس الاشرافي المكون من أعضاء غير تنفيذيين سواء مساهمين أو ممثلين للموظفين بالإشراف كجهة مستقلة على أعمال المجلس التنفيذي والاستراتيجية طويلة المدى وسمعة الشركة ويقيّم أعمال مجلس الإدارة ومراجعة دورية لقرارات مجلس الإدارة التنفيذي كما يقدم لهم المشورة بدون تدخل في الإدارة لكنة يتمتع بصلاحية نقض أي قرار يتخذه المجلس التنفيذي. 

لذا يعد نموذج الحوكمة الاحادي ذو المستوى الواحد أكثر انتشار على مستوى العالم وأكثر مرونة في الإدارة وقد يعيب هذا النموذج صنع ومراقبة القرارات في مكان واحد والتفكير الجماعي والذي تم مناقشته بشكل مستقل سابقا تحت عنوان (التفكير الجماعي في مجلس الادارة) ويتميز بالسهولة والتوافق والسرعة باتخاذ القرار بشكل أكبر من نموذج الحوكمة الثنائي للمجلس والذي يتميز بالجانب الاشرافي على اعمال المجلس ويعيب علية طول الوقت، التكلفة واحتمالية حدوث مشاكل في التواصل بين المجلسين. 

ختاما يعتمد الاختيار بين هياكل مجالس الإدارة إما احادي أو ثنائي على العديد من العوامل منها حجم الشركة وثقافة الدولة وبيئتها التنظيمية وكما تم الاشارة اليه لكل منهما مزايا وعيوب ويعتمد نجاح وفعالية اي منهما بشكل كبير على مدى نجاح تطبيقه وكما تسعى المملكة دوماً نحو الاستقلال بما يتناسب مع بيئتها بدلا من التركيز على تبني أي نظرية مطبقة في دولة أخرى. 

 

 

خاص_الفابيتا