أصبحت دراسات الجدوى الاقتصادية ثقافة سائدة عند مجتمع المبتدئين في مجال الأعمال عند تأسيسهم لمشاريعهم بغض النظر عن حجمها، لكن ذلك لا يعني ان كل دراسة هي دقيقة وواقعية، فمازال نشاط تلك الدراسات في بداياته عملياً تحديداً ما يتعلق بخدمة المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر، ولذلك اسباب عديدة، منها: البحث عن دراسات بتكاليف رخيصة جداً مما يعني أنها ستبنى على بيانات غير دقيقة فالدراسات التي تقوم بها مكاتب مهنية ضخمة مكلفة لانها تنفذ من فريق متخصص يستطيع جمع بيانات ومعلومات من السوق، وليس فقط من الاحصاءات العامة، وبذلك فإن أي دراسة لا تنفذ بطريقة مهنية عالية تبقى قاصرة عن فهم مجريات السوق ومساعدة المنشاة على النجاح فقد تساعدهم في اكمال المتطلبات لجهات تمويلية لكنها لن تغطي بقية اسس الالمام بواقع السوق الا ان العديد من رواد الاعمال عندما يبدأون مشاريعهم يواجهون فشلاً كبيراً لاسباب من صنع ايديهم.
فأكبر خلل يواجهونه ليس المتعلق بجودة دراسة الجدوى الاقتصادية بل في التخطيط المالي المدروس للمشروع، والعامل المهم أيضاً وهو محور المقال المتعلق بخطة التسويق والعملاء الذين تستهدفهم بخدماتك او منتجاتك فكثيراً ما نسمع من بعضهم أن لديهم قاعدة عملاء مضمونة وهم معارفه من الأقارب والأصدقاء والزملاء معتقداً أنهم سيبادرون لدعمه بالتعامل معه فوراً وتنشيط حركة البيع لديه والدعاية أيضاً ثم بعد أن يبدأ نشاطه ويوجه لهم دعوات لزيارة موقعه أو لإبلاغهم بأنه بدأ نشاطه رسمياً بأن أحداً منهم لم يأت ليكون عميلاً له وأغلبهم بالكاد يزوره في المنشآة ثم يختفي مما يشعره بأن كل خطته لمشروعه كانت فاشلة، ويلقي باللوم احياناً على معارفه بأنهم خذلوه، وفي الحقيقة هو لم يخطط للتسويق بشكل جيد بحيث يستهدف جذب الزبائن من مختلف الشرائح عبر الطرق التسويقية الحديثة وفعلياً هو وقع في خديعة « الوهم الإجتماعي» التي صنعها بداخله واعتبرها أحد ركائز النجاح.
فحتى لو كان بعضهم عميلاً لك واشترى منك فإن الاستمرارية في العمل لسنوات لن تعتمد على شريحة بسيطة قد تحتاج لمنتجك او خدمتك مرة واحدة فقط، فالسوق تنافسيتها عالية ومن يستمر هو من يعرف احتياجات المستهلكين ويجعل منهم شركاء في قصة نجاح مننجه، وان لا ينظر الى شريحة بسيطة ليستهدفها؛ فالمشروع الذي تؤسسه ليس مناسبة تدعو لها معارفك بل هو يستهدف كل من يحتاج لهذا المنتج أو الخدمة داخل وخارج مدينتك، فبعض رواد الاعمال يذهب لأبعد من ذلك في توفير التمويل لمشروعه اذ يطلب من بعض معارفة ان يقرضوه ويتفاجأ باعتذار أغلبهم إما لأسباب وجيهة او لعدم رغبتهم في مساعدته، فمنهم من يتمارض فجأة او يفلس بدون سابق إنذار او لأي عذر يستطيعون من خلاله التهرب منه فتكون صدمته أكبر في محيطه الاجتماعي بالدائرة الصغيرة.
رواد الاعمال المبتدئون تحديداً وبعض من هم في منتصف الطريق عليهم التخلص من فكرة الوهم الاجتماعي واعتماد معايير وأسسا مهنية وواقعية في التسويق والتمويل والادارة المالية الصحيحة لمشاريعهم، وأن لا يسمحوا للعاطفة بالتسلل لافكارهم وخططهم لمشاريعهم حتى تستمر وتنجح وتنمو.
نقلا عن الجزيرة
جزاك الله خير على التنبيه وتحديد جزء من مشكلة رواد الاعمال، ولو ركز الكثير منهم على الجودة والاختلاف في التفكير وطريقة تقديم وتسويق المنتج وصبر على ذلك لحقق انجازاً مميزاً في بداية عمله، ولكن غالبية رواد الاعمال يتكلفون تكاليف باهضة في بداية مشاريعهم ولا يوجد لديه شئ مختلف يقدمه عن الذي سبقوه في السوق والجزء الاكبر من نظريته ان هذا المجال مربح فلم لا أفتح مثلهم والبعض الاخر يعتقد انه سوف يقدم ما لم يقدمه الباقون بينما لا يوجد لديه ابتكار في منتجه، والاهم من جميع ما سبق هو البعض يعتمد في بداية تجارته على العمالة الاجنبية ويتصدر بها المشهد بينما كبار التجار كافحوا في البداية بمفردهم او مع بعض معارفهم او اقاربهم حتى اتقنوا المهنة ثم استعانوا ببعض العمالة الاجنبية لتساعدهم في تحقيق بيع أكثر من غير اتكال عليهم مع الحرص على تواجدهم بالقرب منهم والتفرغ لتحسين المنتج المباع وزيادة جودته