أعلنت هيئة السوق المالية عن إدانة عدد من منسوبي الشركة السعودية للصادرات الصناعية "الشركة"، من بينهم (رئيس مجلس إدارة)، و(عدد من أعضاء مجلس إدارة)، و(رئيس تنفيذي)، و(رئيس لجنة مراجعة)، و(أعضاء لجنة مراجعة)، و(مدير مالي)، و(مدير مراجعة لدى مراجع خارجي) و(مراجع خارجي)، وقد ذكرهم إعلان الهيئة بالاسم والصفة، وذلك لثبوت تسجيل بيانات مضللة في القوائم المالية، لتضخيم إيرادات "الشركة"، من خلال الاعتراف بالإيراد دون استيفاء شروطه، وفقاً لمعايير المحاسبة والمراجعة المعتمدة من الهيئة السعودية للمراجعين والمحاسبين، وعلى الرغم من أن مشكلة الاعتراف بالإيراد تعد إحدى أكثر المشكلات المحاسبية شيوعا، وأكثر الأساليب التي يتم فيها الاحتيال، وندرب الطلاب في أقسام المحاسبة وخاصة في مادة المراجعة على التأكد من سلامة تسجيل الإيرادات، وهي مع شيوعها فهي سهلة الاكتشاف، نظرا لتشدد المعايير في ذلك، فوفقًا لمعايير التقارير المالية الدولية (IFRS)، يجب التأكد من الأمور التالية قبل إثبات الإيرادات وهي: (أولا) أن مخاطر الملكية والعوائد منها قد انتقلت من البائع إلى المشتري. (ثانيا) أن البائع فقد السيطرة على البضائع المبيعة فلم تعد تحت تحكمه قانونا، (ثالثا) أن البائع قد ضمن تحصيل قيمة البضائع أو الخدمات، (رابعا) أنه يمكن قياس قيمة مبلغ الإيرادات بشكل معقول، (خامسا) أنه يمكن قياس تكاليف الإيرادات بشكل معقول.
من الواضح أن التأكد من استيفاء كل صفقة لهذه الشروط أمر يصعب اكتشافه من قبل أطراف خارجية، فهي معلومات داخلية بحتة، والعقود سرية تماما. ولأن مثل هذه القرارات خطيرة وتؤثر في المركز المالي للشركة فتسجيل إيرادات لم تسوف الشروط يعني أن صفقة البيع لم تستكمل وقد يتراجع المشتري في أي وقت أو لا يقوم بالسداد، لهذا أقرت كل الأنظمة في العالم تعيين المراجع الخارجي المستقل للتأكد من التزام الشركات بالشروط، خاصة السرية منها، لكن ماذا لو أن المراجع الخارجي نفسه قد تواطأ مع الشركة وقبل منها تسجيل صفقة غير مستوفية الشروط، السؤال الكبير الآن من يكتشف ذلك؟ فالحقيقة أنه لا يمكن اكتشاف المشكلة أبدا ما لم تحدث خسائر فادحة في فترة لاحقة بسبب تراجع العملاء فعلا عن الدفع، أو أن يتم تغيير المراجع الخارجي.
ما حدث في شركة الصادرات أنه تم تغيير المراجع الخارجي في الربع الثاني من 2020، وقد تلاحظ أن الربع الأول من نفس العام كان التقرير باسم المراجع الخارجي الذي شارك في الإثبات غير الصحيح للإيرادات، ولم يقدم المراجع الخارجي أي لفت انتباه فيه، بينما في الربع الثالث وهو الربع الذي جاء في إعلان هيئة السوق المالية (حيث لم تتم معالجتها إلا في القوائم المالية الأولية المنتهية في 30/09/2020م) قدم المراجع الجديد 4 قضايا تم لفت الانتباه إليها، من بينها الانتباه إلى الإيضاح رقم 15 حول القوائم المالية.
وعند العودة إلى الإيضاح المذكور ورد ما يلي: "قامت الشركة بواسطة الرئيس التنفيذي السابق بالاتفاق على صفقة لبيع 35 ألف طن من الكبريت الخام حسب أمر الشراء أـ من العميل، وعليه تم التواصل مع المورد وإرسال فاتورة أولية للكمية المطلوبة وتم إصدار فاتورة مبيعات وإثبات الإيراد خلال ديسمبر لعام 2019، وقبل إصدار هذه القوائم المالية، تم استلام خطاب من العميل مؤرخ بتاريخ 1/9/2020 يفيد بعدم استلامه الكمية، ومعتبرا الصفقة ملغاة، وبناء عليه تم عكس المبيعات والتكلفة المتعلقة بها إضافة إلى إلغاء ذمة العميل ومخصص الانخفاض الذي يخصها، والمكون خلال الربع الثاني لعام 2020، وأوصت لجنة المراجعة إلى مجلس الإدارة بالموافقة على عكس المعاملة وتشكيل لجنة للتحقق من إجراءات الصفقة ومن وجود تلاعب أو عدمه واتخاذ اللازم.
وقام مجلس الإدارة بتشكيل لجنة داخلية مستقلة عن الإدارة التنفيذية لمباشرة تنفيذ توصيات لجنة المراجعة. لقد كان واضحا جدا أن العملية إنما تمت فقط لإثبات إيرادات غير حقيقية في 2019، لكن تغيير المراجع الجديد تسبب في اكتشاف هذه العملية.
وأود هنا الإشارة إلى تمسك المراجع الجديد برأيه، حيث صدر إعلان الشركة في شأن امتناع المراجع الخارجي من إبداء الرأي في القوائم المالية لعام 2020، الذي جاء فيه أنه "بسبب امتناع المراجع الخارجي من إبداء رأيه في النتائج المالية السنوية المنتهية، فقد قامت الشركة بتعيين مراجع عدلي (يعني المحاسب القضائي)، لرصد وحصر التجاوزات الإدارية والمالية للإدارة التنفيذية السابقة، وأحد مكاتب المراجعة الخارجية السابقة، وتم رفع تقارير بالتجاوزات إلى الجهات المختصة لاستكمال جميع الإجراءات النظامية"، هكذا تم اكتشاف العملية.
نقلا عن الاقتصادية
مما هو مذكور في المقال غير واضح لي إنها عملية تضليل، نعم خطأ، لكن هل هو تضليل؟