خلال فترة توحيد البلاد بين العقدين الثالث والخامس الهجري من القرن الماضي، كان يطلق على الدائرة المالية المسؤولة عن موارد ونفقاتها الدولة أو الأمارة اسم بيت المال، وهو اسم استعمل في الممالك الإسلامية على مر العصور. وأسلوب العمل في بيوت المال كان سائرا على الطرائق القديمة المتوارثة، على أثر دخول مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة في الحكم السعودي، في النصف الأول من العقد الخامس من القرن الهجري الماضي، عهد الملك عبدالعزيز إلى الشريف شرف رضا في 1344هـ مسؤولية إدارة المالية العامة. كانت هذه الخطوة مؤقتة، بالنظر إلى تكوين هيئة أو لجنة تأسيسية. وضعت هذه اللجنة أسس إنشاء بنية أكثر تطورا للمالية العامة، وترتبط بالنائب العام، ومهمتها إدارة واردات ومصاريف الحكومة. وفي أواسط القرن الماضي، سمّيت مديرية المالية العامة وتتكون من أمانات الأموال للملحقات، ومأموريات المحاسبة للدوائر ذات الواردات، وإدارة الجمارك، وأسندت إدارتها إلى عبدالله السليمان.
في وسط ذلك العقد غير الاسم إلى "وكالة المالية العامة"، وأصبح لقب القائم عليها وكيل المالية العامة، وهو المدير نفسه سابقا عبدالله السليمان، وكان مرتبطا بالنائب العام رئيس مجلس الوكلاء، الأمير فيصل. كان من أعمال الوكالة آنئذ تأسيس مجلس مالي قام بوضع نظام أساسي للمالية ونظام داخلي لسير عمل الموظفين، كما تم وضع نظام الجمارك ونظام البندرول الذي يعنى بمراقبة وضع اللفائف على المواد التي تحتاج بيعها إلى ترخيص خاص.
وقتها أي في أواسط القرن الهجري الماضي كان العالم يعيش في أزمة اقتصادية التي عرفت بالكساد الكبير، ونقص عدد الحجاج نقصا كبيرا. وقد كان موسم الحج ورسومه تشكل مصدرا أساسيا للدخل القومي ولإيرادات الحكومة، هذه الأزمة جعلت المالية تقع تحت عبء ثقيل، ما دفع إلى تأسيس إدارة جديدة سميت "الصندوق العمومي"، حصرت فيه كل الموارد والنفقات، وأسند إليه الإشراف على صرف الأبواب المختلفة بموجب النظام، وكل ذلك زيادة في قدر التنظيم والرقابة على واردات ومصروفات الحكومة.
زيادة على ما سبق استدعت الحكومة مختصا هولنديا، خلال تلك الأزمة (في 1351 الموافق 1932هـ) للنظر في الأوضاع المالية، ومساعدة وكالة المالية العامة على تنظيم الوضع المالي. وفي العام نفسه صدر أمر ملكي بجعل الوكالة وزارة، وصدر نظام لهذه الوزارة الجديدة، في العام نفسه أيضا. وقد حدد النظام مركز الوزارة وشعبها وصلاحيات الوزير ووكيله واختصاصات الشعب، وفروع الوزارة، وتعليمات المزايدات العلنية، وتعليمات كثيرة ومتنوعة أخرى، في أمور لم يعد أكثرها من اختصاص الوزارة المباشر في الوقت الحاضر. وكان عبدالله السليمان أول وزير لها، لتصبح بذلك ثاني وزارة تنشأ.
المحاولة الأولى لوضع ميزانية كانت في مطلع عام 1348، ولكن الميزانية الثابتة تقررت عام 1353، وقد فصلت فيها أبواب الإيرادات والنفقات الحكومية. أما أول ميزانية منشورة في أم القرى فهي الميزانية التي نشرت في العدد 370 بتاريخ 7 رمضان 1350 الموافق 5 يناير 1932م، التي تتناول المدة من غرة شعبان 1350 إلى نهاية رجب 1351. بلغت النفقات المقدرة في هذه الميزانية 106.5 مليون قرش أميري، أو ما يعادل 9.7 مليون ريال عربي فضي أو 10 ملايين دولار. وأهم مصادر الإيرادات الحكومية قبل عصر النفط هي الجمارك والزكاة والبريد والبرق والضرائب المقررة على شركات الملاحة ووسائط الانتقال والرسوم على بعض الخدمات الحكومية. أما بعد ظهور النفط وتصديره بكميات كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية فقد زادت الإيرادات وكذلك النفقات زيادة حادة.
نقلا عن الاقتصادية