حدث ذات مرة في مترو الرياض

05/12/2024 0
م. سطام بن عبدالله ال سعد

بالأمس، بدأت يومي برحلة مختلفة، مليئة بالتنظيم والجمال، بعيدة كل البعد عن أعباء الماضي. لم يعد الخروج إلى العمل عبئًا كما كان في السابق، حيث كانت الزحام الخانق، البحث عن موقف للسيارة، والتوتر ملازمين لي. لكن بفضل مترو الرياض، أصبح التنقل تجربة ممتعة تُعيد تشكيل يومي بروح جديدة, غادرت منزلي باكرًا، مستمتعًا بنسيم صباح شتوي ينعش الأجواء. وبعد دقائق قليلة من السير على الأقدام، وصلت إلى محطة المترو. شد انتباهي تصميمها البديع الذي يجمع بين العصرية ولمسات التراث السعودي الأصيل. وعند دخولي، استقبلتني المحطة بنظافتها اللامعة ونظامها الذي يعكس دقة التخطيط، وشعرت وكأنني أخطو نحو عالم مستقبلي.

صعدت إلى القطار، ووجدت نفسي في بيئة هادئة ومنظمة. المقاعد المريحة، الإضاءة الخافتة، والمساحات الرحبة منحتني شعورًا بالسكينة. استغللت الرحلة في قراءة كتاب بدأته منذ فترة، واستغرقت في كلماته بينما انساب الوقت من بين يدي دون أن أشعر، من نافذة القطار، رحت أراقب الرياض وهي تتغير أمامي؛ من أحياء سكنية هادئة إلى قلب المدينة النابض بالحياة. المباني الشاهقة والمشاريع الحديثة مرت أمام عيني كلوحة متحركة تعكس جمال التحول الحضري للعاصمة، عندما توقف القطار في محطتي، وجدت نفسي على بعد خطوات قليلة من مكتبي. لم أعد أصل مرهقًا كما كنت في الماضي؛ بل بطاقة متجددة ومزاج إيجابي، بفضل تلك الرحلة التي كانت أشبه بفاصل هادئ بين صخب الحياة والعمل.

مع نهاية يوم العمل، بدأت رحلة العودة إلى المنزل. دخول محطة المترو كان بمثابة استراحة قصيرة من ضجيج المدينة. الجو المكيف، والتصميم الفني للمحطات، والألوان الجميلة أعادت لي طاقتي، داخل القطار، كنت محاطًا بركاب يشاركونني هذه التجربة الحضارية. البعض انشغل بأجهزتهم، والبعض يهمس بالحديث مع الآخر، أو مراقبة المشهد الخارجي. الجو كان هادئًا، رغم الحركة المستمرة، في لحظة صامتة، التقت أنظارنا كغرباء يجمعنا طريق واحد، شعرت حينها بأننا جميعًا جزء من لوحة يومية تعكس نبض الرياض الجديد. ومع غروب الشمس، أشرقت أضواء المدينة على المباني، وكأن الرياض تتزين لتودع يومًا آخر.

مع وصولي إلى محطتي الأخيرة، شعرت بامتنان لهذه الوسيلة التي لم تُغير فقط طريقتي في التنقل، إنّما أضافت متعة لتفاصيل يومي. أصبحت الرحلة اليومية تجربة مريحة تجمع بين الراحة والتنظيم وجمال الاكتشاف، مترو الرياض بات نافذة مشرقة على مدينة تتغير للأفضل. فقد كانت رحلتي بالأمس تذكرة بأن الرياض مكان يحمل في طياته حكاية حضارية أعيش تفاصيلها كل يوم.

 

 

خاص_الفابيتا