الجدوى الاقتصادية تحفز الحكومة على الاستمرار في الميزانية التوسعية

01/12/2024 0
حسين بن حمد الرقيب

ميزانية السعودية 2025 تحمل كثيراً من التفاؤل والأمل بمستقبل واعد للاقتصاد السعودي، تغيرت النظرة في رؤية المملكة 2030 من حالة عدم اليقين عند إطلاقها إلى حالة من الثقة العالية في تحقيق أعلى من الأهداف التي خُطط لها، -ولله الحمد- حافظت المملكة على مركزها المالي القوي واستمرت في تنفيذ مشاريعها وأسهمت الرؤية في تجنيب الاقتصاد السعودي تبعات كثيراً من المتغيرات الاقتصادية والأحداث الجيوسياسية والصراعات الإقليمية، وتجاوزت المملكة كثيراً من الدول في أداء مؤشر مديري المشتريات خلال عام 2024 وذلك عند 56.0 نقطة، الأنشطة غير النفطية حققت حتى الربع الثالث نمواً بنسبة 4.2 %، وهو ما يعكس نجاح خطط التنويع الاقتصادي، وأصبحت الأنشطة غير النفطية تمثل حوالي 52 % من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، وبفضل الله تراجع معدل البطالة بين السعوديين إلى أدنى مستوى تاريخي له، ليصل إلى 7.1 % بنهاية الربع الثاني من العام 2024 وتم تعديل الهدف إلى 5 % بدلاً من 7 % علماً بأن نسبة البطالة بين السكان من هي الأقل على مستوى دول مجموعة العشرين.

وتشير التقديرات إلى أن إجمالي الإيرادات في العام 2025 سيبلغ حوالي 1,184 مليار ريال بانخفاض بنسبة 3.7 % عن المُتوقع تحقيقه في العام 2024 وهذه التقديرات متحفظة، أما النفقات فقد قدرتها الحكومة بحوالي 1,184 مليار ريال بعجز قدرة 101 مليار ريال وهذا السيناريو الأساسي وهنالك سيناريو أعلى يقدر العجز عند 50 مليار ريال مع زيادة في الإيرادات والنفقات، أما السيناريو الأقل فيقدر العجز 160 مليار ريال عند تراجع الإيرادات ولكنه حافظ على مستوى النفقات عند المخطط لها في السيناريو الأساسي، وبذلك تستمر الحكومة في سياسة الميزانية التوسعية والعجز الاختياري بعد أن نجحت هذه السياسة خلال السنوات الماضية في تحفيز الاقتصاد وخلق فرص استثمارية جيدة وتوليد المزيد من الفرص الوظيفية.

وترى الحكومة أن سياسية العجز الاختياري سوف تستمر طالما أن العائد الاقتصادي الذي ينتج من الدين أعلى من تكلفة الدين، وتشير الإحصاءات بأن المصارف تستثمر حوالي 580 مليار ريال في إصدارات الدين الحكومية من الصكوك والسندات حتى نهاية شهر أكتوبر الماضي وهذه الإصدارات تحقيق ميزة نسبية للبنوك، فهي لا تدخل ضمن الوعاء الزكوي حسب قرار وزاري يقضي بوضع ضوابط لتحمل الدولة للزكاة وضريبة الدخل المترتبة على الاستثمار في الصكوك والسندات الحكومية، كما أنها تعتبر من الأصول السائلة التي يمكن تداولها عند حاجة البنوك الى سداد التزاماتها المستحقة، أيضاً تُعامل السندات الحكومية ضمن الأصول المرجحة للمخاطر عند صفر مخاطر ولذلك تسهم في رفع مستوى معدل كفاية رأس المال حسب معايير بازل 3 إضافة الى الحصول على عوائد ثابتة ومستدامة لا تتأثر بالمتغيرات الاقتصادية.

الإنفاق التوسعي على المدى المتوسط سوف يتم توجيهه الى المشاريع الكبرى التي يتوقع أن تحقق نقلة نوعية في الإيرادات غير النفطية وجذب استثمارات كبيرة للمملكة خلال السنوات القادمة، كذلك سيتم الإنفاق على تنفيذ الاستراتيجية القطاعية والمناطقية والتي تتكون من 5 قطاعات، الأول: القطاع الصناعي والذي يعول عليه بناء صناعة متقدمة منافسة ذات جودة عالية ولها دور في تعزيز ميزان المدفوعات وزيادة الصادرات وتمكين المحتوى المحلي الذي يخلق حراكا اقتصاديا كبيرا وتوليد مستدام للوظائف وتقليل الاعتماد على الواردات وضمان توفر سلاسل الإمداد والقدرة على التكيف مع المتطلبات والاحتياجات السوقية، الثاني: السياحة والتي تعتير من أهم المصادر التي تدعم الاقتصاد.

 وقد نجحت المملكة خلال السنوات الماضية في تمكين السياحة وزيادة أعداد السياح بما في ذلك السياحة الدينية (الحج والعمرة)، وكان بند السفر في ميزان المدفوعات يحقق عجزاً حتى عام 2022، حيث تحول العجز الى فائض بحوالي 35 مليار ريال وفي عام 2023 ارتفع الفائض إلى 46 مليار ريال، وبلغ إنفاق الزائرين من الخارج حوالي 135 مليار ريال، أما النصف الأول من هذا العام فقد بلغ فائض ميزان المدفوعات حوالي 42 مليار ريال وهذا يؤشر إلى استمرار نمو ميزان المدفوعات لتحقيق أرقام تاريخية جديدة في نهاية العام الحالي.

إنفاق الزائرين للمملكة من الخارج في النصف الأول فقط بلغ 95 مليار ريال، الثالث: قطاع النقل والخدمات اللوجستية وبعد إعلان الميزانية تم افتتاح أهم المشاريع في تاريخ المملكة وهو مترو الرياض والذي بدأ التشغيل الفعلي اليوم الأحد 1 ديسمبر 2024 وما زالت استراتيجية النقل تحقق أهدافها من أجل توفير وسائل نقل متطورة ومناطق لوجستية عالمية لجعل المملكة من أهم الدول في هذا المجال، الرابع: الطاقة لتوفير مزيج من الطاقة التقليدية والمتجددة والغاز في الاستخدامات الصناعية الأقل كلفة وتلوث بيئي والاستثمار في تقنيات تحلية المياه وتقليل التكلفة، الخامس: الصناعات العسكرية والتي تهدف الى توطين الصناعة وقد نجحت الاستراتيجية في توطين بلغت نسبته 13.7 % بنهاية العام 2022 بينما تستهدف المملكة الوصول إلى نسبة توطين ما يزيد على 50 % من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية بحلول العام 2030، وهو ما يعزز توفير المعدات العسكرية وخلق اقتصاد عسكري قوي.

 

 

نقلا عن الرياض