ضرورة المراجعة

12/11/2024 0
علي المزيد

بدايات الشركات المساهمة السعودية كانت بدايات أملتها الضرورة والمنافسة وليس الاقتصاد؛ لذلك نجد أن الأمر اتجه نحو تأسيس شركات الكهرباء في كل منطقة، والكهرباء ضرورة ملحة، ومع ذلك فقد تدخل التنافس المناطقي في هذا التأسيس، فحينما أسس أهل جدة شركات كهرباء، تنادى تجار مكة لتأسيس شركة كهرباء ويدفعهم في ذلك أمران ضرورة الكهرباء للحياة، وحتى ينافسوا أهل جدة، ومثلهم أهل بلدة شقراء، فحينما أنار أهل بلدة القصب بلدتهم تنادى أهل شقراء لإنارة بلدتهم، ودافعهم التنافس، وكان المجتمع السعودي في بداية التحول من مجتمع الريف والبادية، لذلك كان لا يثق بهذا النوع من الشركات، وأقصد الشركات المساهمة، لذلك تبنت الحكومة السعودية خلق كيانات لتقديم الخدمة؛ مثل مصلحة المياه، وهيئة خاصة للصرف الصحي، وبدأ التطور في السعودية، فأنشأت الحكومة السعودية شركة «سابك» بتمويل خاص منها؛ لمعرفتها أن الناس لن يقدموا على المساهمة بها، ولكن بعد أن اشتد عود «سابك» وبدأت تربح، طرحت الحكومة 30 في المائة من الشركة للاكتتاب، وكان ذلك عام 1978، ثم اشتغلت الحكومة بصفتها ضامنَ اكتتاب، وبدأت تغطي اكتتاب كل شركة لا يغطيها الجمهور، ومن أمثلة ذلك تغطية الحكومة اكتتاب «شركة الجوف الزراعية»، حيث لم تُغَطَّ من الجمهور.

ما قصدت أن أقوله، إن مَن يعرف تجارة الأسهم والاكتتابات في السعودية فئة قليلة من التجار، وشيئاً فشيئاً بدأت تنمو هذه التجارة، ولكن على استحياء، لتنطلق من مكاتب العقار التي تحوَّلت لمكاتب أسهم، وقد كان التداول وحسب معاصرتي له يتم عشوائياً ودون أسس علمية، إلا من فئة قليلة جداً، وطبيعي أن تمر السوق بمرحلة ارتفاع وهبوط، وحينما هبطت السوق وعى المتداولون أهمية أسهم العوائد، بمعنى أنهم تعلموا درساً جديداً، ثم بدأ المتعلمون منهم يبحثون حتى عرفوا كيفية التعامل مع السوق وفق قواعد أسواق الأسهم.

كل ما ذكرت كان قبل إنشاء هيئة سوق المال السعودية، لذلك تعلَّم متداولو سوق الأسهم السعودية من التجربة والخطأ، وهي أولى درجات التعلم، طبعاً بعد ذلك تطور وعي المتعاملين وأصبحت ثقافتهم عالية في كيفية التعامل مع السوق، ثم أنشئت المؤسسات المالية بحيث يصبح جزء من التداول مؤسساتياً، بمعنى أن السوق ومتعامليها، بدأت بمتعاملين غير محترفين، وانتهت بتحسن كبير في وعي المتعاملين.

لذلك وجب على هيئة سوق المال السعودية رفع بعض القيود عن السوق؛ مثل رفع نسبة التذبذب إلى 15 في المائة، وبعد ذلك مراجعة الوضع وتقييمه، والنظر في رفع نسبة التذبذب إلى 20 في المائة من عدمه، راجياً أن تصل نسبة التذبذب إلى 30 في المائة، وكذلك تخفيف القيود عن «سوق نمو»، ولنترك الناس تتعلم دون أن نكون أوصياء عليهم. ودمتم.

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط