هل يمكن التميز في انتقاء الأسهم؟

07/10/2024 1
د. فهد الحويماني

انتقاء الأسهم هو المقدرة على اختيار السهم الناجح للفترة الزمنية المرادة، وهي ليست بالضرورة عملية صعبة ومعقدة كما يظن البعض، فهي في أبسط صورها تنطلق من الحس والبداهة والفطنة لدى الشخص قبل أي شيء آخر، ومع ذلك تتنوع عملية الانتقاء الناجح في متطلباتها وآلياتها ما بين مهارة التحليل وقراءة البيانات وإدارة المخاطرة المالية من جهة ومقدرة الشخص على الالتزام والصبر وضبط النفس من جهة أخرى، فما المقصود بالتميز في انتقاء الأسهم؟ وهل يستخدم في ذلك التحليل الأساسي أم المالي أم الفني، أم لا شيء من ذلك؟

التميز في انتقاء الأسهم لا يختلف عن الشطارة التقليدية في مجال التجارة، وجميعنا نعلم عن أناس لديهم الحس التجاري وسرعة اقتناص الفرص وحققوا نجاحات كبيرة دون الاعتماد على أي من الأسس المنهجية والعلمية في عملية الانتقاء ذاتها، ما يدل على أن الأساس الممكن الانطلاق منه يأتي من خلال الحس والبداهة والفطنة، وإن شئت الحذاقة والذكاء الفطري. ويمكن تشبيه الفارق بين التحليلين الأساسي والفني بأن المحلل الفني شخص يتجول في الأسواق ويأخذ إقبال الزبائن على المحال كدليل على نجاح المحل، وقد يعتمد على هذا الحس أو الاستنتاج فيقرر فتح محل مشابه على الفور، وكذلك المحلل الأساسي لم يقم بالاطلاع على تجهيزات المحل ودراسة حساباته المالية وقبل ذلك الوضع الاقتصادي العام والتوجهات المستقبلية إلا بعد أن قاده الحس والفطنة وحب الاستطلاع إلى ذلك.

هناك بالطبع من أعلن استسلامه في مجال انتقاء الأسهم وقرر شراء السوق ككل، بدلاً من تعب الانتقاء، وهؤلاء ينتمون إلى ما يعرف بالاستثمار الساكن في مؤشرات الأسهم، فيكسبون مع السوق ويخسرون معها، وهذا يختلف تماماً عن الاستثمار النشط الذي يتطلب المقدرة على الانتقاء. ولو نظرنا إلى أكبر المستثمرين الناجحين في العالم فهم بالطبع ليسوا من فئة الاستثمار الساكن، بل يعتمدون على أساليب انتقاء معينة، يمكن تقسيمها إلى التميز في انتقاء شركات القيمة أو شركات النمو، والفارق هنا كبير جداً، فشركة القيمة هي شركة لديها أصول قوية ومنتجة ومستقبل واعد لكن السوق لم تعطها حقها، أو لم تلتفت إليها كما ينبغي، وهو الأسلوب الذي يتميز به المستثمر الشهير "وارين بافيت". أما شركة النمو فهي شركة تعمل في مجال قائم أو جديد يتميز بتسارع نمو مبيعاته ولا يزال أمامه نمو أكبر من النمو الطبيعي للشركات الكبيرة الناضجة، وهو الأسلوب الذي تميز به "بيتر لينش".

هل يمكن الاعتماد فقط على الحس والبداهة في انتقاء الأسهم؟

لا شك أن الحس والبداهة وحب الاستطلاع من الخصال المفيدة في توجيه الانتباه إلى شركة ما أو مجال معين، لكن يجب أن تتبع ذلك عملية تحليل واستقصاء وبحث لتأكيد هذا الحس ودعمه بالبيانات والحقائق أو التراجع عنه في حال تبين عدم صحته أو جدواه. وكما أن مجرد قوة الإقبال على محل تجاري لا تعني بالضرورة ربحية المحل، فالاعتماد على التحليل الأساسي والبيانات المالية قد لا يكشف عن فرص واعدة ومهمة ولا عن وجود تحديات وتهديدات كبرى. لذا يمكن البدء بالحس والبداهة ومن ثم الأخذ بأي من أساليب التحليل وإدارة الاستثمار.

عملية الانتقاء في صورتها المثالية تتطلب من الشخص المقدرة على التعلم والتفقه في مجال عمل الشركة، والقيام بالحد الأدنى من قراءة البيانات المالية والاقتصادية، واتباع إستراتيجية معينة والالتزام بمبادئ التداول والاستثمار التي يحددها الشخص لنفسه لتتناسب مع طبيعته وشخصيته، وقد سبق أن ذكرت أهمية إعداد خطة يلتزم بها الشخص وتحتوي على سياسة التداول والاستثمار وتحتوي على ضوابط وبنود محددة وملزمة للشخص، مثل تحديد نسبة معينة لنمو المبيعات أو الأرباح ومستوى المديونية والتدفقات النقدية أو ضوابط تحليل فني محددة مثل أماكن الدعم والمقاومة ومستوى السيولة ومؤشرات القوة النسبية وغير ذلك، وإخضاع أي عملية شراء أو بيع لهذه السياسة التي يفضل أن تكون مكتوبة وملصقة على الجدار أمام المتداول في جميع الأوقات.

 

 

نقلا عن الاقتصادية