يمر العالم هذه الفترة في حالة من عدم اليقين حول قدرة الاقتصاد العالمي مواصلة النمو بشكل يضمن الاستمرارية السلسلة للأعمال والطلب على المنتجات بما لا يدفع الاقتصاد العالمي نحو تراجع أو انحسار بعد ما توجه تركيز البنوك المركزية في السنتين الماضية نحو محاربة التضخم، مهما كانت النتائج الأخرى فالبنوك المركزية حول العالم اتبعت خطوات الفيدرالي الأمريكي باعتبار أن كل ما يحدث من أثر لرفع سعر الفائدة هو أثر جانبي للهدف الرئيس خفض معدلات التضخم إلى المستويات المستهدفة، بدأ صندوق النقد الدولي مع استمرار سلسلة زيادات أسعار الفائدة بمراجعة معدلات النمو الاقتصادي العالمي بما يمثل انعكاس أثر الفائدة عليه وأثر ذلك في الأنشطة الاقتصادية. أسهمت معدلات أسعار الفائدة المرتفعة في البداية بزيادة التكاليف التمويلية على الشركات وما تبع ذلك من مراجعة الشركات حول العالم لمستهدفاتها من النمو، الإيرادات والأرباح كذلك، فهذا مستساغ بعد كل التغييرات التي طرأت على هيكل الاقتصاد بسبب تغييرات أسعار الفائدة المتواصلة التي دفعتها إلى مستويات قياسية هي الأعلى في 40 سنة.
وسط هذه الحالة من عدم اليقين تستند اقتصاديات الدول على قدرتها لتوليد النمو داخليا كما كان يحدث في الاقتصاد الصيني فالعالم كان يتابع النمو الاقتصادي لها في سنوات ما بعد 2008 عندما اندلعت الأزمة المالية العالمية ملقية بظلالها على الاقتصاد العالمي لتسبب بعدها وكأحد الحلول لهذه الأزمة بأن يعيش العالم وسط بيئة منخفضة لأسعار الفائدة كل هذه السنوات ما عزز نشاط الاقتراض، الأسواق المالية، أداء الشركات حفز الاستثمار الجريء وغيرها من الأوعية الاستثمارية الأخرى.
اليوم وبما أن العالم يمر بحالة من عدم اليقين بالنمو الاقتصادي العالمي وأيضا الطلب على السلع، مثل النفط أصبح لزاما العودة لاستذكار ما بدأه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء منذ 2016 عندما وضعت خطة إستراتيجية للبلاد لإعادة تشكيل اقتصادها وتنويع قاعدته من خلال استغلال موارد الأرض الأخرى وتوظيف التركيبة السكانية للبلاد والموقع الجغرافي لها لتعزيز التنوع الاقتصادي وبناء نموذج اقتصادي أكثر استدامه إن كان من خلال خطط إنفاق واضحة مستقرة أو من خلال تحفيز بناء قطاعات جديدة تنوع القاعدة الاقتصادية للبلاد وتعظم مصادر النمو وأيضا من خلال استقطاب الاستثمار العالمي واستقطاب المعرفة إلى السعودية.
وهذه الخطة الكبيرة بدأت تؤتي ثمارها للاقتصاد السعودي بمنظور يتسم بالحيادية من صندوق النقد الدولي والذي اصدر قبل أسبوع تقرير حول مشاورات المادة الرابعة ونتائج ما صنعته السعودية في سنواتها الماضية لتنويع جودة الإيرادات وتنويع قاعدة الاقتصاد وكذلك وكالات اقتصادية عالمية أصدرت تقاريرها حول المشاريع الكبرى التي تعمل السعودية على إقامتها الآن.
أظهر تقرير لنايت فرانك بأن ضمن أكبر 10 مشاريع عالميا هناك مشروعين سعوديين الثاني على الترتيب العالمي نيوم والسادس على الترتيب العالمي مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وقطار الخليج كمشروع خليجي مشرتك يقع الجزء الأكبر منه ضمن السعودية وإلى جانب ذلك فإن مجموع قيمة المشاريع الجديدة المعلنة منذ إطلاق الرؤية بلغ 1.3 تريليون دولار أمريكي ما يمثل خلق حراك اقتصادي داخلي يضمن استقرار النمو الاقتصادي المستدام وظهر ذلك عبر التقارير الدورية للمؤشرات الاقتصادية حيث تمكنت القطاعات غير النفطية من تسجيل نمو متواصل متزن هذا الحراك المحلي أدخل قطاعات جديدة إلى منظومة الاقتصاد المحلي وكذلك أحدث زيادة في الطلب على الإنتاج المحلي وهذا أظهرته أرقام شركات مختلفة يعتمد عليها ضمن القاعدة التأسيسية لهذه المشاريع.
نقلا عن الاقتصادية