على مر التاريخ أن أحد عوامل النجاح اقتصاديا دائما التمركز جيواقتصاديا، فكما يقال أين تجلس تقف!. للسعودية كما لغيرها خصوصية تفرضها الجغرافيا و الاستحقاقات الاقتصادية بناء على الموارد والتجارة و السياسة الاقتصادية. في ظل النزاعات الإقليمية و الخلافات بين الغرب ودول شرق آسيا خاصة الصين و الهند، بدأ للبعض وكان هناك خيارات مريحة وأن العلاقات تبادلية متجانسة. الأهداف والحاجة والتاريخ والمرونة تقود الخيارات. تغيرت الظروف العالمية على أكثر من صعيد، فهناك حالة استقطاب بين الدول المؤثرة عالميا لأسباب، منها الاقتصادية، وتنافس غربي مع الصين، واستياء دول الجنوب من الشمال ونزاعات مسلحة في المنطقة، رافق وربما نتيجة الصراعات ضعف الالتزام بأنظمة واتفاقيات منظمة التجارة الدولية، كما أن استعداد الغرب للحضر الاقتصادي والمالي ارتفع، لذلك نحن أمام بيئة اقتصادية وتجارية مختلفة عن الماضي بينما رغبة السعودية في التحديث الانفتاح أصبحت أعلى وبالتالي نقف أمام نقطة انعطاف مهمة بحكم التواجد الغربي في المنطقة تاريخيا وبالتالي التوجهات والعلاقات الاقتصادية والبشرية وحتى الثقافية والتعليمية أصبحت هناك درجة عالية من الترابط غير المتوازن غالبا لاختلاف موازين القوى، ولكن رغم عدم التوازن تحقق مصالح اقتصادية وفنية وتعليمية تعمقت مع الوقت في ظل غياب دول الشرق.
بدأت علاقات تجارية مع اليابان في الخمسينيات ومن ثم كوريا في السبعينيات، لكنها استمرت تجارية دون أبعاد ثقافية أو جيوسياسية غالبا لأن هذه الدول تحت مظلة الدول الغربية خاصة أمريكا. الجديد بدأ مع النهضة الاقتصادية في الصين ومن ثم الهند بدرجة أقل وتحول روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. نهضة الصين التجارية لم تجد توجسا غربيا في أول عقدين لكن منذ الألفية وبدأ هناك تصاعد في الموقف الغربي مع ارتقاء الصين السلم الاقتصادي والعلمي الفني، إلى أن وصلنا إلى حالة استقطاب شديدة.
الهند و روسيا لأسباب مختلفة وجدوا أنفسهم في حالة تمركز استقلالي عن الغرب، بالتالي أصبح الظرف مهيئا لمجموعة بركس مع دول أخرى قد لا تكون مؤثرة اقتصاديا بمفردها، لكنها مؤثرة جيوسياسيا، المجموعة بسبب عدم التجانس يصعب تحويرها اقتصاديا و ماليا في ميدان المال والاستثمار والعملة لكن التوجه معتبر. دعوة السعودية مع دول أخرى للنظام لمجموعة بركس تعبيرا عن أهميتها اقتصاديا، بل اأن العامل السياسي أصبح أقل أهمية في معادلة مصالحها و لكنه دائما حاضر خاصة أن أطراف الاستقطاب الدولي تحاول جذب دول المنطقة في ظل تصاعد حالة الاستقطاب.
من وجهة النظر السعودية هناك ناحية تاريخية وثقافية و بشرية وتعليمية مالية واقتصادية في علاقة مستمرة مع الغرب لأنها خدمتنا و لا تزال، بينما العلاقة متنامية مع دول شرق آسيا بسبب التجارة من حيث صادرات النفط ومشتقاته واستيراد البضائع والآلات التصنيعية وإعادة التموضع العالمي للجميع، والمرونة في العلاقة خاصة في فصل الثقافي عن الاقتصادي بين دول آسيا بسبب تجاربها الفتية مع تحديات التنمية. المحرك الأهم في العلاقة هو المصلحة الوطنية بالمفهوم الشامل الذي يجر لتعظيم المصلحة من خلال إدارة جميع العوامل والمحركات التي منها فرصة أعلى لممارسة سياسة تجارية انتقائية merchantlist state ومنها تعظيم المصلحه حسب عوامل القوة والضعف مع كل طرف عالمي دون خسارة أي طرف، ومنها المؤاومة بين الانفتاح الاجتماعي وتعميق المعرفة الفنية والعلمية. لذلك جاءت أهداف و خيارات السعودية التنموية لتقود إعادة تموضع متميز عن دول المنطقة و حصيف في عالم متقلب و محفوف بالأخطار.
نقلا عن الاقتصادية