في عالم المال، خصوصًا في قطاع الخدمات المالية، تُعتبر مفاهيم السيولة النقدية وكفاية رأس المال من أهم الأسس التي تُبنى عليها استراتيجيات المؤسسات المالية. ورغم ارتباطهما الوثيق بسلامة المؤسسات المالية، إلا أنهما يمثلان جوانب مختلفة من الإدارة المالية.
السيولة النقدية
السيولة النقدية تعني قدرة المصرف على الوصول إلى الأموال النقدية اللازمة لتلبية طلبات العملاء اليومية. بمعنى آخر، هي قدرة المصرف على تغطية جميع عمليات السحب النقدية بمختلف أشكالها دون الحاجة إلى بيع أصول مالية بخسائر كبيرة أو الاقتراض بفائدة مرتفعة. تُعد السيولة مؤشراً قوياً يعتمد عليه العملاء في مقارنة القوة المالية للمصارف. عندما تكون السيولة مرتفعة، فإن ذلك يعكس قدرة المصرف على تحويل الأصول إلى سيولة بشكل سريع وبدون تحقيق خسائر، مما يعني أن المصرف يتمتع بمركز مالي قوي، ويستحوذ على ثقة المودعين والمستثمرين والمساهمين.
كفاية رأس المال
من ناحية أخرى، كفاية رأس المال هو مصطلح يوضح العلاقة بين الأموال التي يمتلكها المصرف أو الشركات والمخاطر المحيطة بموجودات هذه المنظمات. بالنسبة للمصرف، رأس المال الكافي يشمل الأموال الخاصة التي يمكن استخدامها في الأعمال. تعتبر كفاية رأس المال من أهم الأدوات التي تستخدم للتعرف على ملاءة المنظمة وقدرتها على تحمل الخسائر المحتملة أو الإعسار. وهي تهدف إلى المساعدة في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي للمنظمات. كلما انخفض رأس المال، زاد احتمال إعسار المنظمة تبعًا لدرجة ملاءتها المالية.
كذلك، يُعتبر كفاية رأس المال الحد الأدنى من رأس المال المتاح أو الاحتياطي الذي تطلبه الجهات الرقابية مثل البنك المركزي من البنوك مقابل عمليات التمويل. تعرف هذه النسبة أيضًا بنسبة الأصول المرجحة برأس المال إلى المخاطر (Capital to Risk Weighted Assets Ratio - CRAR)، وهي نسبة مئوية من حجم الائتمان المعرض للمخاطر تُستخدم لمنع البنوك من الدخول في مديونيات متزايدة قد تؤدي لتعثرها المالي.
نظرًا لأن تاريخ المصارف مليء بالأزمات المالية، فقد تم وضع قوانين وقيود خارجية على البنوك من قبل مصدرين رئيسيين:
•البنك المركزي في دولة المصرف،
•وبنك التسويات الدولي (Bank for International Settlements - BIS).
وذلك بهدف تحسين قياس الملاءة المالية للمصارف على مستوى العالم، أقرت لجنة بازل الدولية لمراقبة البنوك، والتي مقرها سويسرا، في عام 1988 معيار "بازل 1".
بازل 1: ركز على مخاطر الائتمان ووضع معايير لقياس ملاءة المصرف من خلال تحديد حجم رأس المال مقارنة بحجم الأصول الخطرة المرجحة بأوزان المخاطر داخل وخارج الميزانية، بحيث لا يقل حجم رأس المال عن 8%.
بازل 2: في عام 1999، طورت لجنة بازل هذا المعيار ليتواكب مع الزيادة في درجات المخاطر المالية والمخاطر التشغيلية والائتمانية، ومخاطر السوق والإدارة. استخدم معيار بازل 2 أساليب متقدمة لقياس المخاطر المختلفة لتحديد مستويات رأس المال المطلوبة للمصرف.
بازل 3: بسبب الأزمة المالية العالمية في عام 2008، تم الاتفاق على مجموعة من القواعد الجديدة التي تهدف إلى زيادة رأس المال الاحتياطي الذي يجب أن تحتفظ به المصارف لمواجهة الخسائر المحتملة. تم تحديد موعد نهائي للتطبيق التدريجي للقواعد في يناير 2013، والالتزام الكامل بالتطبيق في عام 2019.
وفي ديسمبر 2022، أعلن البنك المركزي السعودي عن بدء التطبيق الرسمي لإصلاحات بازل 3 الأخيرة في البنوك المحلية ابتداءً من 1 يناير 2023، تماشيًا مع الجدول الزمني المتفق عليه دوليًا من قبل لجنة بازل للإشراف البنكي.