الصناعة وبرنامج 1000 ميل وتحدياته

26/06/2024 0
د.صالح السلطان

استهدفت الرؤية بناء اقتصاد يتصف بقوة التطور والاستمرارية والرسوخ وقلة الاعتماد على دخل النفط. وتبعا جرت برامج تصب في تحقيق الأهداف. منها برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية "ندلب". وبين هذا البرنامج وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست" تعاون لخدمة رواد الأعمال في الصناعة والخدمات اللوجستية. ومن ذلك برنامج ألف ميل الموجه لتدريب رواد الأعمال في القطاعين الصناعي واللوجستي، وذلك لتعزيز مفهوم ريادة الأعمال والإدارة في القطاعات ذات النمو المرتفع، وفي العام الماضي أطلق ولي العهد الاستراتيجية الجديدة لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست" الهادفة إلى تحويل العلوم والأبحاث إلى ابتكارات متنوعة ذات مردود اقتصادي، ومعززة للشراكات الدولية والمحلية، ما يسهم في تحقيق أهداف رؤية 2030، وأهم مؤشر تعمل الرؤية على تحقيقه هو رفع حصة القطاع الصناعي غير تكرير النفط في الناتج المحلي إلى نحو 20 %، أي ضعف الحصة تقريبا في بداية الرؤية. وهناك هدف رفع نسبة اليد العاملة السعودية، وأهداف أخرى متفرعة من رفع إسهام القطاع الصناعي.

طبعا تحقيق الطموحات لا يخلو من تحديات. وقد خصصت وثيقة التحول الوطني للرؤية بعدها السابع لطرح مبادرات، خلاصتها عمل كل ما يمكنه أن يسهم في تذليل التحديات والعقبات التي تواجه تنمية القطاع الخاص، وتواجه الخيار الاستراتيجي للتصنيع، من التحديات الكبيرة المنافسة الخارجية، فالعالم يشهد منافسة قوية، وقد رأينا كيف أن أمريكا بقوتها الاقتصادية والتقنية والصناعية خاصة واجهت صعوبات في منافسة الصناعة الصينية وغير الصينية، يقف الدعم الحكومي أو إعانات الصناعة على رأس وسائل مواجهة هذه المنافسة، وليس هناك تعريف محدد جامع مانع لما تعنيه عبارة إعانة صناعية. لكن لنا أن نقول: إن الإعانة هي أي مساعدة حكومية حيث تسمح للمشتري -المستهلك أو المنتج- بالحصول على السلعة أو الخدمة بسعر أقل من السعر الذي سيتقرر دون تلك المساعدة. 

ولا يشترط أن يكون الحصول على المنفعة الحكومية مباشرا، فإن التنظيمات الحكومية التي فيها محاباة للقطاع الصناعي أو أحد قطاعاته الفرعية التي لا ترتب على الحكومة نفقات، ولا تفقدها إيرادات، فإن هذه التنظيمات تعد إعانة غير مباشرة. وهناك أنواع عدة للإعانات، لكن بحثها خارج نطاق المقال، خلاف الإعانات، تدعم الدولة الصناعة بطرق أخرى غير مباشرة. من أمثلة ذلك فرض رسوم جمركية. وهذا موضوع طويل في تفاصيله، ومن الأمثلة اشتراط الدولة وشركاتها نسبة ودرجات من المحتوى المحلي لكل متعهد يقدم خدمات للحكومة أو شركاتها بمقابل. بل للدولة أن تخطو خطوات أبعد من ذلك أن تشترط قدرا من المحتوى الصناعي المحلي على كل من يحصل على مساعدة حكومية أو قرض حكومي.

وحتى لا يساء فهم واستغلال ما تقدمه من دعم توضع قواعد وضوابط ومعايير يعرف منها اهتمام المصانع بتحسين منتجاتها، ورفع قدرتها التنافسية. وخلاف المنافسة، يجري الاهتمام بتصميم وتنفيذ السياسات العامة من اقتصادية وغير اقتصادية بهدف زيادة نسبة المحتوى المحلي وزيادة تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاع الصناعي، ومن الموضوعات التي أعطتها الرؤية والاستراتيجية الصناعية اهتماما قويا مسألة التجمعات الصناعية وتوازن التنمية، وتحقيق التنمية المتوازنة خارج نطاق المدن الكبرى، وهناك مسألة بالغة الأهمية. وهي نقل وتوطين التقنية، ذلك أن التقنية تحتل دورا حاسما في زيادة الإنتاجية، ما ينعكس مباشرة على المقدرة التنافسية للمنتجات الصناعية، وخلاف ما سبق أشير إلى موضوعات أخرى على رأسها تطوير الإدارة الصناعية والقوى العاملة السعودية في مجالات صناعية، والتعامل مع تشريعات ومستجدات دولية.

 

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية