تظهر بين الحين والآخر حالات تقوم بها بعض الشركات، من خلال مجالس إداراتها، بعمل كل ما في وسعها لمنع أو إعاقة شركة أخرى من الاستحواذ على جميع أسهم الشركة متى شعر مجلس الإدارة أن عملية الاستحواذ غير مناسبة. آخر حالة من هذا النوع ما قامت به شركة تعدين عملات مشفرة قيمتها السوقية نحو مليار دولار من التصدي لعملية امتلاك أسهمها من قبل شركة تعدين أكبر منها، رغم أن سعر الشراء أعلى من سعر السوق بنحو 20 %، ما أسباب التصدي لعمليات الاستحواذ، وهل ذلك من مصلحة المساهمين أم فقط من مصلحة إدارة الشركة؟ وهل يوجد هذا النوع من الممارسات في السوق المالية السعودية؟
هناك طرق للتصدي لعرض الاستحواذ تبدأ باعتماد خطة لحقوق المساهمين تشتمل على ما يعرف بالحبة المسمومة، التي من أساليبها قيام الشركة المراد الاستحواذ عليها بشراء أسهمها من جميع المساهمين عدا الأسهم التي تم شرائها مبدئياً من قبل الشركة الراغبة في الاستحواذ، وذلك يؤدي إلى رفع سعر السهم السوقي ويجعله مكلفاً على المشتري، فتفشل العملية. وفي حال لم تنجح هذه الطرق تقوم الشركة المراد الاستحواذ عليها بتسميم الشركة بعدة طرق تجعلها مكلفة وغير جذابة للشركة الراغبة في الاستحواذ، مثلاً استرجاع جميع السندات المصدرة بقيمها الاسمية، أو تعديل نسب التصويت في مجلس الإدارة بحيث تعيق عملية الاستحواذ، أو تضمين عقود كبار الموظفين مكافآت ضخمة وتسريع امتلاك أسهم حقوق الموظفين في حال حدوث استحواذ، أو إقرار حد أدنى لسعر الاستحواذ، يكون مبالغ فيه نوعاً ما، أو أن تمارس الشركة أساليب مماطلة برفع شكوى قضائية ضد العملية، أو القيام بضربة استباقية لبيع أهم أصول الشركة بشكل يفقد الشركة جاذبيتها ويصد عنها الجهة الراغبة في الشراء، علاوة على أساليب أخرى أقل عدائية بهدف طرد الجهة الراغبة في الاستحواذ كأسلوب 'الابتزاز الأخضر'، ويقصد بها قيام الشركة المراد الاستحواذ عليها بشراء الأسهم المملوكة حالياً من قبل الشركة الراغبة في الاستحواذ لإغرائها بالعدول عن قرارها.
ليست كل الدول تسمح بهذه الممارسات، وبعضها تمنعها تماماً، وبعضها يسمح بها فقط في حال إقرارها من قبل الجمعية العامة للمساهمين، لذا هناك جدل حول ما إذا كانت برامج التصدي هذه مفيدة للمساهمين أم لا، وتشير الدراسات أن الشركات التي لديها مثل هذه البرامج لا تفقد بالضرورة فرص الاستحواذ، بل إن وجود هذه البرامج يرفع من سعر الاستحواذ لمصلحة المساهمين، لكون المستحوذ يأخذ ذلك في الحسبان من البداية. ولكن في كثير من الحالات السبب خلف ممارسة أساليب التصدي يعود للتخوف من فقدان مجلس الإدارة سيطرته على الشركة والحفاظ على مصالح أعضائه، أنظمة السوق المالية في المملكة تناولت مسألة الاستحواذ بكثير من التفصيل، وجعلت من يمتلك 10 % أو أكثر من أسهم أي شركة خاضعاً للنظام، ومنعت مجلس الإدارة من القيام بأي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى عدم قبول العرض وحرمان المساهمين من الفرصة، إلا من خلال موافقة الجمعية العامة. كما أن الأنظمة تنص صراحة على أن مجلس الإدارة مطالب بالتصرف وفقاً لمصلحة المساهمين، ودون النظر إلى ما يملكونه من أسهم ولا إلى أي من مصالحهم الأخرى، كما عليهم أخذ مصالح أي أطراف أخرى ذات علاقة، مثلاً الدائنين والموظفين، ويمنع عضو المجلس من التصويت متى كانت هناك علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالجهة الراغبة في الاستحواذ.
هناك تفاصيل أخرى لمسألة الاستحواذ وطرق التصدي لها، ولكن في الختام على المساهمين في الشركات المرشحة للاستحواذ التأكد من خلو أنظمة شركاتهم من أي فقرات تنظيمية، وجدت بحسن نية أو بسوئها، بهدف التصدي لأي عمليات استحواذ محتملة، بالذات تلك الفقرات المصممة لخدمة مجلس الإدارة أكثر من المساهمين.
نقلا عن الاقتصادية
مافيه شيء اسمه عملية تعدين عملات مشفرة لأنها كلها وهم و لاتسوى قيمة المنصات التي تدار منها
رائع
د/فهد الحويمانى، مقالك عن الاستحواذات جيد بالمعلومات والمقارنات.. لسوقى التداول السعودى والامريكى...وتحياتى وتقديرى واحترامى لك... لهذا الجهد الرائع ...