لماذا خفتت منصات التمويل الجماعي بالملكية؟!

11/06/2024 2
ثامر السعيد

تستمر هيئة السوق المالية السعودية في دورها الداعم لمناشط الاستثمار المختلفة وتأييدها لنماذج منصات استثمارية مستحدثة وأوعية استثمارية جديدة من خلال التشريعات والتنظيمات التي تعمل على تحديثها وكذلك عبر البيئة التجريبية للمبادرات الاستثمارية الجديدة، شأنها شأن البنك المركزي السعودي كذلك. لعل أميز التحديثات التي أجرتها هيئة السوق المالية على الاستثمار اعتمادها لمنصات التمويل الجماعي بالملكية ومنصات التمويل الجماعي بالدين وكذلك الصناديق الاستثمارية المخصصة للتمويل المباشر إلى الوصول إلى تحفيز سوق الدين من خلال طرح وإدراج مزيد منها إلى السوق المالية، يشترك المشرع والمؤسسات المالية والمتعاملين بدرجة من المرونة فيما يخص تطويع التشريعات واستعمالها بما يخدم مصلحة تطوير السوق وتوفير أدوات استثمارية إضافية للمتعاملين وتمكين مؤسسات السوق لتقديم منتجات استثمارية جديدة تضاف إلى قائمة المنتجات السائدة. رغم أن المنتجات الاستثمارية الجديدة وبشكل طبيعي عند دخولها حيز التنفيذ والتقديم إلى الجمهور تأخذ وقتها حتى تصل إلى المرحلة المطلوبة من النضج وصولا إلى تحولها إلى منتج اعتيادي.

يندر أن يقدم إلى السوق منتج مالي لا يجد رواجا، فعلى سبيل المثال في بدايات طرح صناديق التمويل المباشر والتعامل معها بادرت بعض الشركات المالية في تأسيس مجموعه منها في العام 2022 بعدد لم يتجاوز 4 صناديق إلا أنها استطاعت جمع ما يزيد عن 550 مليون ريال سعودي في بداياتها، وصولا إلى مزيد من الطلب عليها كمنتج خصوصا مع تغير البيئة المصاحبة لأسعار الفائدة التي شهدت تغيرا متسارعا، هذا القبول للمنتجات الجديدة يشبه في حاله كثيرا من المنتجات الاستثمارية المستحدثة التي قدمت إلى السوق حتى عبر منصات التمويل الجماعي بالدين المستمر حتى الآن، إلا أن منصات التمويل الجماعي بالملكية المختلفة شهدت في بداياتها نشاطا ملاحظا إن كان في التصاريح والفرص المطروحة وكذلك من خلال إقبال الجمهور عليها للإسهام في ملكيات شركات صغيرة تبحث عن التوسع وتعظيم أحجامها على أن تكون هذه الخطوة الأولى في طريق التعامل مع مزيد من المساهمين وصولا إلى الطرح في السوق المالية الذي أصبح أقرب بوجود السوق الموزاية "نمو"، في 2022 كان حجم صفقات التمويل الجماعي بالملكية 139 مليون ريال سعودي فقط رغم أنه صغير مقارنة بأحجام الأصول المدارة، إلا أن هذا النشاط لم يستمر، فقد خفت مع علو صوت الاستثمار الجماعي بالدين الذي أصبح يقدم عوائد مغرية للمستثمرين وعلى آماد قصيرة تتطلب جهدا أقل من المنصات وعائدا أسرع بالنسبة للمستثمرين، كذلك فيما يخص المنصات فإن الفجوة التمويلية الحالية أصبحت أكثر إغراء وأعظم ربحية لها من فرز وبحث الفرص لتقديمها لتمويل يتمثل بالملكية المباشرة في تلك المنشآت.

قد يظهر هذا أن الطرح في السوق الموازية منافس لها إلا أنه لا يمثل في الحقيقة تلك المنافسة ولا زال كثير من المنشآت التي تتسم بالفرصة تتضور لسبل تمويل تدعم نموها واستمراريتها. هذه ليست إيجابية حالمة وإنما نتيجة تقديرية لأنواع الدعم المقدمة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة مع الإبقاء على التذكير أنه ليس مشروطا أن تكون كل الصفقات عبر هذه المنصات صفقات ناجحة فجزء من مخاطرها ألا تسير الأمور بالشكل المطلوب شأنها شأن أي عمل تجاري آخر وأي فرصة استثمارية أخرى، أصبح من الملائم الاقتراح لمنصات التمويل الجماعي بالملكية العودة لتحفيز هذه السوق الواعدة التي من شأنها تعزيز دور المنشآت الصغيرة بشكل أكبر.

 

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية