أصول سلوك البشر الاقتصادي

05/06/2024 0
د.صالح السلطان

المقصود بالأصول المبادئ الأساسية التي تحكم تصرفات البشر في أمور المعيشة والاقتصاد عامة، الأصول كثيرة من حب المال وغيره. وبعضها أيدته نصوص شرعية، من ذلك مثلا ما جاء في حب المال. والحديث في ذلك طويل. هذه الأصول هي المستند في بناء العلوم الاجتماعية من اقتصاد وغيره. وتبعا تستند تحليلات تلك العلوم إلى تلك الأصول. وتتصف تلك الأصول وما يبنى عليها من تحليلات بصفات تخالف في حالات كثيرة رغبات النفوس، ما يجعل نتائج التحليلات مكروهة لدى كثيرين.

ما يلي سرد بأهمها في عموم البشر.

من الأصول البحث عن المصلحة الخاصة والاختيار من بين عدة خيارات. وأساس ذلك أن الموارد لها حدود، أو ما يعبر عنه بمحدودية الموارد. في المقابل الرغبات غير محدودة، ولذلك لا يمكن الحصول على كل ما تشتهيه النفوس. وقد رزق الله البشر عقولا تسترشد بها في تصرفاتها، ويعطيها الفرص للحصول على عدة بدائل من السلع والخدمات، كما يمكن توزيعها على أكثر من فترة زمنية، ولذا لا بد من الاختيار. ويبنى على الاختيار وجود الأسواق، كل شيء (تقريبا) له ثمن. ويتحدد الثمن من خلال التفاعل بين المشترين والبائعين في الأسواق. ومن ثم تتوزع السلع والخدمات. وكل ما سبق يتطلب دورا للسلطات والمؤسسات والتنظيمات والقوانين والنظم للمؤسسات وتنظيمات السوق والنظم الاقتصادية في الاختيار ومراقبة وتنظيم الأمور وتحقيق المستويات المعيشية. من الأمثلة الشركات والمحاكم والأحكام الشرعية والقانونية... إلخ.

ما سبق له مفاهيم متعلقة، كمحددات العرض والطلب غير السعرية، ومحددات العرض والطلب السعرية، أو ما يسمى بقانون العرض والطلب. ما دور المنافسة في كل ذلك؟ تعمل على خفض التكاليف والأسعار، وعلى دعم توسع الأسواق، المعايير أو المواصفات السابقة ليست خاصة بطائفة من البشر، بل هي صفات بشرية، بغض النظر عن الدين أو الموقع الجغرافي، وهناك نصوص تؤيد بعضها، كقوله سبحانه "وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبًّا جَمًّا"، سورة الفجر. حب الدنيا، فالاستزادة منها تدفع الإنسان إلى السعي لتحقيق أقصى إشباع أو منفعة من الدنيا. وتطبيق الشريعة لا يلغي هذا الحب طبعا، لكنه يضبطه بضوابط، طبيعة البناء الاقتصادي مؤثر أساسي. والمؤسسات ذات الطبيعة الاقتصادية كالمصارف والمنشآت تتطور في اقتصادات السوق.  

للسلطة الحكومية دور في قدر تحقيق ما سبق. لها دور أساسي في مراقبة اقتصاد السوق وسلامة عمله. ومن ذلك معالجة معوقاته، وتحديد وحماية حقوق الملكية، ومحاولة جعل الأسواق أكثر قدرة على المنافسة. كما أن لسياسات الحكومات دورا في توزيع الدخل. ومن المهم أن يكون لذلك فوائد تفوق التكاليف المباشرة للتدخل الحكومي، ترتبط بما سبق مفاهيم وعوامل وأسماء، كالإيرادات، والاحتكار الطبيعي وغيره، وإعادة توزيع الدخل، والضرائب، والمدفوعات التحويلية، والسندات، والمحافظة على المنافسة، وحقوق الملكية، والسلع العامة، والمحافظة على التنظيم، من الأمور المتعلقة بما سبق في كل دولة السياسة النقدية وسياسات المالية العامة. وترتبط بها مفاهيم مثل معدلات الفائدة ومستويات الإنفاق الحكومي والدين الوطني، وسعر الخصم، وعمليات السوق المفتوحة، ومتطلبات الاحتياطي. ولكل منها تأثير في الواقع الاقتصادي والتوقعات بشأنه في أمور مثل التوظيف، والإنتاج، والأسعار.

في عالم الاقتصاد، يحاول المتخصصون تصوير أو وصف وتفسير الواقع الاقتصادي وما يبنى على هذا الواقع من توقعات مستقبلية، أخذا في الحسبان الأصول المؤثرة في سلوك البشر الاقتصادي، وطبيعة الأوضاع والظروف المحيطة. ومن المهم هنا التنبيه على نقطة. إعطاء توقعات لا يعني بالضرورة رغبة أو عدم رغبة في وقوع هذه التوقعات. وبالله التوفيق.

 

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية