العلاقات الاقتصادية الدولية دائما حاضرة ومهمه في الشأن الاقتصادي و إدارته وطنيا لجميع الدول بل أن الأهمية تزداد كلما كانت البلد أصغر نسبيا وبالتالي أكثر اعتمادا على التجارة الدولية من ناحية وكلما كانت في مرحلة التهيئ والانتقال من مرحلة إلى أخرى في سلم التقنية وما يتبعها من استحقاقات اقتصاديات التنمية من ناحية أخرى، في هذا الصدد جاءت زيارة الرئيس الروسي بوتين إلى الصين وتنامي وتعمق العلاقة الاقتصادية بين البلدين وارتفاع وتيرة الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين خاصة بعد فرض الرسوم العالية على السيارات الكهربائية الصينية وتهديد دول غربية أخرى بخطوات مماثلة، وكذلك تعمق التباعد بين روسيا والغرب اقتصاديا. لذلك يمر العالم بحالة استقطاب غير مسبوقة ربما منذ ثلاثينيات القرن الماضي لأن الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي وأمريكا بعد الحرب الثانية لم تكن اقتصادية في الجوهر بالرغم من الدور الاقتصادي الحاضر دائما والذي كان له دور حاسم في سقوط الاتحاد السوفيتي. الاستقطاب أحيانا يتطلب تمحور العلاقات الخارجية حول الطرفين في علاقة يغلب عليها الموازنة وكذلك العلاقة مع أطراف اقل حده مثل الهند والبرازيل حيث الهدف يستمر بالبحث عن شركاء في نقل التقنية والأسواق.
منطقيا حالة الاستقطاب تسمح بالنفعية الإيجابية لاستغلال التنافر، فنيا تسمى الحالة arbitrage اي الموازنة بين المصالح بين أطراف متنافسة تسمح باختلاف الأسعار وأهمية جذب الأطراف. الصين أكبر مستورد لأهم سلعه نصدرها وكذلك مصدر لسلع كثيرة وعلاقات تجارية واقتصادية واسعه. بينما العلاقة الاقتصادية مع الغرب أقدم ولها جوانب جيواستراتيجية وثقافية وبشرية تكونت على مدى عقود أفادت السعودية بوضوح. لذلك الخيار الأمثل في استمرار العلاقة بل تعميقها مع الطرفين لأسباب موضوعية مصلحية بعيدا عن أي تؤوليات سياسية خاصة أن جوهر الرؤية الحكيمة في الانفتاح الثقافي والتطوير الاقتصادي. في أدبيات السياسة الخارجية يقال دائما أن أهداف السياسة الداخلية تحدد نمط العلاقات الخارجية. هناك نقاط تقاطع كثيرة لذلك استخدمت مصطلح الانتفاع. أحد الأبعاد المهمة أيضا في ضعف المؤسسات العالمية بسبب التسيس مثل وكالة التجارة الدولية، والحد من الدعم الذي يدعي كل طرف أنه يستغل من الطرف الآخر، واتفاقيات الحد من الكربون وغيرها من قنوات التنظيم والتعاون الدولية خاصة أن البعض منها يوظف من قبل الدول الأكثر نفوذا.
من هذه التقاطعات دور اللغة والتعليم والتمازج المعرفي والتعليمي بين المملكة والغرب وخاصة أمريكا ومحور الصناعة النفطية وتكوينها التاريخي والحاضر مقارنة بصعوبة اللغة الصينية وضعف التمازج المعرفي والتعليمي رغم من البعثات الحديثة وتفوق كثير من السعوديين في تعلم اللغة. ولكن منها أيضا استعداد الصين في نقل بعض المعارف ورخص التكلفة النسبي وربما سهولة نقلها خاصة أن بعض المعايير الأمريكية قد تكون أعلى تكلفة وأقل استعداد لنقلها، وأحيانا صعوبة النقل لاختلاف المرحلة الاقتصادية وبالتالي ضعف التواصل بالرغم من سهولة التواصل اللغوي مقابل التواصل العملي مع الصين بالرغم من ضعف التواصل اللغوي، الخارطة التجارية والتجربة السياسية للسعودية تدل على قدرات فائقة في إدارة هذه الموازنات ومحاولة تعظيم المصلحة الوطنية. الفن في القدرة على الحفاظ في علاقة يسودها السلام والوئام مع أكبر عدد ممكن وخاصة الدول النافذة وبعين على المصلحة الاقتصادية وخاصة في ميدان نقل التقنية وفتح مزيدا من الأسواق للصادرات الوطنية.
نقلا عن الاقتصادية