البرامج الرياضية في الفضائيات: هل نجحت بمواكبة المشروع الرياضي ؟

15/05/2024 2
محمد العنقري

نقترب من نهاية أول موسم لدوري روشن لكرة القدم والذي يعد بداية مرحلة جديدة في مستقبل الكرة بالمملكة بعد اطلاق مشروع التخصيص والاستثمار الرياضي، والذي بدا بتملك صندوق الاستثمارات العامة بأربعة اندية، وكذلك تخصيص اندية اخرى استحوذت عليها جهات وشركات، كما ان المرحلة الثانية من التخصيص اطلقت وينتظر الاعلان مستقبلاً عن دخول مستثمرين بالعديد من الاندية؛ فالاهداف للمشروع كبيرة وطموحة ونابعة من توفر كل الامكانيات لتحقيقها خصوصاً اعداد منتخبات للمستقبل تشارك بتنافسية في البطولات التي ستستضيفها المملكة في عام 2027 بطولة كأس آسيا وايضا كأس العالم عام 2034 بخلاف العائد الاقتصادي من بناء دوري تنافسي وبفكر اداري وفني واستثماري مختلف عن العقود الماضية، فهذا الموسم ليس الا البداية، وسيكون هناك تقييم له بقصد التطوير للمواسم القادمة ولا يمكن لاي مشروع ضخم ان يكون خالياً من التحديات في بداياته فدائماً تظهر الاحتياجات التطويرية ومعالجة اي تحديات خلال التنفيذ العملي ، لكن المشروع الرياضي وان كان بدأ من الملعب أي باستقطاب أسماء لاعبين من الاشهر عالمياً، وكانوا نجوم اكبر اندية اوروبا في اقوى الدوريات والاندية مع هيكلة واعادة تنظيم بعمل الاندية تدريجياً، وهو بالتأكيد البداية الطبيعية بالاضافة للاعلان عن تطوير وبناء العديد من الملاعب والمنشآت الرياضية المساندة الا ان هناك جانبا في غاية الاهمية يساهم تطويره بدعم المشروع وهو الاعلام الرياضي الذي رغم انه يحظى بالمتابعة الاكبر بين مختلف انواع الاعلام الاخرى كالسياسي والاقتصادي والثقافي.

إلا انه بالمجمل مازال متأخراً عن اهداف المشروع الرياضي كثيراً فرغم اهمية حيوية الساحة الرياضية بالاراء والجدل والمشاركات التي تحمل طابع الندية والاعتزاز بالنادي الذي يميل له اي جمهور، فهي ملح اشعال المنافسة وتحفيز اللاعبين والاندية لتحقيق افضل النتائج، لكن دور الاعلام المهني تقديم الفائدة والقيمة المضافة للمتلقي وليس تعزيز التعصب وتبرير الاخطاء التي تقع بها الاندية ادارياً او فنياً ومحاولة تعليقها على شماعة اصبحت مستهلكة دون النظر بواقعية لحال الاندية بمختلف الجوانب؛ فالمباراة 90 دقيقة والبعض يختزلها بدقائق محدودة جداً، حدث فيها ما يعتقد انه خطأ تحكيمي وينسى ان هناك وقتا طويلا لم يقدم فيه اللاعبون اي مستوى يستحقون معه ننيجة افضل وهو نوع من جذب انتباه المشاهد للمربع الذي يريد وابعاده عن حقيقة واقع النادي والخلل الذي يعيشه وما يحتاجه لتصحيح مساره، فهو يضر النادي عن غير قصد اكثر من ان يكون عبر عن حبه له وامنياته بتحقيق افضل النتائج.

فاغلب البرامج الرياضية حالياً تركز على ان يكون الضيوف اصحاب ميول واضحة ومتعصبة فتظهر الاراء خالية من القيمة الحقيقية بل اصبح كل متابع يعرف مسبقاً ماذا سيقوله اي مشارك بهذه البرامج، فلا يوجد تحليل للخطط ولاسباب قرارات المدرب في خطته او اي تحولات تحدث اثناء المباراة بأسلوب يتماشى مع تطور عالم التدريب عالمياً اضافة للقراءات التي يدلي بها اغلب الصحفيين بتلك البرامج، والتي تقوم على اظهار عيوب المنافس وتمجيد النادي الذي يميل له في حال الفوز او في حال الخسارة يتم تعليقها على شماعة التحكيم او اي طرف خارجي، بينما يتم دائماً تبرئة النادي من اي خطأ ظاهر وبائن وهي سياسة خاطئة فأول حل لاي مشكلة هو الاعتراف بها وليس الهروب منها، كما ان مثل هذا الطرح يسطح صناعة كرة القدم ولا يضيف اي معلومات للجماهير تظهر لهم صعوبة هذه الصناعة؛ فهي لم تعد بقوانين مرحلة دوريات الهواة كما في السابق، بل مهنة لها اصولها وقوانينها واساسياتها لكي تنجح ، فالفريق الفني لاي ناد يضم خبراء من مختلف التخصصات لكي يجهزون اللاعبين لموسم طويل يلعبون فيه من 40 الى 50 مباراة يتنقلون فيه كثيراً وبظروف مناخية مختلفة ويتعرضون للاجهاد والحاجة للاستشفاء والتجهيز المستمر الا ان ما نراه بالبرامج الرياضية مجرد سرد وآراء لا تنقل المشاهد لواقع عالم كرة القدم الحقيقي الحالي وتعقيداته، فهناك حاجة حقيقة لاطلاق برامج بأساليب مختلفة ونوعية محللين ذات تخصص وخبرة عالية كالتي نشاهدها بالقنوات الاجنبية المحترفة؛ فاغلب البرامج لدينا متشابهة بالمضمون واصبحت مكررة ولا ترتقي لمستوى المشروع الطموح ومنافعه واهدافه.

مفهوم الاثارة في الاعلام الرياضي يحتاج لتصحيح فهو ليس قائم على كيف يحرج الضيوف بعضهم وتكريس الانفعالات والتعصب الذي ادى لانعكاسات في الشارع الرياضي وضغط على الجماهير، بل نسمع قصصا عن تأثر بعضهم صحياً بسبب الاراء المتعصبة التي تصدر من برامج رياضية وعلى منصات التواصل الاجتماعي؛ فكرة القدم بالنسبة للجماهير يفترض ان تكون للترفيه بالمقام الاول ولا يجب ان يكون الطرح الاعلامي يصل بالبعض لان يعتبر خسارة ناديه وكأنها كارثة حلت به فالكرة فوز وخسارة وتعادل ومن لم يحصد لقباً في عام فليستعد وسيحققه بعام لاحق؛ فالشعوب التي لديها دوريات كبرى وقديمة جداً تقف مع الاندية التي تميل لها وتعي مدى صعوبة الموسم عليهم وتقدر الجهد المبذول وتنتقد ادارات الاندية عند التقصير، لكن لا تبحث عن شماعات تعلق عليها الاخطاء لتخدير الجماهير ليتقبلوا تراجع انديتهم واظهار الادارة بانها غير مخطئة ولإخفاء القصور بالنادي فهذا الوعي بتلك الدول لعب الاعلام والبرامج الرياضبة دوراً كبيراً في توعية الجماهير ووصولهم لفهم اكثر لهذه الصناعة التي اصبح حجمها عالمياً بمئات المليارات من الدولارات وتعد مصدر رزق للملايين حول العالم.

 

 

 

 

نقلا عن الجزيرة